غياب آلية التنسيق الواضحة للجمعيات يبعثر جهود القطاع الخيري

نادين النمري

عمان– رغم وجود 6196 جمعية في الأردن، منها 3809 جمعيات خيرية بحسب سجل الجمعيات التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، فإن خبراء يرون أن تأثير هذه المؤسسات بتحقيق التنمية وتقديم الخدمات "يبقى محدودا بشكل كبير"، عازين ذلك إلى غياب أي قوانين أو آليات حكومية، لإشراك المجتمع المدني في السياسة العامة وصنع القرار بهذا المجال.اضافة اعلان
ويعتبر هؤلاء أن "غياب هذه الآلية أدى لازدواجية وتضارب العمل بين هذه الجهات وغياب الجانب التنسيقي، ما أدى بالتالي إلى وجود كم هائل وفائض عن الحاجة من الجمعيات، يقابله قلة في عدد المؤسسات المتمكنة القادرة على تقديم خدمة حقيقية".
في هذا السياق، يبين مدير عام "تكية ام علي" سامر بلقر أن أبرز التحديات أمام عمل مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات العاملة بالمجال الخيري هو "أنها لا تنظر إلى المجتمع المدني كشريك، هي بعيدة تماما عن عملية صنع القرار أو معرفة حقيقة الفجوة".
ويوضح لـ"الغد" "على سبيل المثال ما تزال الدولة تتكتم على أرقام الفقر وطبيعة المشكلة وتوزيعها، حجب هذه الأرقام عن المؤسسات والجمعيات العاملة في مجال مكافحة الفقر يحد بطبيعة الحال من قدرة هذه الجهات على تقديم المساعدة بالطريقة المناسبة والوصول للفئات الأكثر استحقاقا".
ويرى أن ذلك ينطبق ايضا بكل تأكيد على القطاعات الاخرى كالإعاقة، كبار السن، الصحة وغيرها من المجالات.
ويعتبر بلقر أن ثمة "تقصيرا حكوميا ايضا في مسألة تنظيم القطاع التطوعي والخيري، وتوجيهه إلى المجالات المطلوبة"، وقال "هذا الغياب بالتنظيم يتنتج عنه هدر وازدواجية بعمل المؤسسات الخيرية".
ويلفت كذلك إلى بعض الاشكاليات الموجودة لدى الجمعيات نفسها، "كغياب الهيكلية والبنية الواضحة وغياب أدوات الاستهداف إلى جانب عدم وجود رؤيا وأهداف ثابتة، حيث غالبا ما تتبع الجمعيات رغبات المانحين في تحديد برامجها بدلا من ان تكون تلك البرامج نابعة من دراسة للاحتياجات الحقيقية".
ويلخص بلقر المشكلة هنا بالقول "بالمحصلة فإن عمل الجمعيات في الأردن عبارة عن فائض بالعدد وقلة بالمؤسسات المتمكنة القادرة على تقديم خدمات حقيقية".
من جانبها، تقول المديرة التنفيذية للمركز الدولي للقوانين غير الربحية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ديما جويحان أن المشكلة "لا تكمن فقط في تغييب المعلومات عن القطاع التطوعي، لكن أيضا القانون وممارسات التطبيق جعلت من دور محدود جدا في تقديم الخدمات، ليتحول إلى العمل الخيري وبطريقة موسمية دون تخصص".
وتشدد جويحان على أهمية العمل على إيجاد آليات لاستدامة العمل ولضمان مشاركت الجمعيات بصنع القرار.
وتقول لـ"الغد": "هناك غياب تام لاي قوانين أو آليات لإشراك المجتمع المدني في السياسة العامة وصنع القرار، سواء كان ذلك على المستوى الوطني أو المحلي".
وتلفت جويحان في هذا السياق إلى مشروع النهضة الحكومي، الذي أعلنه رئيس الوزراء عمر الرزاز مؤخرا، وتقول: "مشروع النهضة مثلا تحدث عن سيادة القانون والحريات العامة ولم يدرج المجتمع المدني فيه كأحد الفاعلين".
إلى جانب الاشكاليات المتعلقة بالسياسات الحكومية تلفت جويحان إلى اشكالية اخرى تتعلق بالجمعيات نفسها، وتقول "الجمعيات ليس لديها المؤهلات التي تمكنها من المشاركة بصنع القرار ومتابعة عمل الحكومة أو اقتراح خطط واستراتيجيات واضحة وبديلة".
وتتابع: "لم يبذل المجتمع المدني جهودا كافية ليتحول الى قوة فاعلة أو جماعة ضاغطة.. ما نشهده اليوم مجرد ائتلافات موسمية غير مستدامة وغير متخصصة دون وجود استراتيجيات طويلة الأمد حول الدور المنشود لها".
وترى جويحان أن أبرز التحديات أمام عمل الجمعيات هو "غياب التخصص والاستراتيجيات، والعمل يتم حسب أولويات الممول وليس حسب أولويات الاستراتيجية الواضحة، مجموع ذلك يؤدي إلى عدم استدامة العمل".
وتشير جويحان الى أهمية القطاع الخاص في هذه المنظومة، وتقول "القطاع الخاص يجب أن يعمل مع الجمعيات كشريك وليس منافسا في برامج المسؤولية المجتمعية".