مواجهة "عموم داعش" في سورية

ديفورا مارغولين – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) 27/4/2023 توفر دراسة عمليات “القيادة المركزية الأميركية” أحادية الجانب ومع الشركاء ضد كبار مسؤولي تنظيم “داعش” في سورية معلومات مفيدة حول القدرات الحالية للتنظيم وتركيز اهتمام الولايات المتحدة في المنطقة. * * * في بيان “مراجعة العام” لسنة 2022 الصادر عن “القيادة المركزية الأميركية” حول الوضع الحالي للحرب ضد تنظيم “داعش”، سلّط القائد العام، مايكل كوريلا، الضوء على ثلاث فئات، هي (1) “عناصر داعش رهن الاحتجاز”، أي آلاف الرجال والفتيان المنتمين إلى التنظيم والمحتجزين في سجون العراق وسورية؛ و، (2) “الجيل القادم المحتمل من داعش”، أي ما يقرب من 55.000 إمرأة وقاصر محتجزين في المخيمات؛ و، (3) “عموم داعش”، أي القادة والعملاء الذين “تحاربهم الولايات المتحدة حاليا مع شركائها “في العراق وسورية. وعلى الرغم من أن الجنرال كوريلا أشاد بالجهود المستمرة لإضعاف “داعش” عسكرياً، إلا أنه أشار أيضاً إلى أن أيديولوجية التنظيم ما تزال قائمة، وأن الحاجة تدعو إلى “عمليات مشتركة” لمواصلة الضغط عليه. وتتوافق هذه النظرة مع تحول الاستراتيجية الأميركية في سورية على مدى العام ونصف العام الماضيين، من مهمة عسكرية إلى “تقديم المشورة والمساعدة والتمكين” للشركاء المحليين. ولكن، في الوقت نفسه واصلت القوات الأميركية شن ضربات أحادية الجانب ضد قادة “داعش” في سورية حتى هذا الشهر.

استهداف تنظيم “داعش” في 2022

بعد فترة وجيزة من إعلان “داعش” ما يسمى بـ”الخلافة” في حزيران (يونيو) 2014، قامت الولايات المتحدة وشركاؤها بتأسيس “التحالف الدولي لهزيمة داعش”، الذي توسع منذ ذلك الحين ليشمل بين أعضائه خمساً وثمانين دولة. وفي العام نفسه، قامت “القيادة المركزية الأميركية” بتشكيل “قوة المهام المشتركة -عملية العزم الصلب” لتنظيم المهمة العسكرية ضد تنظيم “داعش”. ومع ذلك، تطورت استراتيجية الولايات المتحدة والتحالف في وقت لاحق بعد هزيمة “داعش” على صعيد الأراضي في آذار (مارس) 2019، مع تبني “القيادة المركزية الأميركية” نهج “المشورة والمساعدة والتمكين” مع الشركاء المحليين في كانون الأول (ديسمبر) 2021. انطوت غالبية العمليات التي نُفذت ضد “داعش” منذ ذلك التاريخ على التعاون مع الشركاء. ففي سورية، على سبيل المثال، أشار بيان مراجعة العام الصادر عن “القيادة المركزية الأميركية” إلى تنفيذ 108 عمليات مع الشركاء في العام 2022، مقارنة بـ14 عملية فقط من جانب واحد. وتم خلال هذه العملية اعتقال 215 مقاتلاً من تنظيم “داعش” ومقتل 466 آخرين. والجدير بالذكر أن استخدام “القيادة المركزية الأميركية” لمُصطلحَيْ “شريك” و”أحادي الجانب” لا يعني بالضرورة أن جميع العمليات التي وُصفت بأنها أحادية الجانب قد أُجريت من دون مستوى معين من دعم الشركاء. واستهدفت الكثير من العمليات في العام 2022 قيادات تنظيم “داعش” بشكل خاص، ومنها: • غارة أحادية الجانب في 3 شباط (فبراير) أسفرت عن مقتل أبو ابراهيم الهاشمي القريشي (المعروف أيضاً بالحاج عبد الله)، وهو “الخليفة” الثاني للتنظيم وأكبر قياديّيه. • غارة للتحالف في 16 حزيران (يونيو) تم خلالها القبض على هاني أحمد الكردي (المعروف أيضاً باسم سالم)، وهو صانع قنابل متمرس، وميسر عمليات، وزعيم بارز في تنظيم “داعش” في سورية. • غارة أحادية الجانب بطائرة من دون طيار في 12 تموز (يوليو) أسفرت عن مقتل مسؤول في تنظيم “داعش” يدعى ماهر العقال (المعروف بإعداد شبكات خارج العراق وسورية) وجرح مسؤول كبير آخر. وشهد تشرين الأول (أكتوبر) عمليات متعددة ضد قيادة التنظيم، وأسفرت غارة أميركية في 5 تشرين الأول (أكتوبر) عن مقتل المسؤول الكبير راكان وحيد الشمري، وأدت إلى اعتقال اثنين من مساعديه. وفي اليوم التالي، أسفرت عملية أميركية أخرى عن مقتل أبو هاشم الأموي (المعروف أيضاً بـ”أبو علاء”، وهو نائب قائد التنظيم في سورية)، وأبو معاذ القحطاني (المسؤول عن شؤون الأسرى). وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، قتل “الجيش السوري الحر” زعيم التنظيم و”الخليفة” الثالث، أبو الحسن الهاشمي القريشي، في محافظة درعا. وكثفت “القيادة المركزية الأميركية” من وتيرة هذه العمليات في نهاية العام، فشنت غارة أحادية الجانب بطائرة مروحية ضد قياديي تنظيم “داعش” في 11 كانون الأول (ديسمبر) وثلاث غارات أخرى في وقت لاحق من ذلك الشهر. كما نفذت ست عمليات مشتركة مع “قوات سورية الديمقراطية” خلال الأسبوع الممتد من 8 إلى 16 كانون الأول (ديسمبر)، مما أسفر عن مقتل اثنين من مسؤولي تنظيم “داعش” واعتقال أحد عشر آخرين. ومن المثير للاهتمام أن “القيادة المركزية الأميركية” لم تكشف عن أي معلومات علنية عن العمليات الست الأخرى المنفذة من جانب واحد في سورية والمذكورة في بيان نهاية العام 2022.

