ليكن عام الدمج والإلغاء فعلاً لا قولاً

تصريحان جديران بالاهتمام  جاءا على لسان الحكومة قبل عدة أيام، فقد أعلن رئيسها خلال إحدى جولاته الميدانية أهمية إعادة هيكلة قطاع النقل، وأعلن وزير الصناعة والتجارة عزم الحكومة على توحيد مرجعيات الاستثمار بمؤسسة واحدة.

اضافة اعلان

وكان بلاغ الموازنة قد أكد على أن أحد المحاور التي استند إليها للوصول إلى موازنة تقشفية يتمثل بعدم استحداث مؤسسات جديدة، والعمل على إلغاء او دمج المؤسسات التي تضطلع بمهام متشابهة. ولم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوزه ليسمي ست عشرة مؤسسة وهيئة يتوجب العمل على إلغائها أو دمجها في مجالات الاستثمار والطاقة والنقل والعطاءات.

وقد أحسن البلاغ صنعاً عندما أوكل هذه المهمة الى وزارة تطوير القطاع العام لأنها كانت ضمن ثمانية محاور تضمنتها استراتيجية إصلاح القطاع العام (2004-2009)، والتي نجزم أنه لو تم تقييمها، أوعلى الاقل استعراض ما أنجز منها، لأوقع ذلك الحكومات المتعاقبة في حرج شديد، حيث لم تأخذها بعض تلك الحكومات على محمل الجد، وذهب بعضها الى اكثر من ذلك ليحاربها بشكل مباشر او غير مباشر. ناهيك عن ان غياب المؤسسية وعادة الحكومات في عدم البناء على ما أنجزته سابقاتها وضع العديد من العصي في دواليب البرنامج وحال دون الاستمرار في تنفيذه.

ويحدونا الأمل أن تنهج الحكومة الحالية نهجاً مختلفاً وتعمل فعلاً على تنفيذ محاور الإستراتيجية المذكورة، وربما يمكنها ان تعتمدها مع تعديلات بسيطة لعل من ابرزها تغييرعنوانها ليصبح استراتيجية إصلاح القطاع العام (2010-2015) لأننا نرى فيها  استراتيجية وافية، ولا نعتقد ان الوزارة المعنية ستأتي ببرامج تخرج عن نطاقها الواسع. وقد  يكون البدء بتنفيذ محور ضبط التوسع غير المبرر في حجم وعدد مؤسسات القطاع العام مؤشراً على جدية الحكومة في مجال إصلاح القطاع العام.

لا شك أن ذلك سيواجه بمعارضة شديدة من قبل بعض الوزارات والمؤسسات التي اعتادت العمل كجزر مستقلة ومعزولة، وكأن الهدف من وجودها هو توسيع صلاحياتها ونطاق عملها وخدمة من يعملون فيها وليس المساهمة في دفع مسيرة التنمية المستدامة. ونرجو الله، ان لا يتفاجأ أو يتراجع وزير تطوير القطاع العام عندما يسمع او يقرأ ما يوجه لبرامج وزارته من انتقادات قد يكون في صدارتها، كالعادة، القضاء على مؤسسات الدولة، فهذه اسطوانة فارغة المعنى يرددها أصحاب الأيدلوجيات البالية والمصالح الضيقة.

على أية حال سنرى إن كانت الحكومة، التي تعهدت في ردها على كتاب التكليف السامي ببناء خططها وسياساتها على توصيات الأجندة الوطنية، ستلتزم بالموعد الذي ضربه بلاغ الموازنة لوزارة تطوير القطاع العام، وهو النصف الأول من العام الحالي، لتقديم توصياتها ومقترحاتها حول عملية دمج او إلغاء المؤسسات والهيئات الست عشرة، ام أنها ستسير على خطى الحكومات السابقة. وإن غدا لناظره قريب.