"القلول" أو "البنانير" لعبة شعبية تستهوي الفتية في أحياء مادبا

1700042615307810800
"القلول" أو "البنانير" لعبة شعبية تستهوي الفتية في أحياء مادبا

مادبا- ما تزال لعبة الكرات الزجاجية الملونة التي تعرف بـ"القلول" أو "البنانير" أو "الدواحل"، حاضرة بين الألعاب الشعبية التي يمارسها الأطفال والفتيان والشباب في المدن والقرى والأرياف بمحافظة مادبا في العطلة الشتوية للمدارس، خصوصا وأن الأرض تكون رطبة نوعاً ما، الأمر الذي يتيح  المجال لممارستها بشكل أفضل.

اضافة اعلان


تعود تسمية اللعبة نسبة إلى أدواتها، وهي كرات زجاجية صغيرة جداً، حيث يقوم لاعبان أو أكثر بممارسة اللعبة التي تعتمد على مسك كل من اللاعبين "قلا" أو "بنورة"، ويرسم شكلاً هندسياً غالباً ما يكون دائرة، يقف أحدهما داخلها، ويقذف "البنورة" بإبهامه محاولا إصابة "البنورة" لدى الخصم. فإن نجح يفوز بـ"البنورة" التي أصابها، وتستمر اللعبة ليفوز بها من يربح أكبر عدد من "القلول" أو "البنانير".


وتوارثت هذه اللعبة أجيال متعاقبة، رغم تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة والألعاب الإلكترونية، ويجدونها ممكنة لأنها غير مكلفة مادياً، ولا تحتاج لتجهيزات كثيرة، ويغلب عليها طابع المنافسة الشديدة. 


ولهذه اللعبة قواعد وأساليب وتحتكم لقوانين وشروط خاصة، ويوجد أشكال وأحجام مختلفة للكرات الزجاجية المستخدمة في اللعبة، مصنوعة من الزجاج الملون جميل الشكل، وهي منتشرة في مختلف الدول وفي المنطقة العربية بشكل واضح، بيد أنها تختلف في المسميات. وتختلف في قواعدها وشروط اللعب، إلا أنها كانت عبر عقود هي وسيلة التسلية الأكثر شعبية لدى الأطفال في زمن اقتصر فيه اللعب على الحارات والشوارع والأزقة.


ويتسابق الأطفال والفتيان في المدن والقرى والبوادي على شراء الكرات الزجاجية "القلول" من البقالات "الدكاكين" قبيل بدء العطلة بين الفصلين (الشتوية)، ومنهم من يحتفظ بـ"القلول" من الأعوام السابقة، وكل ذلك للاقتصاص من الخصوم وكسب أعداد أكبر منها، وفق سفيان أبو قاعود ( 15 عاما)، الذي أكد أن هذه اللعبة تتسم بأجواء كبيرة من التحدي والمنافسة بين الأطفال والفتيان الذين يمارسونها  في الأحياء والأزقة، وتستمر لأوقات ليست قصيرة وهم يقارعون بعضهم أو أقرانهم من الأحياء الأخرى، وسط الصراخ والضحكات والمناوشات الحاضرة، ولا يخلو الأمر من البكاء على الخسارة، تنتهي بذهاب كل إلى منزله، في حال لم يتطور الأمر إلى شجار بين لاعبين، وقد يتوسع ليشمل أبناء هذه الحارة أو تلك.


ويضيف أبو قاعود في سرده عن اللعبة، أن كل لاعب يحرص على عرض أنواع مختلفة من "القلول" أو "البنانير"، التي تعبر عن براعته في جمعها وممارسة اللعبة بأشكال عدة، منها: "المور" التي يتم فيها رسم مثلث على التراب بحجم مناسب لا يزيد طول كل ضلع منه على ثمانية سنتيمترات تقريبا، ثم يتم رسم خط مستقيم في الجهة المقابلة للمثلث، ويضع كل لاعب عدداً من "البنانير" حسب اتفاق اللاعبين، ثم يقذف كل لاعب "قلا"  أو "بنورة" رئيسيا باتجاه "البنانير" الأخرى، ويشترك في هذه اللعبة (2-5) من اللاعبين، إضافة إلى شكل "الجورة" و"الدحلة".


