بعد عودة الاتصالات.. جثث ممزقة الأشلاء بشوارع القطاع

توغل محدود بدل العدوان البري الواسع

فلسطينيون يحملون جثامين أطفالهم الذين استشهدوا بقصف الاحتلال على غزة-(وكالات)
فلسطينيون يحملون جثامين أطفالهم الذين استشهدوا بقصف الاحتلال على غزة-(وكالات)

"لا تحتله بالكامل إنما أقتل معظم سكانه"...، هذه فحوى النصيحة الأميركية للاحتلال حول "الصيغة الأبعد إنسانية" للتعامل مع غزة، بطرح استبدال الحرب البرية الواسعة بتوغل محدود شمالا، إزاء تبعاتها المقلقة، مما يعني دعما غربيا مفتوحا لاستمرار الإبادة الجماعية وتكثيف القصف الجوي وسقوط المزيد من الضحايا المدنيين في القطاع، على مرأى المجتمع الدولي الذي يكتفي "بالقرقعة" الكلامية دون الفعل.

اضافة اعلان


وتتماهى "نصيحة" واشنطن مع مساعي الاحتلال البائسة لإضفاء "المشروعية" الدينية المزعومة على سلوكه الإرهابي ضد قطاع غزة، عند الإدعاء بأنه يشن "حرب الاستقلال الثانية"، على اعتبار أن الأولى تعود "زورا" لعام 1948، وهي مقاربة صهيونية خطيرة ومسوغة للقتل والتهجير وضم الأرض، حينما يتم استحضار النسخة النازية لما قبل 75 عاما، ولكن مع فارق أساسي بأن الفلسطينيين والعرب لن يرضوا مطلقا بنكبة فلسطينية جديدة.


ويعكس التردد بشأن طبيعة العملية البرية الواسعة ضد القطاع حالة الانقسام داخل مؤسسة الاحتلال العسكرية بشأنها، وتبعاتها القاتمة على الكيان المحتل نفسه، مقابل إجماع صهيوني حول إبادة غزة والتخلص من غالبية سكانها، إما قتلا أو تهجيرا، بمواصلة ارتكاب المجازر الوحشية التي تزداد فاشية يوميا، مما أدى لارتفاع عدد الشهداء لأكثر من 8 آلاف، بينهم نحو 3200 طفل، والجرحى لنحو 20 ألفا، عدا مئات المفقودين تحت الأنقاض.


وبعد عودة الاتصالات وشبكة الانترنت للعمل جزئيا في القطاع بعد طول انقطاع؛ استيقظ سكان غزة على مشاهد مروعة لعشرات الجثث ممزقة الأشلاء في الشوارع بعد يوم دام تعمد الاحتلال طمسها عن أعين الكاميرات ووسائل الاتصال، بحيث وجدت طواقم الدفاع المدني صعوبة في تجميعها أو تحديد هويتها، نتيجة تمزق أجسادها وتشوهها بسبب القصف الجوي الكثيف وهجمات الاحتلال الضارية التي تعرض لها القطاع.


وتركزت هجمات الاحتلال الهمجية، برا وبحرا وجوا، على مدينة غزة ومخيم الشاطئ ومناطق شمال القطاع بأكمله، حيث تم انتشال جثث أكثر من 40 شهيدا تحت أنقاض أحد الأبنية التي تم قصفها فوق رؤوس ساكنيها، أسوة بشهداء آخرين ارتقوا في مناطق لم تكن أيضا بمنأى عن القصف الصهيوني ضد المدنيين.


وشهد مخيم الشاطئ، غربا، مجزرة وحشية جديدة للاحتلال بسلسلة غارات جوية كثيفة أدت لاستشهاد العديد من الفلسطينيين وإصابة آخرين، بينما ما يزال الكثير منهم تحت الأنقاض، أسوة بقصف بناية سكنية مأهولة بالمدنيين من ستة طوابق، مما تسبب بوقوع المزيد من الشهداء والجرحى.


