"القطاع العام".. هل نجحت الحكومة برسم خريطة الإصلاح؟

30b8c7e2-untitled-1
30b8c7e2-untitled-1

سماح بيبرس – بعد أن أعلنت الحكومة أنها ستلغي وزارة العمل وتوزيع مهامها على أكثر من وزارة من ضمنها وزارة الصناعة والتجارة والتموين في إطار خطة تحديث القطاع العام اعتبر اقتصاديون ووزراء اقتصاد سابقون أنّ هذا القرار كان في الاتجاه الخاطئ ويبرهن على أن الإصلاح الإداري "ما زال يعالج القشور" بعيداً عن الخوض في الأسباب الحقيقيّة لضعف القطاع العام في الأردن.

اضافة اعلان

وتساءل هؤلاء عن الأسباب والدوافع والبدائل التي تمّ بناء الخطة عليها، فيما أجمع الخبراء على أسئلة رئيسية "هل مشكلة القطاع العام تنحصر في وزارة العمل؟"، "ما هي الدول التي ليس فيها وزارة للعمل؟" و"لماذا لجأت الحكومة إلى هذه الخيارات ولماذا لم تذهب الى خيارات أخرى؟، "أليس الأولى أن تلغى وزارات أخرى مثل التخطيط"؟


وعبر البعض عن تخوفهم من أنّ الخطة المطروحة ستكلف الدولة أموالا دون أي تطور على أرض الواقع، خصوصا مع وجود تجارب سابقة أثبتت فشلها في تطوير القطاع العام كلفت الدولة ملايين الدنانير.


ويرى الخبراء أنّ الأصل في الاصلاح الاداري أن يتم "الغاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي" وأن يتم دمجها مع وزارة المالية والداخلية، وأن يتم دمج وزارة العمل مع وزارة التنمية الاجتماعية لتكون هي المسؤولة عن محاربة الفقر والبطالة، أو أن يتم دمج "الصناعة مع الطاقة" و"التجارة مع السياحة" و"التموين مع الزراعة".


وزارة الصناعة والتجارة بحكم أنّها معنية بجزء من المهام الجديدة لوزارة العمل لم يكن لديها اجابة عن هذه الجزئيّة، على اعتبار أنّ هذا الموضوع لا زال مطروحا لدى اللجنة التي وضعت الخطة وليس لديها ما يمكن الحديث عنه في هذا المجال بعد.


أما وزارة التخطيط والتعاون الدولي التي سيكون من ضمن مهامها– وفقا للخطة الجديدة- إدارة البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي والتأكد من ترابط الخطط والاستراتيجيات الوزارية والمؤسسية التشغيلية مع البرنامج فقد فضلت الصمت وعدم التعليق.


الخبير الاقتصادي نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين سابقا د.جواد العناني قال "ما قدّم في الخطة ليس واضحاً، ولم يقدم إجابة عن الحكمة والمنطق من تقديم الخيارات ولا الحلول المطروحة، "فلماذا لجأت الحكومة الى هذه الخيارات ولماذا لم تذهب الى خيارات أخرى؟" معبرا عن تخوفه من أن تكون لهذه الخطة تكلفة على الدولة دون أن يكون هناك أي تقدم في مجال الإصلاح الإداري خصوصا وأنّ تجارب لحكومات سابقة أثبتت فشلها ولم تؤد الهدف المطلوب.


وأضاف العناني الى تساؤلاته عن خطة واسلوب الدمج الذي سيطبق، والخطوات التي ستتبع لتطبيق ما جاء في الخطة، كما لم تجب الخطة الجديدة عن مدى الانسجام ما بين الاصلاح الاداري ورؤية التحديث الاقتصادي.


أما فيما يخص وزارة الصناعة والتجارة فقد أشار العناني الى وجود "تناقض"في مهمة وزارة الصناعة والتجارة ومهام وزارة العمل، مقترحا أنّ يكون هناك دمج بين الصناعة والطاقة والتجارة مع السياحة والتموين مع وزارة الزراعة.


وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر المدادحة قال "السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو "هل مشكلة القطاع العام هو في وزارة العمل؟"، مشيرا إلى أنّ الأساس هو "الغاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي والتي باتت في السنوات الأخيرة أقرب لمديرية أو مكتب لتنسيق المساعدات فقط" خصوصا بعد أن سحبت منها العديد من المهام التي كانت منوطة فيها.


وأشار الى أنّ الأساس أن يكون هناك وزارة اقتصاد وطني يكون تحت مظلتها معظم أعمال الوزارات الاقتصادية.


وألمح المدادحة إلى أنّ مثل هذه التعديلات في مهام الوزارات تحتاج إلى تعديلات في التشريعات والأنظمة.


ويرى المدادحة أن إصلاح القطاع العام الأساس أن يقوم على ترشيق عمل الوزارات والدوائر الحكومية المختلفة، مع إزالة التداخلات الموجودة فيما بينها.


واتفق مع ما سبق وزير الاقتصاد الوطني الأسبق سامر الطويل إذ أكد أنّ الدولة ومنذ أن بدأت بالإصلاح الإداري وحتى الآن كانت "تعالج القشور" ولا تعالج الجوهر، وفي كل مرحلة يتم فيها عن إصلاح إداري يتم دمج مؤسسات أو إلغاء مؤسسات دون أن يكون هناك إصلاح حقيقي في القطاعات المختلفة.


وبحسب الطويل فإنّه "لو كان هناك خطة حقيقية للإصلاح الإداري فوزارة التخطيط والتعاون الدولي هي الأولى بالإلغاء والدمج" مقترحا أن يتم دمجها مع وزارة المالية والداخلية لأنّها باتت مسؤولة عن المساعدات والمنح فقط بعيدا عن التخطيط.


وأضاف أنّ وزارة العمل "وزارة سياديّة" لا يمكن إلغاؤها بل على العكس كان من الممكن أن يتم دمج وزارة التنمية الاجتماعيّة بحكم أنّ الدولة تسعى بشكل أساسي إلى معالجة مشكلتي الفقر والبطالة، موضحا بأنّ الأصل وزارة العمل هي المسؤولة عن معالجة الفقر والبطالة وليس إصدار تصاريح عمل فقط.


ويتساءل الطويل "ما هي علاقة مهام وزارة العمل بوزارة الصناعة والتجارة" وبين أنّ الخطة جاءت متأثرة "بالتشكيلة الحكوميّة الحاليّة"، وتمّ تصميمها بناء على هيكلية الفريق الاقتصادي.

اقرأ  أيضا:

"التربية" و"التعليم العالي": تساؤلات عن أهداف الدمج

تطوير محور الموارد البشرية يتطلب إسنادا فنيا وتنظيم التعيين والترقية

ما آثار إلغاء "العمل" على برامج التشغيل وحماية حقوق العمال؟

إعلاميون يعتبرون إنشاء"التواصل الحكومي" خطوة رائدة

"الثقافة والشباب".. دمج يستفز سؤال الجدوى ومحاذير "السلبيات"

أولوية الإلغاء.. لـ"التخطيط" أم لـ"العمل"؟

إلى من يلجأ القطاع الخاص مع إلغاء وزارة العمل؟

دمج "النقل" و"الأشغال"..هل يجود الخدمات الحكومية؟

سرعة التنفيذ ومشاركة القطاع الخاص محوران أساسيان للتحول الرقمي