كفى، انهوا الامر

20-2

يوئيل ماركوس

هآرتس   

مر يوم آخر انعقد فيه المجلس الوزاري السياسي دون اتخاذ قرار. يوم آخر وبعده يوم آخر، لم توضع فيه على الطاولة قائمة 1400 سجين "ارهابي" فلسطيني تطالب بهم حماس كي تعيد لنا جلعاد شاليط. جلسوا خمس ساعات، ومرة اخرى لم يقرروا كيف سيكون نظام التبادل ومن سيسبق من وماذا سيسبق ماذا. بعد قليل تنهي الحكومة الحالية ولايتها، وايهود اولمرت يحاول في نهاية النهاية اقناع ناخبيه بانه رغم تلنسكي ورغم التحقيق الشرطي رقم 14 فانه رئيس وزراء شجاع حتى النهاية. وعلى حد تعبير ارئيل شارون الالمعي، فانه "في النظر الى الوراء دوما يرى الناس ستة على ستة".

اضافة اعلان

قريبا ينقضي ألف يوم على شاليط في الاسر، والحكومة لا تزال في المتاهة او في المعضلة في كيفية اعادته. مشروع، وان لم يكن دوما انسانيا، ان يظهر المرء متصلبا تجاه صفقة مقترحة على ظهر جندي واحد. ولكن ما الذي ينتظره قادة الدولة؟ ان يكون مصير شاليط كمصير رون اراد؟ ما الذي ننتظره؟ ان تقوم حاليا حكومة يمينية قد تنشأ فيها معارضة تعرقل الصفقة؟ الجملة التي اقتبست على لسان احد نشطاء الاتحاد الوطني "سنضحي بارواحنا كي نعرقل الصفقة"، يجب أن تثير لدينا القشعريرة. وصمة كهذه سبق ان علقت بنا ذات مرة عندما "نسينا" في حملة السويس 1956 ان نحرر شبابنا من "العمل المخجل" في القاهرة، عندما كان في ايدينا أسرى كثيرون لنستبدلهم بهم بمن فيهم ضابط برتبة جنرال.

المساومة هي على من نحرر مقابل شاليط. ولكن ربط التحرير بمسألة المعابر يبدو سخيفا في هذه المرحلة. مع كل الاحترام لمصر فليست هي من يقرر الجدول الزمني لتحرير اسيرنا. شاليط اسر في عهد اولمرت، وكان هناك انطباع بان رئيس الوزراء لن يترك منصبه قبل أن يحرره بـ "الثمن المقبول" والاليم. ولديه اسناد من وزير الحرب والقيادة العسكرية. وليس واضحا لماذا غير رأيه.

الجدال هو على ما يبدو بين اولمرت وايهود باراك، في مسألة اذا ما كان ينبغي ربط التهدئة بتحرير شاليط. حرب لبنان الثانية، التي قتل فيها 160 مقاتلا ومدنيا، اندلعت بموافقة اولمرت وبمبادرته بهدف انقاذ مخطوفين اثنين من ايدي حزب الله. ومع الايام تبين، حسب وضع السيارة التي اختطفا منها وكمية الدم بانهما ليسا على قيد الحياة، ولكن نصرالله لعب بنا بالاعيبه في أنه حتى لقاء معلومة عن كل قطعة من جسد ينبغي دفع ثمن. وفي النهاية دفعنا.

على شفا اقامة الحكومة الجديدة من شأن هذا الهدف السامي لفداء الاسير ان يصبح بسرعة حربا لليهود ايضا. المزاعم في أن عاموس جلعاد جاء وخرج بشكل مستقل الى القاهرة، وجر اولمرت الى اتفاقات لا  يريد الوصول اليها تعكس التوتر السائد بين اولمرت وباراك. ولمعرفته بالثمن الباهظ الذي سيدفع لقاء شاليط، فان الانطباع هو أن اولمرت نادم ويريد ان يبقي مسألة شاليط  لمن يأتي بعده.

المحامي سلونيم، الذي عالج على مدى السنين موضوع تبادل المخطوفين، يقول ان شاليط هو احدى الحالات الوحيدة التي على الاقل ما كان ينبغي في البداية طلب اشارة حياة منه. أمر آخر: المفاوضات على تحريره تجري بعد حرب، في نهايتها أدرج ضمن امور اخرى اجراء تبادل أسرى. وبعد أن دمرت لهم غزة تقوم بخطوة انسانية، الاساس فيها تبادل الاسرى، بينهم كاؤلئك الذين يجلسون هنا منذ سنوات عديدة.

المشكلة هي ان في ايديهم اسيرا واحدا بينما في ايدينا نحو 12 ألف "أسير" – من سارقي السيارات وحتى القتلة المحكومين لعدة مؤبدات ومحتجزين هنا في ظروف معقولة. التفكير في ان نبقيهم هنا الى الابد ليس معقولا. اذا ما عادوا الى عادتهم بعد تحريرهم، فإن الطريق مفتوحة لتصفيتهم. وبالمناسبة، ليس كل اسير/سجين محرر هو ضدنا من حيث المبدأ.

ولكن الاهم من كل ذلك، كما يقول سلونيم، هو الميثاق غير المكتوب بين الدولة وجنودها، وبموجبه يتعهد الجندي بالقتال

وتتعهد الدولة باعادته الى بيته. هذا الاحساس في أن جنود الجيش سيكونون مقتنعين بانهم لن يلعبوا بحياتهم، هو قيمة عليا. فما بالك ان الجندي الذي يخرج الى المعركة يتوقع الا تكون هناك معارك سياسية تهكمية وتصفية حسابات على ظهره.

الارهاب المنفعل يلعب لعبة وحشية بنقطة الضعف الانسانية عندنا. فالجمهور الإسرائيلي، الذي من جهة يطالب بتحرير مخطوفين وليكن ما يكون، يستاء بعد ان نقوم بذلك من تحريرنا "ارهابيين" كثيرين بهذا القدر. عندما سنرى مئات السجناء، بينهم بعض من الـ 450 "مخربا" مع دم على الايدي ممن تطالب بهم حماس، سعداء وفرحين في غزة، يشتموننا ويسبوننا، فان احساسا ثقيلا من المرارة سيعيشه الجمهور.

ولكن طوبى لنا باننا كذلك. واحد من أجل الجميع والجميع من أجل واحد. إذن باسم الرب، كفوا عن الشجار وانهوا الامر.