“عموم داعش” في العام 2023

في الفترة ما بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) من هذا العام، نفذت “القيادة المركزية الأميركية” 34 عملية من عملياتها ضد تنظيم “داعش” في سورية بالتعاون مع شركائها، بينما نُفذت عمليتان فقط من جانب واحد. وأسفرت هذه الجهود عن مقتل 9 مقاتلين من التنظيم وأسر 210 آخرين. ولكن، في نيسان (أبريل)، نفذت “القيادة المركزية الأميركية” ثلاث عمليات من جانب واحد، وأسفرت غارة نفذتها في 3 نيسان (أبريل) في سورية عن مقتل خالد عايد أحمد الجبوري، الذي أفادت التقارير أنه كان مسؤولاً عن “التخطيط لهجمات “داعش” في أوروبا” وتطوير الهيكلية القيادية للتنظيم. وفي 8 نيسان (أبريل)، أكدت “القيادة المركزية الأميركية” شن غارة بمروحية في شرق سورية أسفرت عن القبض على “ميسّر هجمات التنظيم، حذيفة اليمني، واثنين من شركائه. وفي 17 نيسان (أبريل)، أكدت “القيادة المركزية الأميركية” أن غارة شنتها مروحية في شمال سورية أسفرت عن مقتل ثلاث شخصيات، بمن فيهم عبد الهادي محمود الحاج علي، “زعيم تنظيم داعش ومخطط العمليات المسؤول عن التخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا”. وشملت العمليات المشتركة التي أجريت هذا العام مع “قوات سورية الديمقراطية” والتحالف ما يلي: • غارة بمروحية في 18 شباط (فبراير) في شرق سورية، ألقي خلالها القبض على مسؤول في “داعش” يدعى بتار، كان متورطاً في التخطيط لهجمات على مراكز احتجاز خاضعة لحراسة “قوات سورية الديمقراطية” وتصنيع عبوات ناسفة. • غارة بمروحية في 17 شباط (فبراير) بالقرب من دير الزور أسفرت عن مقتل حمزة الحمصي، أحد كبار قياديي “داعش” الذي أشرف على شبكة التنظيم في شرق سورية. • عملية في 10 شباط (فبراير) قتلت إبراهيم القحطاني المرتبط بالتخطيط لهجمات “داعش” على مراكز الاعتقال. • غارة بمروحية وهجوم بري في 21 كانون الثاني (يناير) أسفرا عن القبض على ثلاثة أشخاص هم: ميسّر “داعش” عبد الله حميد مصلح المداد (المعروف أيضاً باسم أبو حمزة السوري)، والميسر واللوجستي لتنظيم “داعش” حسام حامد المصلح المداد الخير، ومساعد آخر لم يُذكر اسمه. • غارة بمروحية في 18 كانون الثاني (يناير) في منطقة غير محدَّدة أدت إلى القبض على ناشط إعلامي وأمني في التنظيم متورط في تخطيط وتسهيل العمليات والتجنيد في المنطقة وخارجها.

