خطبة الجمعة ومشكلات المجتمع

figuur-i
figuur-i

د. أحمد ياسين القرالة

تحدثنا في مقالات سابقة عن دور خطبة الجمعة وأثرها في حل مشكلات المجتمع وتحقيق التنمية، وذكرنا أن طاقات المساجد في غير موضوع الصلاة مهدورة ومعطلة، وبينا أن هناك خللاً في ثقافة الوقف عند الموطنين، وقد دعونا في تلك المقالات إلى إعادة النظر في مضامين خطبة الجمعة وموضوعاتها بطريقة صحيحة تجعلها تؤدي دورها وتحقق مقصودها في هذا الظرووف الصعبة التي نعيشها، إذ لا يجوز أن يقتصر دورها على الوعظ والإرشاد التقليدي على فرض قيامها بهذه المهمة، وطالبنا أن يكون للوزارة دور أكبر في توجيه الثقافة الوقفية نحو خدمة المجتمع والتغلب على مشكلاته، والعناية بالأوقاف التي تشرف عليها، وتعظيم منافعها وعوائدها، خاصةً وأن للأوقاف وظيفة مهمة في تحقيق التنمية وعلاج المشكلات الاقتصادية للمجتمع كالفقر والبطالة.اضافة اعلان
ولكن الناظر في مواضيع خطب الجمعة يجدها تفتقر للإحصائيات والبيانات الدقيقة، وتتجاهل الفروق الفردية بين المجتمعات، موضوعاتها مكررة غير مترابطة مع بعضها البعض ولا تلامس حاجات المجتمع الأساسية، ولا تسهم في تحقيق التنمية، فهي تفتقر للرؤية الاستراتيجية والتخطيط بعيد المدى.
وحتى تنجح الوزارة في تطوير خطبة الجمعة وتفعيل مساجدها، عليها أن تضع خطة شاملة مشتقة من خطة الحكومة وبالتنسيق مع مؤسستها المختلفة لعلاج مشكلات المجتمع المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، بحيث يصبح المسجد رديفاً لمؤسسات الدولة في تنمية المجتمع والحد من مشكلاته.
ولتحقيق ذلك على الوزارة أن تقوم بدراسات متخصصة بالتعاون مع الجامعات ومراكز الاستطلاع والبحث؛ لقياس وتقويم أثر خطبة الجمعة في تحقيق التنمية وحل مشكلات المجتمع، ورصد آراء المواطنين واقتراحاتهم والاستفادة من التغذية الراجعة في التحسين والتطوير.
ومن الضروري لتحقيق هذا المقصد إعادة توصيف مهمة الإمام وتغيير طبيعتها، فلا يجوز أن يقتصر دوره على إمامة المصلين، فهذا العمل يحسنه أي واحد من المصلين ولا يمكن اعتباره وظيفة، بل يجب عليها وبالتأهيل الجيد أن تجعل الإمام محورَ العمل العام في الحي أو البلدة، وذلك بالتنسيق مع بقية دوائر الدولة من شرطة ومكافحة مخدرات وتنمية اجتماعية وتربية وتعليم وغيرها.
كما نوصي الوزارة بإعادة النظر في مهمة المسجد والعمل على استغلال طاقته الاستغلال الأمثل، فنحن والحمد لله نمتلك فائضاً من المساجد المنتشرة في مدن وأحياء تفتقر للمدراس والمستوصفات والنوادي، وقد كلَّف بعضها الملايين من الدنانير مع محدودية مواردنا، طاقتها الفعلية معطلة ونسبة الإشغال فيها قليلة جداً لا تتناسب مع طاقتها الاستيعابية ولا مع كلف إنشائها وتشغيلها.
يمكن للوزارة وبالتنسيق مع بقية الوزارات كوزارة التربية والصحة والدفاع المدني وغيرها، من استغلالها بشكل كامل ومميز لتكون مدارس ورياض أطفال ومستوصفات طبية أو نواد رياضية، وأن تجهَّز بطريقة ما لتكون غرف طوارئ مزودة بكل الاحتياجات الضرورية للتعامل مع الظروف الطارئة والحالات الاستثنائية.