وتحدث بندر ليث عبد الحافظ ( 18) سنة، عن لعبة القنص "المور" قائلا: "يقوم أحد اللاعبين برسم مثلث على التراب بحجم مناسب، ثم يرسم خطا مستقيما في الجهة المقابلة للمثلث. يضع كل لاعب عددا من الكرات حسب اتفاق اللاعبين (حبتان مثلا)، ثم يقذف كل لاعب كرته الرئيسية وتسمى (الرأس) باتجاه الخط، ويتحدد دور اللاعب حسب اقتراب كرته من الخط، فالأول في اللعب هو الأقرب للخط وهكذا بالترتيب". مشيرا إلى أن اللاعبين يضعون عددا متفقا عليه من الكرات على الأرض، داخل شكل مثلث مثلا ويصوبون عليها، ومن يصيب أكبر عدد من الحبات يكون الفوز حليفا له في هذه الجولة التي تتبعها جولات.


وهناك لعبة "الصيبة والشبر"، التي تحتاج إلى الصبر والفكر. يضع كل لاعب كرته في مكان ما ويبدأون اللعب بالترتيب المتفق عليه من قبل، ويجوز لكل لاعب أن يحرك كرته في المسافة كما يريد، والرابح من اللاعبين هو الذي يستطيع أن يصيب كرة الخصم من خلال قذفها بكرته أو أن يقذف كرته بحيث تستقر على بعد شبر من كرة الخصم، والشبر هو المسافة بين الإبهام والخنصر عند انبساط الكف، وفق ما ذكره مسعود الشوابكة.


وأشار، إلى أن التحدي هو الأبرز في اللعبة من خلال القدرة على التصويب، والنجاح في توصيل "القل" إلى هدفها (الحفرة)، وذلك من خلال شبك الأصبع الأوسط بالإبهام، وقذف "القل"، ومن ينجح في وضع "قله" في تلك "الجورة" يحظى بالكرات الزجاجية الموجودة بداخلها، ويكون له نصيب بدء الشوط التالي من اللعبة.


ويشعر الفتية بالمتعة عندما يلعبون (زوج/ فرد) الذي يتراهنون على العدد الذي يحمله خصمه من الكرات في يده، فإن قال: "إن العدد الذي في يد خصمه "زوجي" وكانت إجابته صحيحة صارت "كرات" خصمه من نصيبه، وإن كانت إجابته خاطئة (أي أن العدد في يد خصمه فردي)، فعليه أن يعطيه عدد ما في يده من الكرات، وفق محمد علي سليمان الذي أكد ساخرا، أنه لا يوجد ممانعة أن ينتهي اللعب بشجار، فالفائز لا يتوان عن التفاخر والتباهي بالعدد الذي كسبه من "البنانير/ القلول"، وهو ما يولد غضبا لدى الطرف الخاسر الذي تعز عليه أن تذهب منه "الكرات" بهذه البساطة.  


وانشرحت أسارير الأربعينية أم محمد، عندما استرجعت ذكريات الطفولة، وبالأخص عندما كانت تمارس لعبة القلول مع أقرانها، كونها كانت تجد المتعة في هذه اللعبة التي كانت ملتقى الصديقات في ذلك الوقت وفق ما قالت: "أتحسر كثيرا على تلك الأيام التي ذهبت بلا عودة، ذكريات الطفولة النابعة من صدق في التعامل والمحبة البريئة التي هي نبراس في حياتنا، فلا أنكر أن لعبة القلول لها مكانة لدينا في مجلس نسرد فيه الذكريات أنا وصديقاتي اللواتي كن يمارسن هذه اللعبة".

 

اقرأ أيضاً:

"القلول".. لعبة تراثية تعيد الأطفال لأجواء الحماسة والترفيه وسط الطبيعة - فيديو