وادي الأردن: "حريق الكرامة" يفتح ملف الاستجرار غير المشروع للكهرباء

بقايا منزل عشوائي احترق في إحدى مزارع الكرامة بالغور الشمالي-(الغد)
بقايا منزل عشوائي احترق في إحدى مزارع الكرامة بالغور الشمالي-(الغد)

حابس العدوان

الشونة الجنوبية- في حادثة، هي الثانية خلال عامين، قضى فيها أربعة أفراد من عائلة واحدة من الجالية الباكستانية نحبهم في حريق لخيمتهم البلاستيكية، بمزرعة في منطقة الكرامة بلواء الشونة الجنوبية، بعد أن شهد العام 2019 حريق خيام، أسفر عن وفاة 13 شخصا من أسرة واحدة معظمهم من الأطفال.

اضافة اعلان


"تماس كهربائي"؛ هو السبب الرئيس في الحادثتين التي قضى فيها 17 فردا معظمهم من الاطفال، يستوجب الوقوف مطولا عند هذه الحوادث التي تتكرر بين الفينة والأخرى، بخاصة وأن غالبية هذه الحوادث، تنحصر في أسر الجالية الباكستانية التي تتعمد بناء مساكنها في المزارع، بأقل الكلف والإمكانات المتاحة.


وتعمد معظم هذه الأسر لاستجرار التيار الكهربائي بطرق غير مشروعة، ودون اتباع شروط السلامة العامة، فالاسلاك غير مطابقة للمواصفات الفنية اللازمة، ومعظمها ملقاة على الارض وكثيرة التوصيلات، والتي عادة ما تتعرض للتلف بسبب اشعة الشمس، ما يزيد من خطورتها في ظل وجود كثير من المواد سريعة الاشتعال.


ويرى المدير التنفيذي لكهرباء وادي الاردن والشرقية المهندس سعيد عبيدات، ان هذه العائلات تتعمد استجرار التيار الكهربائي بطرق غير مشروعة، وغالبا ما تكون الأسلاك ممدودة لمسافات طويلة، وبشكل مخالف لشروط السلامة العامة، مبينا ان كثرة التوصيلات والتمديدات الكهربائية الارضية بين الخيام، يجعل الاسلاك اكثر عرضة للتلف.


ويحذر عبيدات قاطني الخيام من الاعتداء على الشبكات واستجرار التيار الكهربائي، لما له من مخاطر كبيرة على الارواح والممتلكات، بخاصة في فصل الشتاء، موضحا بأن خطورة الأمر تكمن في أن حدوث أي شرارة نتيجة التماس الكهربائي، مع وجود الكثير من المواد البلاستيكية والأقمشة، سيتسبب بحريق سريع الاشتعال، وتحديدا إذا تزامن مع هبوب الرياح، في حين ان أي قطع او كشط في الاسلاك، قد يتسبب بصعقات كهربائية مع وجود المياه على الارض.


وتعيش معظم الأسر الباكستانية، التي تعمل في القطاع الزراعي بوادي الأردن، إذ يزيد تعدادها على 20 ألف نسمة، في خيام بلاستيكية بالمزارع، وبعيدا عن التجمعات السكانية، ما يصعب من عمليات الانقاذ في حال وقوع حادث لأسرة أو فرد منها، على غرار الحادثين اللذين وقعا خلال عامين.


وكان الحريق اندلع حوالي الساعة الواحدة فجرا في منطقة تبعد حوالي 20 كم عن أقرب مركز دفاع مدني و5 كم عن اقرب تجمع سكاني.


ويوضح المزارع الباكستاني عبدالستار، ان المزارعين الباكستانيين يعيشون ظروفا معيشية، اذ تضطر معظم العائلات، إلى توفير نفقاتها إلى الحد الأدنى الذي تستطيع معه توفير لوازم العيش، ما يدفعهم إلى بناء الخيام والسكن في الأراضي التي يعملون فيها دون مراعاة شروط السلامة العامة، لافتا إلى أن مثل هذه المنازل، لا يمكن لها بأي حال من الاحوال الحصول على ترخيص بايصال التيار الكهربائي إليها.


ويوضح ان كل اسرة، تعمد إلى بناء خيامها في المزرعة التي تعمل بها، لتوفير نفقات الايجار والتنقل وما إلى ذلك، لافتا إلى ان ارباب الاسر، يبنون هياكل هذه الخيام من المواسير المعدنية او الاخشاب، ويغطونها بالكرتون وقطع القماش، ثم يغطونها بالبلاستيك، لمنع دخول المياه إليها.


ويؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن خيام الباكستانيين تنتشر على نحو ملحوظ على جوانب الطرق وفي الوحدات الزراعية بوادي الأردن، على شكل تجمعات سكنية، تعيش ضمن أقل من الحد الأدنى للشروط الصحية والمعيشية، الواجب توافرها لحياة إنسانية كريمة، اذ يعمل غالبية أفراد الأسرة في زراعة الخضراوات، وبعضهم يقوم بضمان للاراضي وزراعتها على حسابه الخاص، والجزء الآخر يعمل لديهم مقابل أجر.


ويبين ان ما يزيد على 20 ألف مزارع باكستاني، يقطنون مناطق وادي الاردن، ويعمل غالبيتهم في الأعمال الزراعية، موضحا ان أكثر من 90 % منهم يلجأون لبناء خيام مكونة من طبقات الكرتون والأقمشة البالية المغطاة بالبلاستيك، في الأراضي الزراعية التي يعملون فيها.


ويؤكد الخدام، ان المنطقة شهدت في السنوات الماضية، كثيرا من حالات الوفاة الناجمة عن صعقات كهربائية، سواء بسبب الاستجرار غير المشروع أو استجرار التيار الكهربائي بطرق غير سليمة.


ويشدد على ضرورة قيام الجهات المعنية كوزارة الزراعة والدفاع المدني، بالتعاون مع الحكام الإداريين، للكشف على هذه المساكن، والتأكد من توافر شروط السلامة العامة، بخاصة فيما يتعلق بايصال التيار الكهربائي.


من جانبه، يشير رئيس لجنة الصحة والسلامة العامة متصرف لواء الشونة الجنوبية محمد العون، الى انه سيجري العمل بالتعاون مع الجهات المعنية، للحد من مثل هذه الحوادث المفجعة، عبر توعية أصحاب المزارع والمزارعين بخطورة إيصال التيار الكهربائي بطرق غير سليمة على أرواحهم وممتلكاتهم.

إقرأ المزيد :