جمهورية موز

ناحوم برنياع: يديعوت أحرنوت

في الوضع الناشىء في قيادة الجيش الإسرائيلي، يخيل لي أنه حتى الثعابين في وزارة الحرب يتعين عليها أن تنتعل نعالا عالية. أحابيل، مؤامرات، أكاذيب، طابور فاخر من المحقق معهم في الشرطة. هذه هي البشائر التي تخرج اليوم من الجيش.

اضافة اعلان

صحيح أنه سبق أن حصلت أمور كهذه. كانت هناك قضايا والجيش الاسرائيلي خرج منها. وصحيح أن الجيش، كجهاز، يعرف كيف يؤدي مهامه حتى تحت هذا الظل. ولكن بالاجمال، هذا لا يغتفر ولا يحتمل. هذا وضع جمهورية موز.

تخيلوا رئيس أركان، مقتنع منذ ستة أشهر بأن وزير الحرب يسعى إلى تصفيته. ومع وزير الحرب هذا يتعين عليه أن يتخذ القرارات التي تتعلق بالحياة وبالموت. ومع وزير الحرب هذا يتعين عليه أن يعد الجيش الإسرائيلي للمواجهة القادمة، وأن يشاركه في الأسرار الأكثر كتمانا. ويتعين عليه أن يعطيه ثقته ويأخذ منه الثقة.

تخيلوا رئيس أركان، يتلقى بطريقة غير عادية نسخة عن وثيقة، في جزء منها تشهر به وفي جزئها تبني استراتيجية لاختيار بديله. وهو يفترض، عن حق أو عن غير حق، بأن الوثيقة أصيلة. وهو يعزوها لذات الأعداء الذين حسب فهمه يحاولون تصفيته. وعندها، على مدى أربعة اشهر، يعمل يوميا مع اللواء الذي يرى فيه عدوا مريرا. ومعا يقودان جبهة قتال حامية الوطيس، قيادتها تتطلب ثقة متبادلة.

تخيلوا ألوية، مثل المجرمين في الجريمة المنظمة يتراكضون من خط هاتف إلى آخر، خشية أن تكون الشرطة تتنصت على مكالماتهم. وإن لم تكن الشرطة، فالأعداء الشخصيون. كل موظفة مشبوهة في نظرهم وكأنها عنات كام.

في هذه المرحلة يكثر المخفي على الظاهر في قضية حظيت بلقب "وثيقة غلانت". لا أدري – ويخيل لي أن الضالعين أيضا لا يدرون – إذا كانت الوثيقة أصيلة أم مزيفة. من دون جواب على هذا السؤال لن يكون ممكنا القول من النذل في هذه القضية، من الصالح، من الذكي، من الغبي.

ما هو معروف هو أن الورقة عمرها أربعة أشهر على الأقل. في نيسان وصلت نسخة منها إلى رئيس الأركان اشكنازي. معروف أيضا أن اشكنازي تحدث عن الوثيقة للآخرين، على ما يبدو للألوية الذين يثق بهم، وربما أيضا لرئيس الوزراء نتنياهو.

من المشكوك فيه أن يكون روى لباراك: على خلفية العلاقات المتوترة بينهما، على ما يبدو، بأن وزير الحرب ورجاله ضالعون بذلك بشكل من الأشكال. ولم يروِ للنائب العسكري الرئيس وذلك لأنه لم يرَ في هذه الورقة وثيقة قانونية.

وبالأساس، لم يتحدث عن الوثيقة مع اللواء غلانت. فقد عقد معه عدة لقاءات انتقده فيها بأمور معينة: أما عن الوثيقة فلم يقل كلمة.

في حكمة جاءت بعد وقوع الحدث، أخطأ اشكنازي. كان يجدر به لو أنه توجه فورا إلى النائب العسكري الرئيس وطلب منه مشورة قانونية. كان يجدر به لو أنه تحدث مع باراك ومع غلانت. لربما كان منع عن نفسه، وعن الجيش الاسرائيلي، الكثير من الأقاويل الحالية.

والآن، هو في التحقيق. الجميع في التحقيق. وكما يفترض رجال القانون، عندما يحقق المحققون فإن العالم ملزم بأن يتوقف عن المسير. الناس لا يستوضحون شيئا، لا يتحدثون بينهم، لا يتخذون خطوات لبناء الثقة، خشية أن يتهموا بتشويش التحقيق. هذا هو القانون. هذه هي العادة.

هذا الجمود لا يقل إشكالية عن القضية نفسها. وهو يقترب من انعدام المسؤولية.

لعل هذا هو الوقت للسؤال، أين رئيس الوزراء. نتنياهو غير مشبوه في هذه القضية بشيء. ولا حتى مساعديه. يداه نظيفتان. لا يمكن لأحد أن يتهمه بشيء إذا ما دعا إليه وزير الحرب ورئيس الأركان، وربما أيضا الألوية المتنافسين على المنصب ليقول لهم كفى، مع كل الاحترام لكم، لطموحكم ولشقاقكم، توجد هنا دولة. من هذا اليوم أنتم تبدأون بالعمل.

هذا ما كان سيفعله اسحق شمير لو كان اليوم رئيس وزراء. هذا ما كان سيفعله اسحق رابين وارئيل شارون. كل واحد مهم كان سيضرب الطاولة بقبضته ويفرض إمرته على الصقور.

نتنياهو يتبنى قاعدة عدم إدخال الرأس المعافى إلى سرير مريض. وبالفعل، الرأس رأسه، ولكن السرير لنا جميعا. كي ينهي القضية المخجلة هذه لا حاجة فقط لمحقق جيد، بل لرئيس وزراء أيضا.