قضايا يجب مراقبتها بعناية

على الرغم من تحوّل الولايات المتحدة إلى “تقديم المشورة والمساعدة والتمكين” في سورية، واصلت “القيادة المركزية الأميركية” عملياتها الأحادية الجانب ضد قياديين في تنظيم “داعش” إلى جانب العمليات مع الشركاء. وتسهم عوامل متعددة في تفسير قرار الولايات المتحدة بالاستمرار في دمج الإجراءات الأحادية الجانب في استراتيجيتها. وعلّق مؤخراً قائد “قوة المهام المشتركة -عملية العزم الصلب” الجنرال ماثيو ماكفرلين على هذه الصورة المعقدة قائلاً: “نواصل تنفيذ العمليات لدعم شركائنا الذين يقومون بعمليات أمنية واسعة النطاق إلى جانب عمليات دقيقة للقضاء على قادة التنظيم في كل من سورية والعراق… يحاول “داعش” باستمرار إعادة بناء قيادته مع نجاح التحالف في تعطيل مستويات القيادة العليا…. وحالياً، يفتقرون إلى الفعالية العسكرية. وأعتقد أن هذا يعود إلى فعالية التحالف، وشركائنا على وجه التحديد، في العمليات التي ينفذونها لمواصلة الضغط على الشبكة”. وبالفعل، تُظهر أعمال التنظيم والعمليات المضادة للتحالف خلال العام الماضي أن التنظيم لم يُهزم بالكامل، وأن الوجود الأميركي ما يزال ضرورياً جداً، وما يزال موضع ترحيب في الوقت الحالي. ومن النقاط المهمة الأخرى التي يمكن استنتاجها أن الكثيرين من قادة التنظيم الذين استهدفتهم مؤخراً الولايات المتحدة بعمليات أحادية الجانب متّهمون بالتخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا. وقد يشير قرار “القيادة المركزية الأميركية” بالتحرك ضد هؤلاء الأفراد إلى ضرورة التعامل مع التهديد الذي يشكلونه على الفور. وقد يدل أيضاً على أن “داعش” يعيد إعطاء الأولوية للعمليات الخارجية، وهو ما لم يكن يملك القدرة على القيام به منذ بعض الوقت. وفي سياق متصل، أفادت التقارير أن “تنظيم داعش – ولاية خراسان” التابع لـ”داعش” يستخدم أفغانستان “كموقع تنسيق مهم” لهجمات “داعش” المحتملة “في جميع أنحاء أوروبا وآسيا”. ووجد الباحثون أدلة على أن “تنظيم داعش – ولاية خراسان” وتنظيم “داعش” قد نسّقا بشكل وثيق في الماضي، حتى أنهما خططا لعمليات خارجية معاً. وعلى الرغم من أن روابطهما العملياتية المستقبلية ما تزال غامضة، لا سيما في ضوء الاستهداف المستمر لقياديي تنظيم “داعش”، يبدو أن كلا التنظيمين يتطلع إلى شن هجمات خارج قواعد عملياتهما الرئيسية. فضلاً عن ذلك، يتعين على “القيادة المركزية الأميركية” أن تدرس بعناية قرارها بنشر أسماء ومسؤوليات قادة التنظيم الذين تستهدفهم. فمن ناحية، يساعدها ذلك على إظهار قدرة أميركا علناً على تعطيل الأنشطة الإقليمية للتنظيم وتشويشها (على الأقل مؤقتاً)، ويرسل رسالة واضحة إلى أنصار التنظيم بأن المهمة الأميركية لم تنتهِ بعد. ومن ناحية أخرى، قد يكون لتسمية القياديين تأثير معاكس من خلال رفع مستوى الأشخاص الغامضين في مخيلة الناس ومنحهم نوعاً من الجاذبية. ويصح ذلك بشكل خاص إذا تم القبض على أحد زعماء التنظيم حياً وليس مقتولاً. على أي حال، بينما تواصل الولايات المتحدة تعطيل “عموم داعش” في سورية، فمن المهم الاستمرار في تتبع هذه الجهود. وهذا يعني النظر في طبيعة العمليات الأميركية (بما في ذلك إذا كانت أحادية الجانب أو مشتركة مع دول أخرى) وتقييم ما تكشفه عن محور اهتمام الولايات المتحدة. *ديفورا مارغولين: زميلة بلومنشتاين-روزنبلوم، وزميلة بحث رفيعة في “برنامج التطرف” التابع لجامعة جورج واشنطن.

اقرأ  المزيد في ترجمات : 

اضافة اعلان