بعض المؤشرات النقدية تحت المجهر

في الساحة الاقتصادية، يميل النقاش حول الصحة المالية للاقتصاد الوطني، حيث يتباين النقاش بين التحمس والاندفاع، وتحديدا عندما يتعلق الأمر بالمؤشرات النقدية، خاصة وأن هذه المؤشرات تشكل لب الاستقرار المالي لأي دولة، والأردن هنا ليس استثناء. في ظل هذه التساؤلات، يبرز الاقتصاد الأردني كنموذج للمرونة والاستقرار المالي، رغم الأصوات التي تعلو بين الحين والآخر محاولة رسم صورة قاتمة للواقع الاقتصادي في الأردن، إلا أن الأرقام والإحصائيات تقول غير ذلك.

اضافة اعلان


وهذه المقالة تهدف إلى تفكيك هذه الأفكار المسبقة والنظر إلى المؤشرات النقدية تحت المجهر للكشف عن حقيقة الأوضاع المالية في المملكة. الأنظمة المصرفية عالمياً تعاني من ديون متعثرة، ولكن الأردن يظهر أداءً مستقراً في هذا المجال، بالنظر إلى النسبة العالمية للديون المتعثرة التي تقدر بحوالي 10 %، يبرز الأردن بنسبة 5 % فقط، وهي من أقل النسب في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعكس هذا الرقم مستوى عاليا من الكفاءة والإدارة الحكيمة للبنك المركزي الأردني، الذي يقود جهازاً مصرفياً يتسم بالقوة والمتانة.


وفي سياق متصل، تشير البيانات إلى تحسن كبير في الاحتياطيات الأجنبية التي بلغت 19.1 مليار دولار، مما يعطي مرونة كبيرة في تغطية الاستيراد لأكثر من 8.3 أشهر، كما تشهد الودائع والتسهيلات الائتمانية نمواً ملحوظاً، مع ارتفاع الودائع إلى 44.3 مليار دينار والتسهيلات الائتمانية إلى 33.7 مليار دينار، مما يعكس ثقة المودعين والمستثمرين في النظام المالي الأردني. الأردن لم يتوان عن تطبيق سياسات اقتصادية متوازنة تساهم في استقرار السوق وتخفيف الضغوط التضخمية، حيث أدى هذا النهج إلى استقرار معدل التضخم عند 1.7 % في الربع الأول من عام 2024، مقارنة بـ 4.2 % في عام 2022.


كذلك، سجل الاقتصاد الوطني نمواً حقيقياً بلغ 2.6 % في عام 2023، وهو ما يعكس استمرار النشاط الاقتصادي، برغم التحديات الدولية. أحد أهم المؤشرات على تحسن الأوضاع المالية هو انخفاض العجز في الحساب الجاري، الذي تراجع إلى 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقابل 7.8 % في عام 2022، هذا التحسن يأتي في ظل تراجع العجز في الميزان السلعي بنسبة 11 %، وارتفاع فائض حساب الخدمات بنسبة 62.8 % مدفوعًا بزيادة الدخل السياحي الذي بلغ 1.6 مليار دولار في الربع الأول من العام 2024. تشكل هذه الأرقام شهادة على الإدارة الفعالة والسياسات الاقتصادية الحكيمة التي تنتهجها الحكومة والبنك المركزي.


وبالنهاية، لا يمكن إغفال أن النظرة التي يروج لها البعض بشأن الاقتصاد الأردني تبدو خاطئة ومضللة، فالأرقام والمؤشرات تشير إلى واقع مغاير تماماً، حيث يبدو الاقتصاد الأردني في وضع قوي ومستقر، حيث يستحق هذا التحليل المعمق الذي يظهر جدارة الإدارة الاقتصادية في الأردن، ويؤكد الحاجة لتقدير الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الاستقرارية وتعزيزها في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا