بداية تسخين لماراثون العبدلي

سواء تمت دعوة مجلس النواب الحالي الذي تنتهي دورته العادية الأخيرة يوم الخميس المقبل، لدورة استثنائية أم لا، فإن الراغبين بالترشح للانتخابات المقبلة عليهم ترتيب أوراقهم سريعا، فالانتخابات دستوريا حان أوانها، ولا يحتاج الامر إلا أن يدعو صاحب القرار جلالة الملك لها، وتحدد الهيئة المستقلة موعدها، وغالبا سيكون هذا الموعد بين آب وتشرين الأول من العام الحالي.

اضافة اعلان


الراغبون بالترشح، وهم كثر، عليهم قراءة المشهد الانتخابي برؤية تختلف عن قراءاتهم السابقة، فالدوائر الانتخابية اختلفت حجما وعددا، وتوسعت بشكل مضاعف؛ وخاصة في محافظتي عمان واربد، وهذا بحد ذاته يضع مسؤولية مضاعفة على كاهل من ينوي الترشح من نواب حاليين وسابقين ومستجدين.


أولئك الطامحون والعازمون على الترشح عليهم ملاحظة إضافة لما أشرنا آنفاً أن كيانات عشائرية وسياسية مختلفة أضيفت، ولكل منهم طموح بالفوز بأحد مقاعد البرلمان المقبل، ولذا فإن حسابات البيدر والحقل في البرلمان المقبل مختلفة؛ فتوسع الدوائر سيحجم تأثير المال الأسود، ومن يعتمد على إمكانية شراء الأصوات للوصول لمقعد في العبدلي عليه العد حتى العشرة قبل الترشح، فتأثيرات المال الأسود مهما عظم ستكون محدودة في ظل توسع الدوائر وارتفاع عدد الناخبين.


لا يعني ذلك غياب المال الأسود كليا عن المشهد، وإنما وجب على من كان يعتمد عليه الاعتماد على برنامج سياسي واضح، وتواصل حقيقي مع الناخبين وتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم، ونسيان امر التأثير على الناس من خلال المال والعطايا وغيرها، فالمعركة مختلفة وأدواتها جديدة، والفائز فيها عليه الحصول على ارقام مضاعفة على تلك التي حصل عليها فائزون في انتخابات سابقة. 


عمليا؛ مرحلة التسخين للانتخابات بدأت، والراغبون بالترشح شرعوا بجس أغوار الناخبين وميولهم وتطلعاتهم وافكارهم، والتقرب منهم وانتهاج سياسة للوصول اليهم.


هذا يتطلب في المقام الرئيس لبرامج واقعية تحاكي طموحات الناخبين وآمالهم في المجلس المقبل، والابتعاد عن الاستعراض ووضع برامج لا يمكن تحقيقها أبدا، وكذلك عدم التطبيل لبرامج الحكومات ورؤيتها، وهذا يتأتي من خلال تقديم حلول لقضايا باتت واضحة يعاني منها الناس ابرزها البطالة والفقر وارتفاع الأسعار، وسيادة القانون والحريات واطلاقها.


لكل ذاك، فإن من يريد الجلوس في مقعد البرلمان المقبل عليه الارتقاء بالتفكير لشكل مختلف من الرقابة والتشريع، أولهما إعادة المؤسسة التشريعية لموقعها الطبيعي كطرف رئيس من اطراف الدولة، لها قدرة على تغيير توجهات الحكومات وفرض رؤيتها وتطلعاتها، ومحاسبة الحكومات، بحيث يكون لمجلس النواب قدرة في التأثير على سياسة الحكومات وليس مؤيدا مطلقا لها. 


الثابت الواضح ان المرحلة المقبلة مختلفة، وعلينا جميعا المساهمة في إنجاح التجربة الإصلاحية التي أمر بإطلاقها جلالة الملك من خلال منظومة الإصلاح التي تم انجازها تمهيدا للوصول لحكومات برلمانية، وهذا يعني انه يتوجب على الجميع وضع قطار الإصلاح على سكته الصحيحة، وترك البرلمان يخط طريقه بالشكل الذي يضمن إعادة الدور للمؤسسة التشريعية في أخذ دورها الحقيقي الذي حدده الدستور لها، وانجاح الإصلاح الذي أراده الملك وتحدث عنه اكثر من مرة في اوراقه النقاشية المختلفة، وأبرز ذاك يتمثل في اهمية اعادة الهيبة والقوة للمؤسسة التشريعية وتحقيق سيادة القانون والعدالة للجميع والمواطنة، ومكافحة الفساد والافساد، وهيكلة المنظومة الادارية التي تعاني من ترهل بات يؤثر على مفاصل الدولة.


نأمل ان نشاهد خلال الحملات الانتخابية برامج سياسية تتصارع ورؤى اصلاحية تقدم حلولا لما يعاني منه الوطن والمواطن من مشاكل وقضايا، وافكارا تساهم في تحقيق نهوض اقتصادي واستثماري واجتماعي وسياسي.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا