"شاويش" عمالة الأطفال!

أسوأ ما في تداعيات الحريق السوري -وكلها سيئة- ذاك الضياع والظلم اللذان حاقا بالأطفال السوريين الذين يُستخدمون اليوم في واحدة من أكثر ملامح البشاعة والاستغلال في التاريخ المعاصر تحت مسمى "عمالة أطفال اللاجئين"!اضافة اعلان
إذ كشف تقرير حقوقي أوروبي، الخميس الماضي، أن عمالة الأطفال السوريين في الأردن تتجاوز 60 ألف طفل، يعمل جلهم بدوام جزئي أو كامل لساعات طويلة. أما الأجور، فهي عنوان الاستغلال الأبرز؛ إذ كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الأجور التي يتقاضونها متدنية، ولا تتجاوز مئتي دولار. ناهيك عن أن ثمانين في المئة من هذه العمالة الممنوعة بموجب القانون لا يحصلون على إجازات، ويعملون في ظروف خطيرة.
60 ألف طفل خارج المدارس، انخرطوا في لجة ظرف ظالم، ولحقوا بسوق العمل بوصفهم الطرف الأكثر ضعفا في المأساة السورية؛ فلا قدرة للمدارس على استيعاب المزيد منهم، كما أن عائلاتهم لا تملك القدرة أو الرغبة في تعليمهم. والأسوأ وفقا للتقرير الأوروبي، وجود شخص يدعى "الشاويش"، مهمته تشغيل المزيد من أطفال اللاجئين؛ وليبدو الأمر وكأنه سوق نخاسة في أوساط الأطفال الذين هربوا من القتل والدمار في بلادهم، ليواجهوا شكلا قاسيا من أشكال الاستخدام الظالم.
من يراقب هذا "الشاويش"؟ ومن يوقفه عند حده، فيقطع الطريق على امتهان كرامة الطفولة السورية، وينهي معاناة مفتوحة؟ فالسماسرة الذين يتكاثرون من حول هؤلاء الأطفال يتلاعبون بحاجة العائلات السورية للمال؛ لرعاية مريض أو سد جوع أفراد العائلة، ما يجعل استخدام الأطفال أمرا سهلا تبعا لقسوة الظروف.
الأردن من ضمن الدول الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل. وينص قانون العمل الأردني على عدم جواز تشغيل الأطفال دون سن 16 عاما. ومع استضافة الأردن ما يزيد على مليون وثلاثمئة ألف لاجئ سوري، أكثر من نصفهم أطفال (51 %)، فإن المخاوف من الاستغلال الاقتصادي لهؤلاء الأطفال بأبشع تفاصيله، تستدعي أن تلتفت مؤسسات الرقابة الحكومية، وكذلك الخاصة، لهذا الواقع.
أكثر من ثلث الأطفال السوريين الذين يعملون لأكثر من 8 ساعات، تعرضوا العام الماضي لإصابات استدعت تدخلا طبيا. وبالنسبة للأطفال العاملين في مخيم الزعتري، فقد كشف التقرير الأوروبي أن ربعهم لم يتلق أجرا عن عمله، بينما ذكر التقرير أن 15 بالمئة منهم تعرضوا لعنف جسدي أثناء مزاولتهم للعمل. ومع استمرار الجرائم بحق هؤلاء الأطفال، فإن النسب مرشحة للتصاعد في ظل اتساع دائرة الخطر الاقتصادي والأمني بحق هذه الفئة الضعيفة.
في الثاني عشر من حزيران (يونيو) المقبل، يحتفل الجميع باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، في ظل ما يتعرض له الأطفال السوريون في الشتات وكذلك في بلادهم، ومثلهم الأطفال في العراق واليمن وغيرهما من الدول التي ضاعت فيها حقوق الأطفال في التعليم والحياة الكريمة خلال السنوات الماضية.