نتنياهو.. رئيس حكومة الرافضين

هآرتس
هآرتس
 الوف بن

زعامة بنيامين نتنياهو تستند إلى تأطير النقاش العام وتحويله إلى منطقة راحته الخاصة. كل سلوكه موجه لهذا الهدف: أقواله، بدءا بـ "الحياة نفسها" وحتى "النصر المطلق"، الجهود المبذولة للسيطرة على وسائل الإعلام التي أوصلته إلى كرسي المتهمين، المقابلات التي يجريها مع القنوات الأجنبية والتي يتم اقتباسها في إسرائيل، ماكنة السم في القناة 14 والشبكات الاجتماعية والتهرب من المسؤولية عن الأخطاء. سيطرته على جدول الأعمال اليومي أسقطت "حكومة التغيير" وإعادته إلى الحكم بانتصار ساحق، وتركته هناك رغم أنه قاد الدولة إلى 7 أكتوبر والمراوحة في المكان في حرب متعددة الساحات.اضافة اعلان
في هذه الأثناء نتنياهو هو الفارس الذي يحمي الشعب اليهودي من النازيين غير اليهود واللاساميين، ويقاتل وحده ضد يحيى السنوار وجو بايدن والمدعي العام في لاهاي. بيبي وحده هو الذي يتعهد بهزيمة حماس ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، هذه المواقف تحصل على شعبية كبيرة في أوساط الجمهور اليهودي، وفي أوساط المعارضة المناهضة لبيبي. الحقيقة هي أنه حتى زعيم اليسار القادم، يئير غولان، يتحدث عن حل الدولتين، لكن ليس الآن. تراجع الليكود في الاستطلاعات يعكس النفور من رئيس الحكومة، لكن ليس من سياسته التي لها تأييد شعبي كبير.
المعسكر المناوئ لبيبي يستثمر كل طاقته في مسألة تافهة، متى سيقوم غانتس وايزنكوت بالانسحاب من الحكومة. بدلا من مهاجمة نتنياهو فإن المعارضة توجه الغضب على شركائه الصغار، في الوقت الذي يقف فيه هو جانبا باستمتاع. هو تعود على الاستخفاف برجال الجيش الذين يتدربون على أداء التحية للضابط الأعلى منهم وعند دخوله إلى الغرفة. يوآف غالنت أكثر شجاعة في ظهوره العام من رؤساء المعسكر الرسمي، لكنه يلتزم مثلهم بالأهداف التي وضعها نتنياهو، ويتحمل مثله المسؤولية عن الكارثة، والآن يوجد أيضا طلب لإصدار مذكرة اعتقال دولي. توجد حدود للمسافة التي يستطيع غالنت تركها بينه وبين نتنياهو دون وضع نفسه في عزلة مطلقة في الائتلاف وأمام رسالة إقالة ستتحقق في هذه المرة.
 لكن يوجد لنتنياهو أيضا، مع كل براعته الإعلامية والسياسية، نقاط ضعف، وهي تكمن في صمته. حول القضايا التي دائما يتملص منها، المواقف التي لا يقوم بتسويقها للجمهور لأنه يعرف بأنها غير شعبية وستثير الغضب عليه فقط. يسهل تشخيص نقطة ضعف نتنياهو في هذه الأثناء وهي تأيده لتهرب الحريديين من الجيش في الوقت الذي فيه العلمانيون ومن يرتدون القبعات يتم طحنهم في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، وكل يوم تقريبا يعود بعضهم في توابيت إلى المقابر العسكرية أو في المروحيات إلى غرف العناية المركزة. كلما طالت الحرب وتعقدت وتراكم عدد أكبر من القتلى والمعوقين، جسديا ونفسيا، والجيش يحاول تخصيص جنود لملء الصفوف، فإن عبقري التسويق نتنياهو حتى يجد صعوبة في تبرير رفض الحريديين.
 لحسن حظ نتنياهو أيضا المعارضون في بلاطه يخشون من رفع راية "التجنيد للجميع". في الإنذار المضحك الذي وجهه لرئيس الحكومة فإن غانتس ابتكر صيغة غامضة للتجنيد، كانت تهدف بالأساس إلى عدم إزعاج السياسيين الحريديين والحاخامات. غالنت كان حازما أكثر في معارضة مأسسة التهرب، لكنه أيضا لم يتجرأ على استخدام سلطته والسماح للجيش بتنفيذ القانون وإصدار أوامر التجنيد الإلزامي لأبناء الحريديين. في لحظة الحقيقة فإن التقرب من الراعي السياسي آريه درعي أهم بالنسبة لوزير الدفاع من المساواة في القتال والقتل والإعاقة.
 نتنياهو يصمت ليس فقط في موضوع التجنيد، بل هو يتهرب أيضا من إهمال منطقة الشمال والجريمة المتزايدة والتفكك الاجتماعي والأزمة الاقتصادية القريبة. ولكن كل هذه المشكلات مهما كانت حاسمة فانها تتقزم امام تأييده للمتهربين من بني براك وبيسان والعاد. من يريدون مهاجمة نتنياهو وتقويض سيطرته القوية على الخطاب العام يجب عليهم تذكير الجمهور بأنه هو الرافض رقم واحد.