اختبار حرية التعبير بالغرب: احتجاجات غزة وصراع المبادئ‏

أفراد من شرطة نيويورك يقمعون المحتجين بجامعة مارش في نيويورك
أفراد من شرطة نيويورك يقمعون المحتجين بجامعة مارش في نيويورك

عمان - ‏يواجه مبدأ حرية التعبير في العالم الغربي هذه الأيام اختبارا صعبا، بخاصة في سياق الاحتجاجات والمظاهرات ضد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. 

اضافة اعلان

 

ويكشف القمع الجاري هناك ضد تعبيرات المعارضة عن تناقض صادم داخل ما تصف نفسها بمعاقل الديمقراطية، على رأسها الولايات المتحدة، حيث يجد حتى طلاب الجامعات أنفسهم خاضعين للرقابة، ومتهمين بمعاداة السامية لتجرئهم على إدانة الوحشية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي.‏


وفي القلب من هذه القضية ثمة التمييز الحاسم بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية الذي غالبا ما يجعلونه ضبابيا لخدمة البراغماتية السياسية.

 

ففي الأصل، تشير معاداة السامية إلى التحيز أو العداء تجاه اليهود كمجموعة عرقية أو دينية أو إثنية، في حين أن معاداة الصهيونية تنتقد الأيديولوجية السياسية لهذه العقيدة التي تدعو إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين وإدامتها.

 

وينبغي إدراك أن إدانة سياسات الكيان الصهيوني في فلسطين التي هي الآن قيد في غزة، لا تعني الهجوم على الهوية اليهودية. وفي الحقيقة، لطالما عارضت العديد من الشخصيات اليهودية البارزة، تاريخيا وحاليا، الصهيونية بشدة باعتبارها أيديولوجية تمييزية وقمعية بطبيعتها.‏


‏يؤكد قمع المعارضة في حرم الجامعات الأميركية على نفاق أمة تفخر بإعلاء شأن حرية التعبير. هناك، يقابل الطلاب المتظاهرون الذين يدافعون عن الحقوق الفلسطينية ويدينون عدوان الكيان الصهيوني بالترهيب والاتهامات بمعاداة السامية -وحتى الإجراءات التأديبية. ولا يخنق هذا القمع الخطاب المشروع فحسب، بل ويديم مناخا من الخوف والرقابة يتناقض مع مبادئ النقاش المفتوح والحوار الفكري.‏


‏الآن، تشكل استجابة قوات مكافحة الشغب في الجامعات الأميركية صورة في المرآة لنظيراتها في الأنظمة الاستبدادية، وتشير بوضوح إلى تآكل الحريات المدنية في الدول التي تزعم أنها حارسة الديمقراطية.

 

وبينما تنتقد الدول الغربية بشكل روتيني الدول الاستبدادية لقمعها المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان، فإن التكتيكات القاسية المستخدمة لإسكات الاحتجاجات التضامنية مع غزة تكشف عن الازدواجية الفاضحة في المعايير.

 

ولا تغيب المفارقة في الدعوة إلى الحرية في الخارج مع قمعها في الداخل عن ملاحظة الذين يلتقطون هذا التفاوت بين الخطاب والواقع.‏


‏لطالما كان التدخل الغربي تحت ستار تعزيز الديمقراطية والتحرر يتعرض لانتقادات منذ فترة طويلة بسبب تطبيقه الانتقائي وتجاهله لسيادة الدول.

 

وعلى الرغم من المعارضة الواسعة من سكان البلدان المستهدفة، تدخلت القوى الغربية عسكريا مرة تلو المرة، مدعية أنها تتدخل لصالح الحرية وحقوق الإنسان.

 

ومع ذلك، لا بدّ أن يقوض هذا التنافر الواضح بين المثل المزعومة وواقع الاحتلال والقمع أي مصداقية تبقت للأنظمة الغربية على الساحة العالمية.‏


‏في جوهره، يسلط قمع المعارضة المحيطة باحتجاجات غزة الضوء على منعطف حاسم في المعركة المستمرة من أجل حرية التعبير في الغرب. وهو يعري التناقضات المتأصلة في المجتمعات التي تدعي التمسك بالمبادئ الديمقراطية، بينما تسكت أصوات المعارضة وتديم الظلم.

 

وبينما يتردد صدى النضال من أجل التحرر الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، فإنه يضعنا أمام سؤال أساسي: هل نتمسك بمبادئ العدالة والحرية، أم نستسلم لإغواء المصلحة والتواطؤ؟ يغلب أن الجواب سيحدد مصير الديمقراطية في القرن الحادي والعشرين.‏ 

 

للاطلاع على نسخة الخبر باللغة الانجليزية اضغط على الرابط: 

 

The Litmus Test of Freedom of Expression in the West: Gaza Protests and the Clash of Principles