"أسرى يكتبون" يناقش 28 عملا أدبيا للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني

غلاف الكتاب-(من المصدر)
غلاف الكتاب-(من المصدر)
عمان- احتضن كتاب "أسرى يكتبون" ندوات تعريفية أقامتها رابطة الكتاب الأردنيين لستة وعشرين أسيرا وأسيرة من الأسرى الفلسطينيين، أغلبهم ما يزال يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن منشورات الرابطة، وصدر عن دار جدل للنشر والتوزيع.اضافة اعلان
الشهيد الأسير الفلسطيني وليد دقة، الذي قضى قرابة ثلثي عمره في سجون الاحتلال واستشهد فيها جراء الإهمال الطبي بعد تشخيصه بمرض السرطان، وكتب من داخل السجن العديد من المؤلفات التي وثق فيها تجربة النضال والأسر منها رواية "صهر الوعي" و"الزمن الموازي" ورواية "حكاية سر الزيت"، تم اختيار بعض من كلماته على غلاف الكتاب والتي تقول: "ليس السجن بأسواره وأسلاكه الشائكة هو الذي يأسرنا فحسب، ولو سألتموني ما هو أهم استخلاص لك خلال هذه العقود الثلاثة التي أمضيتها في السجن لقلت لكم: أننا فقدنا فلسطين لا لأننا ضعفاء، وإنما لأننا ضعفاء بفعل الجهل. ومنقسمون بفعل الجهل، الجهل هو أخطر السجون، وهو أشد أعدائنا لأنه يحول العقل لزنزانة تحتجز فيها مستقبلك ومستقبل الأجيال القادمة".
وأيضا شرح الشهيد دقة: "لم يكن دافعي لكتابة (حكاية سر الزيت)، و(سر السيف) الإبداع فحسب، وإنما الصمود داخل الأسر، ولم يكن الصمود ممكنا لكل هذه السنوات الطويلة دون أن أحرر عقلي من زنزانته رويدا رويدا، وبقدر ما أرغب بالتحرر من السجن أريد أن أنتزعه مني".
"أن أكثر ما آلمني هو أني عايشت في الأسر الجد والابن والحفيد، وشعرت بأن ثمة سيناريو يعيد نفسه، وكأن السجن إرث يرثه الأبناء والأحفاد عن الأجداد، ولهذا أردت أن يخرج (جود) في حكاية (سر الزيت)، عن هذا المألوف. وأن يخط طريقه خارج الدروب التي تؤدي إلى السجن وأن يفكر في المستقبل على نحو مختلف عما فكرت به أجيالنا، أردت أن أطلق العنان لخيال هذه الأجيال حتى تتحرر من السيناريوهات التي أعدت لنا فأعددناها لهم وأدخلت أجيالا وشعبا بأكمله داخل الأسوار"، على لسان الشهيد دقة.
يضم كتاب "أسرى يكتبون" الندوات التعريفية التي أقامتها الرابطة لمناقشة (28 عملا أدبيا) لستة وعشرين أسيرا وأسيرة من الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى ندوة خصصت لمناقشة كتاب "ترانيم اليمامة" التي اشتركت بكتابته عشر من الأسيرات الفلسطينيات، وتم بث تلك الندوات عبر تقنية "زوم"، وعبر صفحة الرابطة على موقع "فيسبوك"، ويتخذ الكتاب الطابع التوثيقي لأدب الحركة الأسيرة، وما يحدث حول هذا الأدب من أسئلة إبداعية وأخرى سياسية وثقافية.
وقد ناقشت هذه الندوات المؤلفات للأسرى: "حسام زهدي شاهين، باسم خندقجي، أسامة الأشقر، منذر مفلح، أحمد سعدات، هيثم جابر، نادية الخياط، وداد البرغوثي، معتز الهيموني، أيمن الشرباتي، مي الغصين، عمار الزبن، راتب حريبات، عمار عابد، ثائر حنيني، رائد السعدي، أماني حشيم، أحمد عارضة، ناصر الشاويش، محمود عارضة، سائد سلامة، قتيبة مسلم، رأفت البوريني، عنان الشلبي، كميل أبو حنيش، وليد دقة".
