د. شتيفان مالنك: الحرية إعطاء الأفراد حقهم في التعبير عن آرائهم

ألقى محاضرة بمنتدى الفكر الحر حول "الديمقراطية المستدامة"

 

عمّان- الغد- أقام منتدى الفكر الحر في عمان الأسبوع الماضي محاضرة بعنوان "الديمقراطية المستدامة" ألقاها خبير التنمية السياسية الأوروبية د. شتيفان مالنك.

اضافة اعلان

وانطلق مالنك في محاضرته التي اشتملت على عرض مرئي من مفهوم ينص على أن الحريات وممارسة المسؤولية هما حجر الزاوية للعملية الديمقراطية والتنمية المستدامة.

وأكد أن التجربة الأوروبية أثبتت دوماً نجاح نموذجها الديمقراطي في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار.

وشدد على أن ممارسة الديمقراطية المستدامة مستحيلة من دون وجود

أحزاب سياسية تنظم وتوحد وجهات النظر الفردية نحو قيادة الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، "كون الأحزاب تتحرك عادة معتمدة على أجندة عامة تتناول المصالح العمومية للشعب وهي الضامن لمؤسسة الديمقراطية".

وقال مالنك إن منظمات المجتمع المدني رغم أهميتها القصوى ليست بديلاً للأحزاب من ناحية الدور والمهمات، لأن منظمات المجتمع المدني تمثل عادة رأي مجموعة أو تيار صغير، وأجندتها أكثر ضيقاً كونها تخدم فئة محددة من الشعب في هذه المنظمات. بيد أن نقطة ضعف هذه المنظمات هي هيمنة قياداتها بمركزية بالغة على مسيرة وصيرورة عمل هذه المنظمات وقيادتها، حيث تعاني هذه المنظمات من ضعف مزمن في أدائها الديمقراطي وممارساته الإدارية الداخلية.

وفي معرض حديثه حول الحلقة المركزية لـ"الديمقراطية المستدامة" ذكر بإسهاب أهمية ترسيخ المبادئ الإنسانية الكافلة للمساواة كمرتكز حيوي نحو ترسيخ مبادئ وقيم حقوق الإنسان التي تنص على المساواة والعدل بين كل المذاهب والطوائف وأهمها العدل بين حقوق الأكثرية وحقوق الأقليات، كون الحرية مبدأ يقوم على عدم الاعتداء على حقوق الآخرين.

وأكد مالنك أن الديمقراطية المستدامة نهج وخيار يحترم خصوصية الآخرين، "لذا فعليها أن تطور نفسها دائماً من خلال آليات مختلفة حتى لا تترك مجالاً للآخرين من أعدائها ومن المتطرفين للانقضاض عليها".

كما أشار بشكل لافت إلى تعريف الديمقراطية بأنها "حماية مبادرات الأفراد"، عن طريق سنّ القوانين التي من شأنها تطوير هذه المبادرات ودعمها لرفع كفاءة الأفراد كونهم مفتاح الديمقراطية وقاعدتها. كما عرّف الحرية "بكونها إعطاء الأفراد حقهم في التعبير عن آرائهم حتى ولو كانت احتجاجاً".

وقدم  مالنك الأنواع المختلفة والأنماط المتعددة للديمقراطية والتي تمثلت في ثلاثة أنواع، الأولى هي الديمقراطية الانتخابية والتي تنص على وجوب وجود أحزاب متعددة يتم انتخاب مرشحيها إلى البرلمان أو إلى مناصب أخرى مهمة منها رئاسة الدولة، حيث أورد النموذج الإيراني كمثل للبلدان التي ينطبق عليها تعريف هذا الشكل من الديمقراطية.

أما النوع الثاني فهي الديمقراطية الشعبية حيث الخيارات محصورة بمرشح واحد فقط ذاكراً النموذج الكوبي وغيره كمثل لها.

أما المثل الثالث الذي أكد مالنك على جدواه ونجاحه هو مثل الديمقراطية الليبرالية الذي يتمتع بمميزات عالية إنسانياً، وراقية اجتماعياً والتي أورد عليها مثلاً لافتاً تمثل في دولة غانا، إضافة إلى بريطانيا وألمانيا وأميركا الشمالية وغيرها من الأوروبيات كنماذج متطورة لهذه الديمقراطيات المتقدمة، حيث استثنى منها إسرائيل كونها "ديمقراطية غير ليبرالية".

ولفت المحاضر إلى أن الديمقراطية الليبرالية تستدعي وجوب وجود دستور ليبرالي يكفل عملية تطوير القوانين باستمرار لحماية الأقليات والضعفاء وأهمها قوانين تحمي الأحزاب الصغيرة بتوفير فرص لها للصعود إلى قبة البرلمان.

وأضاف أن من "أهم مرتكزات الديمقراطية وجود اقتصاد حر وسوق خليط واقتصاد أساس بنيانه ونموه وتطوره عضوي مستقر أصيل يأتي من تطور تاريخي اقتصادي يراكم الرأسمال الوطني وينميه، وليس اقتصاداً متحركاً نابعاً من قرار سياسي أوصفقات دبلوماسية أو طفرات اقتصادية، أي أن حجم الثروة يجب أن يرتبط دائماً بالنماء الاقتصادي الشامل".

وأنهى مالنك محاضرته بالتأكيد على أهمية وجود منظمات مدنية قوية في الديمقراطية كتيارات محفزة ومنشطة لكثير من قضايا المجتمع على أن لا تكون يوماً بديلاً عن الأحزاب.