على عكس ما يفعله قادة العالم.. الملك يهيئ شعبه للحياة

نورالدين الخمايسة

عمان- على عكس كل زعماء العالم الذين استمعنا لهم، منذ بدايات أزمة كورونا، التي تحولت إلى وباء اجتاح العالم؛ خرج جلالة الملك عبدالله الثاني مستبشرا، يشد من عزيمة الأردنيين ويثني على وقفتهم في مواجهة الفيروس الذي هز أركان كل دولة حط رحاله فيها.

اضافة اعلان

وبينما تعودنا على سماع كلمات تفيض تشاؤما من رؤساء دول عظمى عدة، من الولايات المتحدة الأميركية، مرورا بالمملكة المتحدة (بريطانيا)، وحتى أقاصي الأرض؛ مشارقها ومغاربها، تحدث جلالته بلهجة الواثق المتفائل، تعلو محياه علامات الاطمئنان والرضا.

كان كل هؤلاء يهيئون شعوبهم لاستقبال مواكب الأكفان، فمنهم من قال "ودعوا أحبابكم"، ومنهم من تحدث عن قسوة الوباء وضراوته، هم نشروا ثقافة الانكسار لما بدت بلادهم "العظمى" تركع أمام فيروس خفي، جاب الكرة الأرضية.

جلالة الملك كان مغايرا تماما، خرج لشعبه كعادته ليعظم صموده، ويشد أزره، يرفع معنوياته؛ لينشر ثقافة "النصر صبر ساعة"، طريقه العزيمة والتكاتف والتعاضد، الوقوف صفا واحدا في مواجهة فيروس يفرض على العالم الانكفاء والانطواء وراء ستار "التباعد الاجتماعي".

جلالته تحدث بأسلوب مختلف عن زعماء إمبرطوريات توصف بأنها عظمى. الملك قال بلغة بسيطة؛ سهلة وسلسة مخاطبا كل الأردنيين: تهيؤوا للحياة، استعدوا لعودة الروح لوطنكم؛ فأنتم كبار أمام الأمم، لا لأن لديكم موارد مادية، بل لأنكم لا تعرفون المستحيل في وطن كرامة الإنسان فيه فوق كل اعتبار.

دأب الزعماء، منذ بداية كورونا وحتى الآن، على الحديث عن الموت المحدق في كل زاوية، وخرج جلالة الملك، في كلمة قصيرة؛ موجزة ومكثفة، ليبدد كل ذلك السواد بالدعوة للحياة والانتصار لقيم الإنسانية، بنشر الأمل بكلمتين من أمثالنا المتناقلة كابرا عن كابر: "شدة وبتزول".

"السواد والهزيمة": كلمتان تنكسران أمام الالتزام والتضحية والإيثار. "شدة وبتزول" أمام صمود شعب يباهي به ملكه العالم، شعب يعمل بعزيمة؛ ينجز باحتراف ويضحي بشجاعة.

كان قادة الدول يتلامون، ويتقهقرون أمام وطأة "كورونا" وما ألحقت بهم من هزيمة معنوية قبل أن تكون مادية، فكانوا يتحدثون لشعوبهم عن أيام حالكة يفرد السواد ستاره فيها، بينما كان الملك يعلن انتصار الأردن؛ معنويا ونفسيا، على الوباء، لذلك خرج جلالته ليتحدث لشعبه عن قيم الحياة، عن عودة الروح للمساجد والكنائس، للشوارع والأسواق، عن عودة التلاميذ والطلاب لمدارسهم وجامعاتهم، الموظفين إلى شركاتهم.. الحياة إلى طبيعتها.

رسالة الملك للأردنيين كانت باختصار: تهيؤوا للحياة، شدة وبتزول؛ فالتكاتف يقود إلى القوة والمستقبل الأفضل، "سنتجاوز بعون الله، كل التحديات".