رئيس الرابطة الكتاب السابق المحامي والشاعر أكرم الزعبي، كتب تقديما الكتاب يشير فيه إلى أن رابطة الكتاب الأردنيين انسجاما مع فلسفتها وأهدافها المنصوص عليها في نظامها الأساسي، فقد ارتأت هيأتها الإدارية وبمبادرة طيبة من بعض أعضائها أن تتبنى فكرة إقامة ندوات نقدية وبحثية خاصة بالإنتاج الإبداعي الكتابي لهؤلاء الأسرى، تحت عنوان "أسرى يكتبون"، وتضمنت أوراقا نقدية وشهادات للأسرى أنفسهم، أو لذويهم.
ويبين الزعبي، أن الرابطة أقامت ما يقارب خمسا وعشرين ندوة لخمسة وعشرين أسيرا، كما قامت الرابطة بتكريمهم بدورع الرابطة تقديرا لنضالاتهم وتضحاياتهم، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية مركزية، وقضية أردنية مشتبكة مع القيادة والحكومة والشعب باعتبار أن فلسطين من المكونات الوجودية للإنسان الأردني وباعتبار التاريخ الأزلي، والجغرافيا الواحدة، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ويشير الزعبي إلى ردة فعل أحد الأسرى الذي طلب أن نقيم ندوة لكتابه وأخبرني عبر اتصال هاتفي بأنهم في السجون الإسرائيلية ينتظرون هذه الندوات على أحر من الجمر، وأنها تصل إليهم مسجلة ويشاهدونها ولو بعد حين، لذلك جاءت فكرة توثيق هذه الندوات في كتاب خاص يحمل اسم المبادرة نفسها "أسرى يكتبون"، عبر منشورات رابطة الكتاب الأردنيين، لتظل شاهدة على إبداع الأسرى، ولتكون شهادة للتاريخ، على سوء ما يلقونه من الاحتلال الغاشم، ومن السجان، من ظلم ومعاملة جسدية ونفسية وحشية.
عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الروائي عبدالسلام صالح كتب كلمة بعنوان "مبادرة"، يقول فيها "انطلقت مبادرة "أسرى يكتبون" في عمان لأول مرة في أيلول 2020، ولم يكن لها أن ترى النور لولا الجهود الكبيرة والمتواصلة التي يبذلها الصديق العزيز المحامي الحيفاوي حسن عبادي، والذي أعطاها من وقته وجهده الكثير من أجل استمرارها، وكذلك رئيس الرابطة الشاعر والمحامي أكرم الزعبي الذي قدم دعما غير محدود لهذه المبادرة، وحرصه على تذليل أي صعوبات تعترضها".
وطرح صالح العديد من التساؤلات حول إذا ما كانت صدفة ما يحدث على المستوى الثقافي في الوطن العربي، من تفريغ للعواصم الثقافية العربية من مضامينها وإفقادها دورها وألقها وبريقها، ويتم العمل على صناعة مراكز وعواصم ثقافية جديدة بمضامين مشوهة ومشبوهة، تمهد وتهيأ منذ سنوات طويلة لقبول الآخر -الصهيوني تحديدا- وتحسين صورته في الوجدان العربي الجمعي من خلال الأدب والدراما، وصولا للمسمى "التطبيع".
اشتمل الكتاب على نبذة عن كل أسير مرفقة بصورته، وتقرير تم نشره في وسائل الإعلام في العالم العربي حول كل ندوة (شارك في كتابة غالبية التقارير الكاتب فراس حج محمد ونشرت في حينه في صحف ومجلات متعددة)، وشهادات للأسرى أنفسهم (ألقاها في حينه أحد أقارب الأسير نيابة عنه). وتدور كلمة الأسرى الكتاب حول نجاح كتبهم في اختراق الأسوار، وتمردها على السجان، معبرين عن فرحتهم لمثل هذه الندوات التي يتم فيها مناقشة كتبهم، لما تحمله من شهادة على المرحلة التي يعيشونها، مؤكدين أهمية تلقيها إبداعيا ونقديا بعيدا عن نزعة التعاطف مع الأسرى حتى لا تؤثر في تقييم ما كتبوه بطريقة موضوعية.