الأسير كفاح يوثق معاناة الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني

تعبيرية
تعبيرية
عمان- صدر عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، كتاب بعنوان "كفاح كفاح- أسير حرب في سجون الاحتلال الصهيوني"، وهو عبارة عن سيرة الكابتن طيار كفاح حطاب، الذي ما يزال قابعا في سجون الاحتلال الصهيوني.اضافة اعلان
جاء في إهداء هذا الكتاب "إلى من دار حيث الحق يدور، وأوتي حظا من مكارم الأخلاق، وحملا وافرا من القيم، وأحب ربه ودينه وآمن بوطنه وشعبه عن إيمان وحب مكين الصديق الصدوق والوفي الأمين لرفاق دربه ممن قضوا نحبهم أو كان منهم من ينتظر ورجل المواقف أينما كانت ذو الهمة ولدي والذي لم أنجبه الأسير القائد أكرم سميح أبو بكر إلى من ألهموني بأقوالهم وشعرهم فكانت هي الزاد والعتاد لصمودي على الحق الشاعر والمناضل الراحل على فودة الذي قال (إني اخترتك يا وطني حبا وطواعية إني اخترتك يا وطني سرا وعلانية).
والشاعر محمود درويش الذي قال (إن عشت فعش حرا أو مت كالأشجار وقوفا وقوفا وقوفا وقوفا كالأشجار). والمتنبي الذي قال (لولا المشقة ساد الناس كلهم/ الجود يفقر والإقدام قتالُ)، وقال "لا تحسب المجد تمرا أنت آكله/ لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا".
إلى كل أحرار العالم وقبلهم وبعدهم، إلى أجمل إبداعات الخالق العظيم (المرأة)، بكل مقاماتها؛ (أما، حبيبة، زوجة، ابنة، أختا، ...). وإلى من غنوا وأنشدوا القصائد لأرددها في زنازين العتمة والعذابات كمارسيل خليفة وسميح شقير لترفدني بالعزيمة والعنفوان".
يبدأ كفاح تمهيده بمقطع من قصيدة للمتنبي يقول فيه "لولا المشقة ساد الناس كلهم/الجود يفقر والإقدام قتال". ثم يقول "وتم الأمر. فها أنا قد بدأت، قد يكون الأمر فيه تناقض وغير منطقي أن يتم الأمر وقد بدأت للتو. صبرا علي عزيزي القارئ فسأفصح لك ما مرادي في الموضوع فأنا أريدك أن تعيش معي في تفاصيل التفاصيل وحتى أني أود أن تشاركني تفكيري وحتى أنفاسي في مواكبتي في سرد تجربتي التي عشتها وأعيشها حتى اللحظة وأقعد لحظة كتابتي، وسأحاول قدر الإمكان أن تكون لغتي في السرد بعيدة عن حوشي المفردات، أي بلغة بسيطة سلسلة والأهم أن أوثق تلك التجربة الفردية والشخصية إلا أنها عامة راضية بامتياز شديد".
يتابع "حتى لا تختلط عليك الأمور وآخذك عزيزي القارئ إلى مواضيع التيه بعيدا عن الموضوع الرئيسي، فأنا صاحب تجربة فريدة جديرة بالتوثيق كما يكرر الجميع (تقريبا)، وأن من قبيل المصلحة الوطنية (إن جاز التعبير)، ولإثراء التجارب النضالية لنضالات الأسرى الذين أنتمي إليهم يجب أرشفة تلك التجربة. ودراستها وأخذ العبر منها رغم أن لها ما لها وعليها ما عليها من وجهة نظر البعض.
فهي من الثراء والغزارة والتميز والتشويق الممزوج بالآلام والعنفوان والأحزان والنشوة وكل ما لتلك المفردات من أوصاف، وما يستحق التوقف عنده حين سرد الأحداث والمواقف التي كانت في سيرورة تلك التجربة. فلقد عاهدت نفسي إن قدر لي وانجزت تدوين تلك التجربة أن اكتب بكل تجرد وواقعية ولو كان ذلك على حساب الصورة وأو الهالة المقدسة والنمطية التي يتصورها الكثير أو يتوخوها من شخصية الأسير، سيما وإن كان من الأحكام العالية والمؤبدات وأنا منهم.
