اقتراحات النوايا الحسنة

ما تزال ترد أفكار بنوايا طيبة أو نتيجة حالة غضب مجتمعي تحمل حلولا لمواجهة أزمة الكورونا، تريد توظيف قانون الدفاع ليصار لتنفيذها بموجبه، وكان من بينها المسّ بالودائع المصرفية لدى البنوك، إما بفرض ضريبة عليها أو بفرض الزكاة عليها أو بالاقتطاع منها وما إلى ذلك، غير مدركين ان هذه الاقتراحات تبث الخوف في قلوب المودعين، أردنيين وغير أردنيين، ما يؤثر سلبا بدلا من ايجاب على النظام المصرفي والنقدي الأردني في وقت نحن فيه بأشد الحاجة لاستمرار سلامة هذا النظام ومنعته بقيادة البنك المركزي الأردني، ليبقى قادرا على استعمال ما لديه من ودائع كقروض يقدمها للأردنيين ومفاصل اقتصادهم ما يساعد في تسريع دوران عجلة الاقتصاد الأردني .اضافة اعلان
تؤكد الأدبيات الاقتصادية على جانب "ثقة صاحب الوديعة ببنكه" والتي تعادل ماله الذي يستأمنه عليه مقابل ورقة "إيداع نقدي" مروسة من البنك وموقعة من موظف لا يعرف المودع اسمه، فالثقة في العمل المصرفي والنقدي أساسا يجب المحافظة عليه، وعلينا ألا نضحي بخدشها الآن أو في المستقبل مهما حسنت النوايا، وأقرب تجربة أمامنا نتعظ بها ما تزال فصولها ‘تعرض في لبنان الشقيق، حيث فقد المودع ثقته بالبنوك اللبنانية كلها بما فيها البنك المركزي اللبناني، عندما حجزت البنوك ودائع المودعين ومنعتهم من سحبها ، وهنا أسأل أي مواطن أردني: هل يفكر بإيداع أمواله في لبنان، مهما كانت الفوائد مغرية؟ إنها الثقة، العزيزة والغالية في كلّ عمل، وهي الأساس الذي يقوم عليه العمل المصرفي والنقدي في الأردن وفي لبنان وفي أي مكان في العالم، ما يوجب التوقف، خاصة الآن، عن زج هذا الموضوع في بنات أفكارنا وأحاديث سمرنا ولقاءاتنا .
لقد قدمّ البنك المركزي خلال الأسابيع الماضية نموذجا في العمل الاقتصادي والنقدي المسؤول، ما اعتبر عملا رياديا لمسنا أثره من خلال قراراته لمواجهة أزمة الكورونا ، ومنها قراره بتأجيل تسديد أقساط القروض المستحقة على الأردنيين للبنوك وبرنامجه لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بواسطة البنوك بالطبع، واسترشاد بنوك مركزية أخرى بقراراته، ما يستحق التقدير للجهاز المصرفي الأردني ودوره في هذه الأزمة، مؤكدا أنه لم يخطر ببال البنك المركزي الأردني أيا من الاقتراحات التي تتناول المسّ بالودائع المصرفية، التي يحرص ويتباهى بنموها المستمر، كعصب أساسي لمدّ القطاعات الاقتصادية بما يلزمها من السيولة.