ولم ينج أي مكان في القطاع عن الإرهاب الصهيوني؛ ففي حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، قصفت طائرات الاحتلال الحربية عدة منازل ما أدى لاستشهاد 30 فلسطينيا على الأقل وإصابة آخرين، أسوة بمجزرة "حي التفاح" و"حي الشجاعية"، شرقا، حينما قصفت نحو 7 منازل وأوقعت الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين.


كما دمرت طائرات الاحتلال الحربية مربعا سكنيا كاملا في بئر النعجة وأوقعت عشرات الشهداء والجرحى، أسوة بعدوانها في وسط القطاع، لا سيما مخيمي البريج والنصيرات ومدينة دير البلح، كما في خان يونس ورفح، حيث استشهد نحو 57 فلسطينيا غالبيتهم من النازحين عقب تدمير القصف الجوي الكثيف منازل على رؤوس ساكنيها.


وجددت قوات الاحتلال قصفها لمحيط مستشفى القدس (التابع للهلال الأحمر الفلسطيني)، في حي تل الهوا بمدينة غزة.
ويواصل الاحتلال غاراته المكثفة والقصف المدفعي على مناطق مختلفة في قطاع غزة، وشاركت زوارق الاحتلال الحربية، بإطلاق قذائفها تجاه شاطئ غرب بيت لاهيا، إلى جانب سماع دوي إطلاق نار مكثف شرق خان يونس، فيما تصدت المقاومة الفلسطينية لقوات الاحتلال التي تحاول الاجتياح برا إلى القطاع.


وأعلنت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، صد محاولة الاحتلال للتوغل برا في غزة، ودارت اشتباكات عنيفة بين المقاومة وجيش الاحتلال قرب بيت لاهيا شمالي غزة تخللها إطلاق مضادات دروع وقذائف هاون.


وأكدت كتائب القسام أن ثمن الإفراج عن المحتجزين لديها هو تحرير كل الأسرى الفلسطينيين، فيما أكد رئيس حركة "حماس" في غزة، يحيى السنوار، أن الحركة جاهزة فورا لصفقة للإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال، مقابل جميع الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.


وفي الأثناء؛ قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني، "بنيامين نتنياهو"، إن قوات جيش الاحتلال بدأت المرحلة الثانية من الحرب بإطلاق عمليات برية، وذلك على وقع أنباء تتحدث عن محادثات جارية بشأن تبادل محتمل للأسرى.


ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن سلطات الاحتلال أوقفت خطط اجتياح واسع النطاق لغزة والاستعاضة عنها بتوغلات برية محدودة، مبينة إن وقف خطط الاجتياح البري الواسع يتماشى مع اقتراح وزير الدفاع الأميركي "لويد أوستن".


وكان جيش الاحتلال قد نشر فيديو زعم انه لقواته البرية خلال توغلها في قطاع غزة، موثقا حركة قوافل من المدرعات وعمليات إطلاق للنار. إلا أن حركة "حماس" قالت إن هجوم قوات الاحتلال فشل وأنها تكبدت خسائر فادحة في توغلها البري، وأن ما لا يقل عن 6 دبابات للاحتلال تضررت بصواريخ مضادة للدروع.


وعقب ذلك، قالت "كتائب القسام" إن عناصرها يواصلون تصديهم لقوات الاحتلال المتوغلة في منطقة شمال غرب بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، وأنهم خاضوا معهم "اشتباكات مسلحة واستهدفوا آليات العدو بقذائف "الياسين 105" الترادفية وقذائف الهاون، ونفذوا عدة عمليات قنص، وقد اعترف العدو بإصابة عدد من جنوده في تلك الاشتباكات، وما يزالون يسددون ضرباتهم للقوات المعادية"، وفق البيان.


الى ذلك، قال رئيس الوزراء النرويجي ينس شتولتنبرغ، إن الحصار الكامل الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة لا يتماشى مع القانون الدولي للحرب.


وأضاف شتولتنبرغ أن الحصار المفروض على غزة يمنع الوصول إلى الضروريات مثل الغذاء والدواء ويؤدي لوضع مأساوي.

 

اقرأ المزيد : 

"النقابات الصحية": بانتظار الإشارة لإرسال كوادر طبية ولوازم لغزة