حوار صغار..!

في الأزمات الصغيرة يكون الكبار على موعد مع الصمت، وتكون التحديات والعقبات أكثر صعوبة وإرهاقاً، الصغار دوما فتيل الأزمات سريع الاشتعال ووقوده المشكلات التي تتأجج في طرفة عين..اضافة اعلان
في أزماتنا الصغيرة أو التي تبدو كذلك، لا حجة مقنعة ولا حكمة في مكانها، بل الإشاعات وترويج الأفكار والردح المباشر وتصدير القناعات الخفية والأقنعة التي تسقط في أول امتحان..
بُغض الأشقاء وعداؤهم الخفي المغلف دوما بسولافان الاخوة والمصالح المشتركة والعلاقات الأخوية الثابتة والراسخة والمصير المشترك سرعان ما تقفز الى الواجهة وتسقط غلافات المحبة أمام حوارات الصغار..!
هذا ما حدث في أزمة العامل المصري الوافد الذي تعرض للضرب.. فقد توقفت الدنيا عند الحادثة بأكثر من حجمها الذي هو كبير أيضا بسبب وقعه الإنساني..
فالتعرض لأي إنسان بالضرب أو الإهانة مرفوض في كل الشرائع والأديان والقوانين.. لا سيما اذا ما كان الاستقواء هو خلفية الحدث وإطاره..
أما أن يتوقف الناس عن الحديث عن مشاكلنا الداخلية والخارجية.. وخطة تدمير القدس الجارية على قدم وساق بدون تردد وعلى عيون الاشهاد العرب.. وسيناريو هدم الإسلام صورة وتفصيلاً.. وأزمات الشعوب في نصف العالم العربي الذي يتجرع شهدا ربيعه الأحمق.. وأزمات المواطن العربي، وتصبح حادثة العامل مادة دسمة لكل صاحب مصلحة ومنفعة.. فهذا يشي باختلاط أولوياتنا..
من واجه مشكلة شخصية أو حادثة خاصة مع وافد مصري بنى موقفه من الأزمة على أساس الحادثة فراح يعمم ويشطب بالجملة كل من ارتبط بهذه التبعية العربية..
من اختلف مع النظام المصري على خلفيات سياسية أو (دين سياسي) ذهب أبعد من ذلك ليتحدث عن الحال الذي وصله الشعب بسبب هذا النظام.. بل إن إحدى الصحف التابعة للإخوان المسلمين لم تلتقط من الأزمة الا “إعلام النظام يسيء للأردن”.. وكأن الإساءة للأردن لم تأتِ قبل ذلك من أطراف (أخرى) قبل هذا النظام..!؟
أولئك الذين يبحثون عن فتنة أو تصفية حسابات، وظفوا مخزونهم اللغوي، تطرفهم حتى أصبحت جدية الإعلام في التعامل مع الحدث محل شك، وتساءل عرب آخرون في الأردن، ماذا لو وقع الحادث ذاته لأحد أبنائهم..!
عراقية تسأل، وسوري ينتظر وعربي آخر يشمت وخليجي يراقب.. وقنوات أجنبية تنسى مرة واحدة، الأزمات السياسية والاقتصادية والحراك الانتخابي في الأردن ومصر وتتصدر أزمة العامل نشرات أخبارها مشفوعة باستضافات لخبراء من العاصمتين حول تداعيات الحادث على العلاقات بين البلدين وتصدير الغاز والتبادل التجاري..!
وسائل إعلام عربية أخرى رأيناها تصب جل اهتمامها في الحادثة والقانون والحصانة والنائب والتدخل الحكومي.. وعلى خطوط النار الإعلامي البغيض حين يكون الأمر بين عربيين تشتد حوارات التطرف والردح، أما على الجبهة الحقيقية التي علينا أن نكون عليها معا.. لا أحد حتى يسعى لتطويق الأزمة..
حرب القدس خيم عليها صمت مطبق على أخبار شهدائها وقفزت الضغائن لتغطي على المهنية والاحتراف الإعلامي..
ضعنا وضاعت هيبتنا وكرامة عروبتنا الواحدة قبل الحادثة بزمن منذ أن أصبحت المشاكل الصغيرة أزماتنا الكبيرة..!!