خطورة "الكلاسيكو"

الملاعب في جميع أرجاء العالم أصبحت أكثر عنفا، وبالكاد نشاهد مباراة تحمل صفة الكلاسيكو أو الديربي أو القمة، وتخلو من عنف بائن سواء على ساحة اللعب، أو فوق المدرجات، حتى في أرقى الدول وأكثرها حضارة وتقدما، ومنها إسبانيا وإنجلترا وإيطاليا، التي تتقدم بطولاتها ركب الكرة العالمية.اضافة اعلان
حتى إنّ اللاعبين الكبار، باتوا شركاء في مناوشات واحتكاكات ترفع من حرارة المدرجات، وتذكي روح العنف المتصاعد لدى مختلف مستويات اللعبة، فنشاهد في كل يوم حالات جديدة من الخروج عن تقاليد المنافسة الشريفة، ومخالفة القوانين والتعليمات التي تحث على الروح الرياضية.
العالم يغلي من حولنا، ومشاهد العنف والقتل اليومي التي تنقلها القنوات الفضائية، تفوقت على متابعة المسلسلات والأفلام، حتى المباريات الرياضية، فكل يوم هناك خبر جديد، وضحايا جدد، والأخطار تهدد مختلف الأقطار، وبالطبع تأتي الدول العربية التي تعيش ربيعها في مقدمة هذه الدوامة المخيفة.
ما يحدث حولنا رفع من مستويات العنف بمختلف درجاتها، وانعكس على حياتنا الشخصية، فالجامعات والمدارس وأماكن العمل والشوارع، تحولت إلى ساحات للتفريغ عن مكنونات الحنق والغضب، ومعها تراجع حضور العقل والمنطق، وارتفع منسوب العنف والتخريب الذي يعم ضرره على الجميع.
الكلاسيكو الأردني الذي بات مثار اهتمام كبير سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، والذي يجمع اليوم بين القطبين الوحدات والفيصلي، يدخل ضمن دوامات الخطورة التي نخشاها ويخشاها المعنيون، فالمباريات الأخيرة التي جمعت الفريقين لم تنته على خير، ونذكر ما حدث في ستاد الملك عبدالله في القويسمة العام الفائت، وانهيار سياج الملعب والمناوشات التي تبعته خارج أسوار الملعب وطالت بعض الشوارع المحيطة، وكأننا نعيش معركة بين عدة أطراف، وليست مجرد مباراة تجمع فريقين من ذات الوطن وذات الطين.
المشكلة لم تعد في اللاعبين كما كانت سابقا، فالمنتخب الوطني نجح إلى درجة كبيرة في صهر نجوم الفريقين ببوتقة الوطن، وتعميق الروابط بينهم إلى درجة كبيرة، وتحول اللاعبون إلى وسيلة لحث الجماهير على الروح الرياضية والتشجيع بشكل إيجابي وتجنب التعرض للطرف الثاني من المدرجات، لكن هناك من يأتي وهو مشحون بالكراهية والبغض، ليس فقط للفريق الآخر أو جماهيره، بل للوطن بأسره، وهو ما يجب أن نفرق بينه وبين الجمهور المنتمي، الذي يحب كرة القدم، ويأمل الاستمتاع بمفرداتها وتفاصيلها، وهنا لا بد من وضع حد لذلك الطرف المسيء والخطر سواء على المدرجات، أو خارج حدود الملعب، بتعاون متكامل بين الجمهور الشريف بداية، ورجال الأمن الذين يطمحون دوما بمباريات نظيفة تصل إلى بر الأمان بدون الاضطرار للتدخل أو إظهار القوة في السيطرة على الموقف.
نكررها دوما في الدعاء إلى الله تعالى أن يوفق الفريقين في تقديم عرض كروي يليق بسمعتهما، وأن يحفظ وطننا الغالي، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تعيشها منطقتنا، ونأمل أن يدرك الجميع خطورة هذا الموقف، والتعبير من خلال هذه المباراة عن مظاهر المحبة والوحدة بين الشعب الأردني الواحد، على عكس ما يدبره أعداء الوطن المتربصون لكل تطور قد يحقق آمالهم وطموحاتهم.

[email protected]