بعد "التمكين".. نساء وادي الأردن أمام تحدي التمويل وتجارب "الغارمات"

سيدة تعد المواد الأولية في منزلها لصناعة سلال القش بوادي الاردن-(الغد)
سيدة تعد المواد الأولية في منزلها لصناعة سلال القش بوادي الاردن-(الغد)

وادي الأردن– دورات تدريبية وورش عمل عديدة، استهدفت خلال السنوات الماضية إكساب النساء والفتيات في الأغوار المهارات والخبرات اللازمة التي تمكنهن من إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة للنهوض بواقعهن الاقتصادي والمعيشي، إلا أن غالبيتهن لم يستطعن البدء بمشروع لغياب التمويل الميسر بعيدا عن مخاوف اللحاق بركب الغارمات. 

اضافة اعلان

 

  وتبذل العديد من مؤسسات المجتمع المدني في وادي الأردن جهوداً كبيرةً لتمكين المرأة اقتصاديا، إلا أنها تصدم بغياب التمويل وإيجاد فرص ومساحات تسويقية لمنتوجاتهن.         


تقول رئيسة جمعية التعاون الخيرية كوثر العدوان إن المرأة في مختلف مناطق وادي الأردن بأمسّ الحاجة للمساعدة من أجل النهوض بواقعهن المعيشي والاقتصادي، مشيرة إلى أن المطلوب هو التحول من الاعتماد على المساعدات إلى أن تصبح عضوا فاعلا ومنتجا في المجتمع.


وتضيف، أن الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني أخذت على عاتقها القيام بهذا الدور من خلال تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل النسوية لإكسابهن الخبرات والمهارات اللازمة لذلك، إلا أن غالبية هذه الجهود لم تفلح في تمكين النساء كونها لا تقدم الدعم اللازم لإنشاء المشاريع الصغيرة.                     


وتقول "المرأة حققت مكاسب كبيرة خلال السنوات الأخيرة، بيد أن الأهم هو تمكينها لتصبح عنصرا فاعلا ومنتجا في المجتمع بما يسهم في تأمين حياة أفضل لأسرتها"، مضيفة، "من الضروري توفير التمويل اللازم لمساعدة المرأة على إنشاء مشروعها، وغياب التمويل أحد أهم المعيقات أمام ذلك".      
وتبين أنه يوجد العديد من النماذج الناجحة على مستوى المشاريع الإنتاجية المنزلية إلا أن عدم قدرتهن على تسويق المنتوجات شكل عامل إحباط، مشددة على ضرورة العمل على إنشاء بازار دائم في منطقة البحر الميت لتمكين السيدات من تسويق منتجاتهن كون المنطقة تؤمها أعداد كبيرة من السياح والزوار.


وكان وزير الصناعة والتجارة يوسف الشمالي قد أكد خلال زيارته المنطقة بداية العام الحالي، استعداد وزارتي الصناعة والعمل لمساعدة أصحاب الأعمال لتسويق منتجاتهم في أسواق المؤسسة الاستهلاكية المدنية وإمكانية إقامة معارض خاصة لا سيما خلال فترات المواسم.


الخمسينية أم غالب إحدى السيدات التي تلقت العديد من الدورات والورش من أجل اكتساب مهارات الأعمال اليدوية، تقول حول واقع المرأة بوادي الأردن، "التحقت بعدة دورات وورش عمل تدريبية على الأشغال اليدوية كتصنيع السلال من أوراق الموز وصناعة المشغولات اليدوية الأخرى إلا أنني لم أحضَ بفرصة عمل"، مؤكدة أن بإمكانها إقامة مشروع في حال توفر التمويل اللازم. 


وتبين أنها حاولت الحصول على تمويل من الجهات الإقراضية إلا أن الشروط والمتطلبات المطلوبة تسببت لها بحالة من القلق والخوف من عدم القدرة على السداد كون المشاريع الصغيرة تحتاج إلى وقت أطول للحصول على نتائج جيدة. 


وتشاركها الرأي أم أحمد التي تلقت تدريبات على صناعة الأطعمة المنزلية كالألبان والأجبان والمخللات، ولم تستطع المضي قدما في العمل لعدم توفر السيولة اللازمة للبدء بمشروعها الخاص، قائلة "كنت آمل بالحصول على تمويل كمنحة من الجهات الداعمة ولم أتمكن من ذلك".


وتدعو أم أحمد إلى ضرورة توفير الدعم المادي اللازم للنساء اللاتي يملكن الفرصة اللازمة والإمكانات المهارية لإنشاء مشاريع صغيرة وتوفير سبل تسويق دائمة لمنتجاتهن.


