الأردن والتحديات والمستقبل.. هكذا تكلم الأمير

مكرم أحمد الطراونة
مكرم أحمد الطراونة

في خضم احتفالات المملكة بالعيد الثامن والسبعين للاستقلال، واليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك على العرش، تأتي مقابلة ولي العهد الأمير الحسين التي منحها لقناة العربية، لتكشف جوانب مهمة من فكر الأمير الشاب، ورؤيته للتحديات الداخلية والخارجية.

اضافة اعلان


الإحاطة بمجمل القضايا التي تحدث بها سموه، تبدو مهمة بعيدة المنال، فقد تحدث في السياسة والاقتصاد والتاريخ والديموغرافيا، وأشر على الفرص والتحديات. لكن كل هذه القضايا انطلق فيها من منظور واقعي بعيدا عن التهويل أو التقليل من شأنها.


في بداية الحوار كشف سموه عن فهم عميق للتحديات السياسية والأمنية العديدة التي تواجه الأردن، بسبب موقعه الجغرافي، الذي شاء القدر أن يكون وسط منطقة مليئة بالنزاعات والحروب التي لم تهدأ على مدار عقود، لكن سموه اعتبر أن هذا الموقع، هو ما جعل الأردن أكثر قوة وصلابة ورسوخا.


ويقر سموه بأن الأردن مستهدف، خصوصا من مافيات المخدرات التي تنشط على مدار سنوات، لكن ذلك لا يزيد البلد إلا صلابة، ورغبة بدحر أي تهديد أو محاولة لمس السلم الأهلي، فالأردن الذي دخل مئويته الثانية بمؤسساته الراسخة "وُجد ليبقى"، وهو قادر على الدفاع عن وجوده.


رأيه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحرب الطاحنة التي تدور على غزة اليوم، نابع من وضوح الرؤية الأردنية تجاه هذا الصراع، وانخراط الدبلوماسية الأردنية بجميع درجاتها في محاولة وضع حد للنزيف المستمر، إذ يؤكد سموه أن الصراع لم يبدأ منذ 7 أكتوبر، بل هو ممتد منذ عقود، وأن القتل بحق الفلسطينيين مستمر، خصوصا خلال الأعوام القليلة الماضية، بسبب الحكومة اليمينية المتطرفة التي يدعو بعض أعضائها صراحة إلى إبادة الفلسطينيين.


مقولاته السياسية العديدة، جاءت بقراءة واعية لموقع الأردن والتحديات التاريخية أو تلك الناشئة، لكنها لم تخرج عن منظور الواقعية، وهي السمة التي تميز السياسة الأردنية منذ تأسيس هذا الوطن.


في الشأن المحلي، يتحدث سموه بصراحة عن جميع ما يشغل الأردنيين من هواجس وقلق وتخوف، حتى بالنسبة لأمور مسكوت عنها، مثل "أحداث أيلول" في العام سبعين، فهو يؤكد أن المواجهة حدثت "بين النظام والفوضى"، ويشدد على أنه لا يمكن للأردنيين أن يظلوا أسارى ومرهونين لأحداث جرت قبل خمسين عاما!


 معاناة الناس لم تغب عن حديث الأمير، فقد تحدث بصراحة أكبر عن الفقر والبطالة، ووجود شعور بعدم العدالة، خصوصا أن الأردن سوق صغير، وغير قادر على استيعاب مجمل خريجيه. لكنه يقر أيضا، أن تخطي مثل هذه التحديات ممكن عن طريق حسن التخطيط، خصوصا ما يتعلق بتجويد منظومة التعليم، وتوسيع مظلة التعليم التقني، وتحفيز القطاع التكنولوجي، من أجل تهيئته لاستيعاب نسبة أكبر من الشباب.


"الاقتصاد هو الحل"، هكذا يفكر سمو الأمير، ويطرح في هذا السياق جملة من الأفكار، تتعلق بتطوير البيئة الاستثمارية، والعمل على بناء تكامل مع الأشقاء. أما السياحة، فهو يرى أن الأردن الذي يمثل متحفا تاريخيا مفتوحا مع وجود أكثر من 100 ألف موقع مسجل، ما يزال يحتاج المزيد من الجهد والتخطيط، لكي يعطي القطاع ما هو مأمول منه.


للشباب حصة كبيرة من تفكير الأمير، فهو يؤمن بهم وبقدراتهم وتأهيلهم للمنافسة في الأسواق المجاورة. لكن إيمانه الأكبر هو بالأردن ومستقبله، فـ"الأردن وجد ليبقى"، ولا يمكن التنازل عن هذا الإيمان، خصوصا مع جيل جديد قادر على إكمال البناء.


إنه نظرة متفائلة بمستقبل الأردن، وهو تفاؤل لا يأتي من فراغ، بل من الخير والأمل الذي يراه في عيون الناس، ومن التحديات العديدة التي خاضها الأردن على مدار تاريخه، وخرج منها دائما منصورا مرفوع الرأس.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا