رياضي "متقاعد"

جمعني “إفطار رمضاني” في أحد أيام الشهر الفضيل مع رياضي متقاعد، فكانت مناسبة للحديث عن الشأن الرياضي العام، الذي ما يزال - من وجهة نظر ذلك الرياضي المخضرم- على ذات إشكالياته المتشعبة، وتحديدا في مجال العمل الإداري الرياضي.اضافة اعلان
اتفقنا في خلاصة الحديث، ونحن نقف على أعتاب إعادة انتخاب مجالس إدارات الاتحادات الرياضية لدورة اولمبية جديدة، على أن العمل في الإدارة الرياضية “بالتعيين كان او بالانتخاب”.. يأتي في سياق رغبة الأفراد او المجموعات في ممارسة الخدمة التطوعية العامة.. وهي خدمة تتحكم ظروف وعوامل عديدة في مسألة تمكين القائمين عليها من انجازها بالشكل المطلوب.. او تسجيل نجاح نسبي في هذا الشأن.
والأصل في الذين يتصدّون للعمل الإداري الرياضي عموما، أنهم ممن يرون في انفسهم القدرة والكفاءة على التطوير في هذا المجال.. من خلال تجارب تراكمية اكتسبوها كرياضيين على مدار سنوات عديدة، في مختلف مجالات اللعبة التي يطرحون أنفسهم لخدمتها.. خصوصا اولئك الذين يبلغون المواقع الإدارية لـ”اندية.. اتحادات.. هيئات”، من خلال تزكيتهم او انتخابهم من قبل الجمعيات العمومية لتلك الهيئات الرياضية.. رسمية كانت ام أهلية.
لا بأس أن يجني من يعملون في العمل الإداري الرياضي، من وراء نجاحاتهم في مناصبهم الإدارية بعض المكاسب المعنوية.. طالما هي نتاج طبيعي لما قدموه من جهد وعطاء وافكار.. تسهم في تطوير الواقع الرياضي في المؤسسات التي يتبوأون المناصب القيادية فيها.
وفي المقابل هناك العديد من “الإدارات الرياضية” التي عجزت عن تحقيق المطلوب منها.. دون ان تملك الجرأة على الإقرار بعدم قدرتها (حتى لا نقول فشلها) على انجاز مهامها.. بل هي في الغالب على استعداد للمكابرة في تبرير أسباب اخفاقها.. وسوق الأعذار الواهية في هذا الاتجاه.
لا يعني الإخفاق دائما أن اصحاب القرار في هذه الهيئة الرياضية او تلك تعوزهم الخبرة والدراية، او أن فريق العمل الإداري يفتقد التناغم المطلوب.. فهناك احيانا ظروف غير مواتية تكون أساس فشل تجربة إدارية ما.. حتى مع توفر الخبرة والكفاءة في العناصر الإدارية.. ولكن ذلك لا يعفي المعنيين من تحمل المسؤولية في النهاية. والمسؤولية هنا تقتضي جرأة وصدقا مع النفس مع انها صعبة عليها.
كيف السبيل امام الإدارة غير القادرة على الإنجاز للخروج من مأزقها؟.. نطرح السؤال ونحاول الإجابة عنه في ذات الوقت، بدافع التذكير فحسب بعيدا عن مفهوم الإرشاد.
الإجابة تشير الى ان اسهل الطرق التي يمكن ان تسلكها الإدارة الرياضية في حالة الإخفاق، هي سرعة العودة الى هيئتها العامة، بهدف رد “امانة المسؤولية” الى تلك المظلة الرسمية والقانونية، كي يتسنى للأخيرة تقييم التجربة واعادة تجديد الثقة، او اسناد المهمة الى فريق عمل آخر ان اقتضى الأمر، ولعل ذلك يمثل اعلى درجات الصدق في تحمل المسؤولية.
قد يبدو الطرح مثاليا وحالما، خصوصا ان المشهد غير مسبوق في واقعنا الرياضي.. وهذا صحيح.. ولكن الصورة تحتاج الى رجال ادارة حقيقيين.. يؤمنون بفلسفة الخدمة التطوعية في المنصب الإداري الرياضي.. ولا يشكلون قناعاتهم او يرسمون خطواتهم على إيقاع إغراءات المنصب الرياضي أو وجاهته.. أو حسابات الربح والخسارة الشخصية فيه.

[email protected]