التشكيلي حدادين: الإبداع الجمالي الحقيقي ينحاز للقضايا الحياتية

الفنان التشكيلي سعيد حدادين وجانب من لوحاته-(من المصدر)
الفنان التشكيلي سعيد حدادين وجانب من لوحاته-(من المصدر)

ينتهج الفنان التشكيلي الأردني سعيد حدادين أسلوباً تجريدياً تعبيرياً خاصاً، معتمداً على فلسفة خاصة تبرهن تمكنه وقدرته على الرسم بمهارة فنية يجيدها في عملية تكوين اللوحة وفق الموضوع والرؤية الفنية النابعة من مخيلته.

اضافة اعلان


ويعتمد حدادين في إعداد وتنفيذ أعماله الفنية على مخزونه الفكري الذاهب باتجاه الأسلوب التجريدي التعبيري، مستخدما ألواناً متناغمة ومنسجمة تفصح في مضامينها عن شحنات تعبيرية عن مواقف إنسانية معبرة تبهر وتلامس مشاعر المتلقي وتجذبه للتأمل في أعماله، التي تميل في الغالب إلى أسلوب التجريد التشخيصي الحديث والمعاصر باحترافية عالية الجودة، ما يوحي ذلك إلى تمتعه بثقافة عالية في ربط الفن التشكيلي بالسياسة والأدب والقضايا الاجتماعية على حد سواء، مما يجعله أكثر إشراقاً وجمالاً في إنتاجه التشكيلي الذي يذهب به إلى المدى الأرحب.


العلاقة بين الألوان والفكرة هي أساس بناء اللوحة لديه، والتي يعتبرها حروفه ولغته الفصيحة لسردها وفق محتوى اللوحة من الناحيتين الفكرة واللون، حسب رؤيته.


تمكن حدادين الذي تمتد تجربته على نحو 50 عاماً في مختلف المدارس الفنية، من نقش اسم لنفسه في عالم الفن التشكيلي كملهم ومعلم للفنانين الآخرين، إلى جانب دوره في تشجيع المواهب الجادة في ممارسة الرسم التشكيلي بأنواعه ليثري الحركة التشكيلية الأردنية تطبيعاً وأكاديمياً طيلة مسيرته الفنية التشكيلية التي وصلت إلى ما يزيد على نصف قرن والتي بدأها منذ نعومة أظفاره، ثم ذهب إلى الاتحاد السوفياتي سابقاً العام 1969 ودرس في أكاديمية الفنون (الفوف)، وحصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة العام 1975.


ولم يختر حدادين الفن من فراغ، بل لأنه رأى فيه وسيلة للتعبير والجمال ورسالة إنسانية بحتة، وليس تعامله مع الفن كوسيلة للتجارة، وفق ما أكده "يجب أن يكون للإبداع الجمالي مكانته الحقيقية وعلى مستوى الوعي ومنحازا للقضايا الحياتية التي يشهدها العالم والمجتمع في آن واحد"، دائباً في سعيه المستمر إلى تقديم لوحاته المعتمدة على تشويه الوجوه كحالة تعبيرية تكشف قدرة ميله إلى الاحتيال على الشكل لرسم أشخاص قابعين في ذاكرته، دون العناية بتفاصيل رسوماته داخل أجزاء اللوحة، الأمر الذي يعطي حدادين جواز مرور للعبور إلى ساحة التشكيلي الأردني المعاصر في تعامله مع الألوان بحرفية لا تخدش العين.


يستقي التشكيلي حدادين من ممارسته الدؤوبة المستمرة في نتاجه الفني الإتقان والتمكن من الأداء في تكوينات الوجوه بتعبيرات وجدانية، لتصل إلى حيازة ذائقة ترقى إلى القيمة الفنية التي يسعى إليها، وليثبت كل فنان وجوده الفني في ساحة فنية مزدحمة بالمبدعين الذين يمتلكون التميز بالإبداع والابتكار، وفق ما أكده لـ"الغد" أن الفنان إنسان متفاعل مع الحياة إلى أقصى حدود الوعي والحساسية.


ويبرع حدادين، وهو أحد مؤسسي رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، في الاختزال واستخدام اللون الواحد بعمق في رسوماته الكاريكاتيرية عن القضايا والأحداث السياسية، مشيراً إلى أن فن الكاريكاتير له خصوصية في تبليغ فكرة لكل الناس، بحسبه، إذ إن الكاريكاتير فن يتميز بالبساطة والعمق والاختزال، وهو أقرب إلى الحكمة التي تتداولها الألسن منذ مئات السنين، إذ يستطيع الكاريكاتير التعبير عن أكبر وأعمق قضايا الإنسان الفكرية والسياسية والاجتماعية.


ويشرح أن للكاريكاتير أساليب مختلفة، منها الساخر الفكاهي ومنها الساخر السوداوي، وأهمها الكاريكاتير السياسي الذي أصبح طبقا يوميا مهما للقارئ والمشاهد في كل أنحاء العالم، حيث يعتبر أن رسالة الكاريكاتير تلخص جوهر الأحداث عبر تكثيف بصري وفكري، قلما يستطيع القيام به فن آخر.


وأقام حدادين 16 معرضا شخصيا منذ العام 1975، وكان آخر معرض له بعنوان "شهقة لون"، العام الماضي، برعاية الأميرة وجدان الهاشمي، وبتنظيم من المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة.


ويذكر أن حدادين من مواليد العام 1945 في بلدة ماعين بمحافظة مادبا، وشارك في حوالي 20 معرضاً جماعياً داخل الأردن وخارجه، كما شارك في العديد من الملتقيات الفنية المحلية والعالمية، ويقتني أعماله عدد من المتاحف، حيث عمل منذ تخرجه مدرسا للرسم والتشريح في معهد الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة في عمان من العام 1974 إلى العام 1979، ومدرسا لمادة التربية الفنية والرسم الحر والديكور في عدد من كليات المجتمع، وفي الجامعة الأردنية، وفي مركز تدريب الفنون الجميلة التابع لوزارة الثقافة، وإلى جانب ذلك، كانت الكتابة النقدية رفيقاً لعمله الحقيقي كرسام كاريكاتير في صحيفة الشعب اليومية.