وتؤكد رئيسة جمعية سيدات الروضة الخيرية مريم الهويمل أن المرأة من أهم عوامل التغيير في المجتمعات، ولا بد من دعمها من كافة النواحي وخاصة الناحية الاقتصادية، مشيرة إلى أن مساعدة المرأة وتمكينها من التقدم والنجاح على المستوى الاقتصادي يعتبر من أبسط حقوقها.
وتبين أن المرأة في مناطق الأغوار تحمل على عاتقها عبئا كبيرا، إذ أن معظم النساء يتحملن مسؤولية الأسرة والإنفاق عليها خاصة بعد جائحة كورونا التي تسببت بفقدان الكثير من أرباب الأسر لعملهم، موضحة أن التراجع الكبير الذي حل بقطاعي الزراعة والسياحة انعكس سلبا على قدرة المرأة على العمل وتوفير الدخل اللازم لأسرتها.


لأجل ذلك، تقول الهويمل "يجب العمل على تمكين المرأة اقتصاديا من خلال التوجه لتشجيع المشاريع الصغيرة والمنزلية وتوفير الدعم اللازم لإقامة مثل هذه المشاريع، وضرورة العمل على تأهيل النساء وتدريبهن على هذه المهن". 


ولفتت إلى أن قضية الغارمات وما نتج عنها من نتائج سلبية على النساء أثار حفيظة البقية ودفعهن إلى العزوف عن الاقتراض من المؤسسات المعنية خاصة وأن فوائد القروض مرتفعة ومخاطرها ليست ببعيدة، داعية إلى ضرورة الدفع باتجاه توفير فرص عمل ميسرة وآمنة للنساء أو منحهن المقومات اللازمة لإنشاء مشاريع مستقلة من خلال تقديم المنح. وترى مديرة مركز الأميرة بسمة/ الشونة الجنوبية دنيا العدوان، أن إدماج المرأة وخاصة الفقیرة في المجتمع وتمكینها من الحصول على فرص المشاركة في مختلف مجالات التنمیة الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة يعتبر أهم أهداف المركز، موضحة أن تمكين المرأة اقتصاديا سيكون له أثر كبير في مكافحة الفقر والنهوض بالواقع المعيشي لأسرهن.


وتضيف أن المركز أخذ على عاتقه العمل على بناء قدرات النساء ومساعدتهن على امتلاك المهارات والقدرات اللازمة في التخطیط والإدارة والاتصال من خلال برامج تدريبية متخصصة، لافتة إلى أن المركز قام منذ إنشائه بتدريب النساء والفتيات على مهارات الحياة ودورات تدريبية في الصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف وإدارة الميزانية وذلك بهدف إدماجها في سوق العمل، إضافة إلى تشبيكهن مع مؤسسات تساعدهن في تمويل مشاريعهن من خلال قروض ميسرة للمضي قدما في مشروعهن أو الحصول على فرصة عمل.


وتؤكد أن المشروعات الصغيرة تعتبر إحدى الآليات المهمة التي لها القدرة على تنمية المجتمعات ما يتطلب المزيد من العمل والتنسيق والتشبيك بين جميع القطاعات والأطراف من أجل خلق فرص عمل وتوفير التمويل اللازم لإقامة المشاريع الصغيرة المدرة للدخل، خاصة وأن المرأة في الأغوار أثبتت كفاءة عالية في إدارة الأعمال رغم أن عددا كبيرا منهن يتحملن مسؤولية إعالة الأسرة بشكل كامل.


ويشير منسق جمعية معهد تضامن النساء الأردني في الأغوار أمجد العدوان إلى أن المرأة عانت كثيراً جراء جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، لافتا إلى أن الأرقام الرسمية ما قبل جائحة كورونا تبين أن نسبة مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية لا تتعدى 2,15 % في حين أن نسبة القوى العاملة بين النساء تبلغ 14 %، موضحا أن هذه الأرقام تراجعت كثيراً خلال العامين الماضيين.


ويوضح أن جائحة كورونا فاقمت من الأوضاع الاقتصادية للنساء من خلال فقدان الآلاف لوظائفهم وتراجع الأشغال التي تعتمد العمالة فيها على القطاع النسائي كالمصانع والزراعة، مشددا على ضرورة دعم المرأة اقتصاديا واجتماعيا وبناء قدراتها من خلال دورات تدريبية والتشبيك مع الجهات الممولة لإقامة المشاريع الصغيرة المدرة للدخل والعمل على تكثيف برامج التدريب والتأهيل لإكساب المرأة الخبرات اللازمة لدخول سوق العمل.

 

 

اقرأ أيضا:

المرأة الأردنية.. مشاركات متواضعة وجهود التمكين "تراوح مكانها"