وقد تنتابك عزيزي القارئ مشاعر مختلطة ما بين الشفقة علي أو الغضب لأجلي في مواقف عصبية عجيبة لمحاولات إدارة السجون كسر عزيمتي وإرادتي لثنيي عن السير قدما في قراري وموقفي الذي شرعت في تبنيه عن إيمان وعزم وإصرار مكين، وكيف لا وأنا قد أتيت بشريعة جديدة من وجهة نظرهم تنسف كل ثقافة نظام السجون وأصول قواعد التعامل مع الأسرى (الإرهابيين)، المجرمين والمخربين من منظورهم، وقد تستهجن في أحايين كثيرة مواقف (بعض النخبة)، من بني جلدتي الأسرى وسلبيتهم لا سيما في بدايات شروعي في خطوتي في مراحلها الأولى والتي أعزوها لجهلهم في إدراك أبعادها الوطنية وقلة معرفتهم حينها في القانون الدولي، واتفاقيات جنيف، وخاصة البند الثالث منها.
فما كان مستهجنا وغريبا لمشروعي الفردي بما لم تألفه الحركة الأسيرة في سيرورة تاريخها ومراحلها النضالية قد أصبح فيما بعد من انطلاقي في مشروعي النضالي الفردي مطلبا وطنيا من أعلى مستويات القيادات، سواء الفصائلية منها أو منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالمجلس الوطني الفلسطيني، وهذا برأيي هو لب وأس أسباب أنواع التنكيل والعذابات والعقوبات التي واجهتها من إدارة السجون وحتى أن جهاز (الشاباك)، دخل على الخط في مراحل لاحقة لمساعدة إدارة السجون وعرض المغريات الجسام التي يحلم بها أي أسير لا سيما أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، وذلك لثنيي عن الاستمرار في خطوتي ومشروعي لإدراكهم خطورتها ودورها السياسي إن قدر لها بالحاضنة من قبل الحركة الأسيرة.
وبذلك تنسف كل جهودهم التي كادت أن تنجح في تسويق وضعنا ومكانتنا القانونية بأننا مجرد مجرمين إرهابيين مخربين اقترفوا جرائم بحق الشعب الإسرائيلي ومؤسساته، ونسف الرواية الفلسطينية ونضالاته بشهدائه وأسراه وتضحياته على مر العقود والسنين جراء المشروع الصهيوني".
ويذكر أن كفاح حطاب المولود 1960، هو طيار وأسير فلسطيني، من طولكرم درس بكلية الطيران الحربي في يوغسلافيا وتخرج منها العام 1985، انتمى إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" العام 1978، وعمل في إطار قوات الصاعقة وقاتل في جنوب لبنان، ثم عاد إلى فلسطين العام 1994 وعمل في سرب النقل الجوي الخاص بالرئيس ياسر عرفات وكان يحمل رتبة عقيد.
اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في شهر حزيران (يونيو) 2003 بعد محاصرة منزله في طولكرم وحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين وأمضى منهما 21 عاماً، ولكن لم يتم اعتباره أسير حرب مما عمل على خوضه معركة مع إدارة سجون الاحتلال تتمثل برفض ارتداء لباس السجناء منذ قرابة 13 عاما، كما أنه من قادة الحركة الأسيرة وأول من بدأ بهذه المعركة في سجون الاحتلال، كما خاض ما يقارب الخمسين إضراباً منذ أن بدأ خطوته التمردية الشجاعة في 17 نيسان (أبريل) 2011 لانتزاع أبسط حقوقه وإجبار إدارة السجون على قبول طلبه وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بالأسرى، مما أدى لتعرضه على مدار سنوات اعتقاله للعديد من الاعتداءات والضرب والتهديد والعزل وحرمانه من زيارة عائلته، ورغم هذه الصعوبات تمكن من استكمال دراسته وحصل على الشهادات العليا.