ثقافة الحوار.. سلوك سلمي يرتقي بجهود الإصلاح والتنمية

عمّان -لا تزال ثقافة الحوار البناء حاجة ملحة لتجاوز الانعكاسات السلبية، وردات الفعل غير المنضبطة لتحقيق التناغم الوطني والإسهام في ترسيخ الإصلاح السلمي.اضافة اعلان
وأكد خبراء أن إيجاد مساحة مشتركة بين أطراف الحوار من شأنه أن يطلق روحانية إيجابية، أكثر بكثير من جعل المغالبة على الآخر هي الهدف الأساسي، مؤكدين أن هذه المساحة المشتركة في الرؤية والأهداف تعد جسورا لنقاط الالتقاء بين جميع الاطراف للوصول إلى حل منطقي.
رئيس لجنة الحوار الوطني في مجلس الاعيان، رابحة الدباس، قالت، إن الحوار هو اول وسيلة للتفاهم مع المواطنين في المواقع والاتجاهات والقضايا الوطنية كافة، وهذا يبسط لهم المشاركة بالعملية التنموية بجميع ابعادها، والمشاركة في خطاب الاصلاح والتنمية السياسية، بحيث يكونوا شركاء بالمخرجات النهائية.
وأوضحت انه من أجل إدماج الافراد والجماعات بالتنمية الوطنية، لا بد من التحاور وأخذ آرائهم، مع ضمان تبنيهم لهذه الآراء، وهذا بحد ذاته يشكل لدى المواطنين شعورا بالاستقرار والأمن، وانهم يشاركون بشجون الوطن، وأن حقوقهم مصانة، وهم الاساس في كل التوجهات بسبب إشراكهم بالحلول.
رئيس لجنة الحريات بمجلس النواب، عواد الزوايدة قال، إن الحوار هو الطريق الاساسي للوصول إلى تفاهم بين طرفين او اكثر، وهو مفتاح الحلول لأي صعوبات تواجه المجتمع، من خلال تقبل الرأي الآخر.
وقال الزوايدة، إن الاحتجاج السلمي هو الطريق الحضاري للشعوب للتعبير عن مطالبها، ولكن العنف لا يولد إلا عنفا، منتقدا المطالبة بالحقوق بطرق غير سلمية لأنها لا تأتي بفائدة تذكر، بل على العكس تكون نتائجها سلبية تؤدي لإلحاق الضرر بالآخرين.
وقال أستاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة، حسين محادين، إن أسس الحوار لا يمكن ان تستقيم في ظل غياب مضمون الحوار الهادف وادوات دقيقة لإنضاجه وتوقيت مناسب، تجعل مراقبي الحوار من الطرفين يتقبلون مضامينه او اي نتائج توافقية لأي حوار وطني.
ونبه إلى إمكانية تحول الحوار إلى نوع من التنافس كمقدمة اولى لصراع الارادات، عندما يكون احد طرفيه منغلقا ولا يتمتع بمرونة ذهنية ولا مضامين توافقية مع الآخر، أو ان أحد الطرفين المتحاورين ليس ممتلكا او مفوضا لصلاحيات تنجح هذا الحوار.
وأوضح محادين أن الحوار قد يتحول لمفهوم المنافسة، عندما يكون أحد الطرفين بعيدا عن فكر وشعور الطرف المقابل، مؤديا إلى نوع من التصادم، مؤكدا أن الرغبة في انجاح الحوار هي متطلب سابق للحيلولة دون الانتقال لمرحلة المنافسة على الرأي العام، والانتقال من الحوار السلمي إلى ما يسميه البعض اشتباكا غير إيجابي.
وأشار إلى ان الحوار بالمجمل هو ثقافة، ويجب ألا تغلبنا ثقافة المغالبة، بل ثقافة الحوار، حتى لا تغيب التوافقات وكأننا نحكم على مثل هذه اللقاءات التي من الممكن ان تكون بناءة بالفشل، منبها على عدم مقابلة محاولة الاصلاح بعبارات التشكيك والتضليل للرأي العام.
ودعا محادين إلى ان يقوم حوار الاصلاح على اسس قوية وثقة بالقدرات، حتى تكون المطالب دقيقة وذات أهمية لكلا الطرفين، لتخفيف الضغط واحتقان الرأي العام، والأهم من ذلك أن يكون الحوار تجسيدا ميدانيا لكثير من النصوص الدستورية الجميلة، التي تترجم عناوين حياتية يمكن ان تنهض على أساس التشاركية بين اطراف المعادلة الوطنية في هذا البلد العربي.
القائم بأعمال عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك خلف الطاهات قال، إن حق التعبير مكفول دستوريا ضمن ضوابط وأطر تحددها مسؤولية مجتمعية، مبيناً أن دور الإعلام ومهامه الأساسية في رسالته الإعلامية هو تعزيز بنية المجتمع واستقراره وأمنه.
وأشار إلى أنه لا يوجد حرية مطلقة لأنها تؤدي إلى مفسدة مطلقة، وبالتالي يؤدي إلى خلل في منظومة استقرار المجتمع، مشيراً إلى أن الكثير من دول العالم لديها حركات احتجاجية ومسيرات للتعبير دون الاساءة للمنجزات والممتلكات العامة.
وقال أستاذ التفسير وعلوم القرآن في قسم الدراسات الاسلامية في جامعة الحسين بن طلال، فرج الزبيدي، إن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان التي كفلها الإسلام ضمن ضوابط محددة، وهي مكفولة بحيث لا تؤثر على حدود الآداب العامة والنظام العام.
وبين أنه لا يجوز الاعتداء على حرية الآخرين حتى لا تؤثر على النظام العام، ولا تقود إلى فتنة وإزهاق أرواح الآخرين، وحتى لا تؤدي إلى الانفلات والتمرد والعصيان للنظام الحاكم غير المقصر في حقوق الناس.
فالنظام العام، بحسب الدكتور الزبيدي، ليست الحكومة وإنما الدستور والقوانين التي تنظم العلاقة بين الفرد والدولة، موضحاً أن النقد البنّاء للسلطات التنفيذية والتشريعية يأتي وفق نظام المحاسبة، فحرية التصرف أو حرية الكلمة أو العقيدة موجودة، ونادى بها الدين الحنيف، ولكن ضمن ضوابط مسؤولة.- (بترا)