خبراء يشككون بإمكانية الاستفادة من مياه بعض سدود المملكة لـ‘‘الشرب‘‘

مشهد لسد الكفرين أحد سدود المملكة الرئيسية - (تصوير: أمجد الطويل)
مشهد لسد الكفرين أحد سدود المملكة الرئيسية - (تصوير: أمجد الطويل)

إيمان الفارس

عمان- وسط توقعات بتراجع الهطول المطري عاما بعد آخر، شكك خبراء في قطاع المياه من إمكانية الاستفادة من المياه المخزنة في بعض سدود المملكة خاصة لأغراض الشرب، بسبب تزايد احتمالات استقبالها كميات من مياه الأمطار مختلطة بالمياه العادمة المعالجة.اضافة اعلان
وأوضح هؤلاء الخبراء، في حديث لـ"الغد"، أن عوامل تراجع الهطول المطري الناجمة عن تأثيرات التغير المناخي الذي تشهده مختلف دول المنطقة، ومن بينها الأردن، إلى جانب اختلاط المياه العادمة المعالجة مع مياه الأمطار المخزنة في مختلف سدود المملكة، "يحد من إمكانية الاستفادة من تلك المياه لأغراض الشرب".
وفي الوقت الذي يقدّر فيه المختصون الكلفة الرأسمالية لإنشاء بعض السدود الصغيرة بما قيمته ثلاثة دنانير لتخزين متر مكعب واحد من المياه، أكد أمين عام سلطة وادي الأردن سعد أبو حمور، أنه "لم يتم إنشاء وبناء كافة سدود المملكة إلا وفق دراسات جدوى بيئية وهيدرولوجية تفيد بجدوى استغلال التدفقات المطرية واستمرارية الجريان السطحي في مواقعها الموجودة حاليا".
وقال أبو حمور، لـ"الغد"، إن السدود التي تم الانتهاء من إنشائها مؤخرا، رصد لها "مخصصات مالية" بعد ثبوت جدواها، منوها إلى "ضرورة الحاجة لمعلومات موثقة من خلال مراكز تنبؤات جوية عالمية معتمدة خاصة فيما يتعلق بمؤشرات تراجع الهطول المطري الناجمة عن التغير المناخي الذي تشهده كافة دول العالم، بهدف الاعتماد عليها فيما يتعلق بفكرة الجدوى من استمرارية إنشاء سدود جديدة".
إلى ذلك، لم يتفق أستاذ علوم المياه الجوفية وكيميائية المياه في الجامعة الأردنية د. إلياس سلامة مع فكرة "اختلاط" المياه العادمة المعالجة مع مياه الفيضانات والينابيع، داعيا الى "إعادة النظر في تلك السياسة وفصل النوعين عن بعضهما، بغرض الاستفادة من مياه الفيضانات والينابيع لأغراض الشرب".
وطالب سلامة بضرورة إنشاء سدود خاصة لتخزين وتجميع المياه العادمة المعالجة، وبالتالي "عزل مياه الفيضانات والمياه الجوفية والمحافظة عليها من الناحية البيئية، سيما وأن نوعية تلك المياه في السدود تردّت بعد الاختلاط".
وباستثناء بعض سدود المملكة المخصصة للشرب مثل سدي الموجب والوالة، أشار سلامة الى دراسات جدوى بيئية تكشف عن أفضل المواقع لـ"إنشاء سدود خاصة بتجميع المياه العادمة من جهة، ومياه الينابيع من جهة أخرى".
واتفق أمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق دريد محاسنة مع سابقه بضرورة "عدم استغلال المياه الجوفية والمياه المخزنة بالسدود لأغراض أي نوع من الزراعات، وتخصيصها لأغراض الشرب فقط".
وقال محاسنة إن بناء السدود تاريخيا جرى اعتمادا على دراسات بيئية وهيدرولوجية علمية، ولم يتم الحصول على تمويل لإنشائها من منح وقروض، إلا بعد التأكد من مردودها الإيجابي، لكنه حذر "من استنزاف الزراعة لنحو 60 % من المياه المخزنة دون جدوى"، مشيرا الى "البطء في اتخاذ إجراءات تتعلق بالحد من الزراعات المروية".
ولفت محاسنة إلى "الإخفاق" في موضوع إنشاء البرك الصحراوية والاستفادة منها (حجز المياه في الصحراء قبل أن تتبخر)، مشددا على "أهمية مساهمتها في الزراعة الصحراوية، وتغذية المياه الجوفية، وتعديل مساراتها لتصل للسدود".
أما وزير المياه الأسبق محمد شطناوي، فربط بين عوامل تراجع الهطول المطري مع تصنيف الأردن ضمن المناطق شبه الجافة، مشيرا الى "تكرر الحالات المتطرفة ضمن هذا المناخ، وصعوبة الاعتماد على مؤشرات التغيرات الجديدة ضمن التغير المناخي".
وبين شطناوي أن السدود ذات السعة الاستيعابية الصغيرة "ليست ذات قيمة كبيرة استراتيجيا"، إلا أن "الدراسات أثبتت هيدرولوجيتها قبل البدء في بنائها"، لكن الحاجة لإيجاد مصادر مياه، "تدفع باتجاه التفكير بزيادة استغلال السدود ذات الفائدة الاستراتيجية كما جرى في سد الوالة وبدء العمل بتعليته مؤخرا".
وكان وزير المياه والري حازم الناصر، كشف عن "ضعف" أداء الموسم المطري الأخير 2016-2017، لافتا إلى إلى أنه حقق معدلات هطول اقل من العام الماضي، حيث بلغت النسبة نحو 75 % من المعدل العام طويل الأمد.