أزمة المعلمين: هل الصدام حتمي؟

بالرغم من أن الحكومة ومجلس النقابة يؤكدان على أن باب الحوار ما يزال مفتوحاً، إلا أن أزمة المعلمين قد تفاقمت بشكل كبير بعد فشل اللقاء بين وزير التربية والتعليم ورئيس نقابة المعلمين بالوكالة في التوصل إلى حل وسط يحقق جزءا من مطالب النقابة، ويعكس وجهة النظر الحكومية. بعد فشل الحوار تصاعدت حدة الخطاب بين الطرفين، وحمّل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية فشل الحوار. التصعيد أخذ منحى جديدا بعد تصريحات رئيس الوزراء في مقابلته على التلفزيون الأردني، الذي حمّل النقابة المسؤولية في فشل الحوار، وختم اللقاء بالقول إنه إذا استمر الإضراب، فلكل حادث حديث، أي أن الحكومة سوف تفكر بحلول أخرى. لم يتأخر نقيب المعلمين بالرد، وصعد من خطابه، وأعلن أن الإضراب مستمر حتى تتحقق مطالب النقابة، لا بل إنه هاجم رئيس الوزراء، ليس فقط بمعالجته لأزمة المعلمين، وإنما مجمل السياسة الحكومية حيال العديد من القضايا، وطالب الحكومة بالاعتذار، واتهمه بالتهرب من الحوار، وأعلن استمرار الإضراب حتى تتحقق مطالب النقابة، والتي تتمثل بزيادة الـ 50 %، بالإضافة لاعتذار المسؤولين عن طريقة معالجة الاعتصام يوم الخميس الماضي. هذا التصعيد المتبادل بالخطاب يدل على حجم الفجوة بين الموقفين، وان فرص التوصل لحل وسط هي في تراجع، إن لم تصبح معدومة. الحكومة تقول أن المجلس الحالي في تراجع عن اتفاق سابق مع مجلس النقابة، وهي ليست ضد زيادة أجور المعلمين، ولكنها تريد ربط ذلك بالأداء، ولا تريدها أن تكون زيادة عامة للجميع، بغض النظر عن أدائهم الوظيفي. بالإضافة ايضا للعجز المرتفع في الموازنة الحالية، وإن تلبية مطالب المعلمين سيترتب عليه اعباء مالية تفاقم من عجز الموازنة، مما سوف يزيد من الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة، والأزمة الاقتصادية بشكل عام. النقابة بالمقابل تقول أن أوضاع المعلمين المالية سيئة، وهي بحاجة الى تعديل حتى يتمكن المعلمون من اداء واجباتهم. وتقول ايضاً أن هناك اتفاقاً مسبقاً منذ سنوات على زيادة رواتب المعلمين، وأن الحكومة تراجعت عن وعودها السابقة بهذا المجال. الحكومة أبدت إنزعاجها من الأسلوب الذي بدأت به النقابة الاحتجاج من خلال إعلان الاعتصام على الدوار الرابع، والنقابة أيضا انتقدت ردة فعل الحكومة على فض الاعتصام بالقوة. المطلب المالي للنقابة يلقى تعاطفا كبيرا من قبل الناس، ولكن هناك قلق متصاعد من تأثير استمرار الإضراب على مصالح الطلبة المتضررين المباشرين، وكذلك التوجس من تسييل الأزمة في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تعيشها المنطقة. بعد التصعيد المتبادل بالأمس، من غير المرجح أن تتراجع الحكومة أو النقابة عن موقفيها المعلنة، ولكن لا يعني ذلك نهاية المطاف. وما نحن بحاجة إليه هو إجراءات تعيد بناء الثقة بين الطرفين تمهيدا لإعادة الحوار الى مجراه الطبيعي، مع الإدراك أنه لا يمكن لكل طرف تحقيق كل مطالبه، وإلا لا حاجة للحوار والمفاوضات. إن غياب الحوار والواقعية في المطالب والطروحات قد يدفع باتجاه سيناريوهات أو حلول صدامية غير مضمونة النتائج، ولا يرغب بها أحداً.اضافة اعلان