"تعميم النصيحة" حينما تعطي تأثيرا عكسيا ومؤذيا

تعميم النصيحة حينما تعطي تأثيرا عكسيا ومؤذيا
تعميم النصيحة حينما تعطي تأثيرا عكسيا ومؤذيا
ديمة محبوبة – نصائح تعمم وتطلق من هنا وهناك، يتفنن البعض بتقديمها وبمبادرة شخصية، أو حينما تطلب منهم، معتقدين أنها قابلة للتحقيق في كل زمان ومكان وعلى جميع الأشخاص. وكثيرا ما يسمع الفرد جملا ونصائح يتم توجيهها له عند معاناته من أي مشكلة سواء في علاقاته وشراكاته أو بالجانب المهني والوظيفي، وحتى في كيفية التعامل مع المشكلات النفسية التي يواجهها، رغم أن تلك النصائح مبنية أساسا وفق من يطلقها، وعلى تجارب نجحت لمن اتبعها. ويطلق الناصحون العديد من العبارات مثل: “تصرف هكذا وسترى كيف النتائج ستصب لصالحك”، “أنا لو كنت مكانك ما بتصرف إلا بهذا الشكل”، “حياتي من غير فلان أفضل وأنت لازم تتصرف مثلي”، “أنا سكرت قلبي وعايشة براسي ومرتاحة اعملي مثلي”، وغيرها العديد من النصائح التي يتم توجيهها من قبل البعض من دون مراعاة أن كل إنسان تختلف ظروفه عن الآخر. الكثير من الجلسات يشكو فيها الناس همومهم لبعضهم البعض بحثا عن النصح لعله يساعدهم على خوض علاقات ناجحة وعيش حياة أفضل، ولكن هل يدرك الناصح ظرف الشخص الذي أمامه، أم فقط يتحدث على ما يراه هو بحسب تجربته وقدرته وما حدث معه؟ وبالتالي يعممها على الجميع. ولا يقتصر الأمر اليوم على الجلسات والمحادثات، إنما تنشر النصائح العشوائية على صفحات التواصل الاجتماعي، فهناك صفحات متخصصة للسيدات وأخرى للرجال وأخرى للعازبين وبعضها للأمهات، جميعها صفحات متنوعة وتكثر فيها الشكوى والبحث عن حلول ونصائح، وأغلب تلك النصائح غير مناسبة للكثيرين. أحيانا، يحتاج الشخص حينما يمر بحالة نفسية معينة، لنصيحة تساعد على علاج خلل ما يعاني منه، وقد يقوم بتطبيق كل نصيحة يسمعها من محيطه ليكتشف نتائج كارثية أكبر من حجم المشكلة الأصلي. لذا يحذر مختصون من تعميم التجارب والأخذ بكل نصيحة تقدم لأن لكل حالة خصوصيتها. اختصاصي علم الاجتماع د. حسين خزاعي يؤكد أن النصائح غير المدروسة لا يمكن الاستفادة منها، أما ما يحدث اليوم وخصوصا على صفحات السوشال ميديا تقدم من أفراد لا يملكون الخبرة الكافية، وتحديدا الاستشارة الاجتماعية والأسرية أو النفسية. والكثير يتبعون تلك النصائح من دون التفكير بالعواقب أو التحديات بعد ذلك. ويؤكد أن النصائح مهمة لكن من أهل الخبرة، لافتا الى أن كثيرين قد يقدمون نصائح فيها “خراب للبيوت” وتهدم علاقات فما يناسب طرف ما، ليس بالضرورة أن يناسب غيره. ويرى أن الفرد الباحث عن النصيحة عليه تلقيها من الشخص المناسب والذي يتمتع بالمعرفة والحكمة. وبدوره يقول اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة: “ليس الجميع على قاعدة واحدة في كل شيء فكل شيء وأي موقف يمكن أن يكون مناسبا لطرف ما ومخالفا لغيره”، مؤكدا أن الحالة النفسية من فرد إلى آخر مختلفة وأن القدرة والشخصية وطريقة التعامل حتى القناعات مختلفة. ويذهب إلى أن الظروف الاجتماعية والنفسية والصحية تختلف من شخص لآخر وينبغي الابتعاد عن إعطاء نصيحة نجحت بحالة ما وعلى أساس أنها ستنجح بحالة أخرى. ويشدد على فكرة أن لكل فرد ظروفه ومبادئه ونمط حياته المختلف عن غيره، ونظرته للأمور مختلفة تماما، لذلك يجب عند الأخذ بنصيحة معينة، أن تكون مناسبة لطرف بعينه. ويتفق مطارنة وخزاعي أن على الفرد الذي يقدم النصيحة من المهم أن تتوافر لديه صفات معينة ومن أهل العلم أصحاب الاختصاص، كالمستشار الأسري، أو المرشد النفسي، فهو قادر على أن يقدم الدعم النفسي لكلا الطرفين، والتركيز على الجانب الروحي، وتحليل الأمور بطرق سليمة، من دون الانحياز إلى أحد الأطراف، وتوضيح الحقائق كما هي، والابتعاد عن المقارنة. اقرأ أيضاً: إسداء النصيحة.. بين الفائدة والضرر تقديم النصح للآخرين بين الفائدة واختراق الخصوصيةاضافة اعلان