التجارة الإلكترونية.. انتشار دون الطموح وغياب التشريعات أبرز المعيقات

أرشيفية
أرشيفية

في ظل الثورة الإلكترونية الرقمية التي اجتاحت العالم خلال العقدين الماضيين والتي قادت إلى تغيير طبيعة النشاط التجاري والاقتصادي حول العالم باتت التجارة الإلكترونية جزءا من النشاط الاقتصادي الجزئي لأي دولة.

اضافة اعلان


وتسعى الدول كافة للاستفادة منها لما لها من قدرة هائلة على توفير الوقت والجهد وخفض التكاليف والمساعدة في إتاحة العديد من فرص العمل، ورفع مستوى كفاءة الصادرات وتوسيع نطاق الوصول إلى الأسواق فضلا عن تحسين الحركة الاقتصادية، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي.


ويرى خبراء اقتصاديون أن انتشار التجارة الإلكترونية محليا ما يزال أقل من المأمول ومن حجم الإمكانات والبنية التحتية الرقمية المتوفرة، وأننا متأخرون في هذا السباق مقارنة مع بعض الدول في المنطقة.


وأكد هؤلاء الخبراء لـ"الغد" أن هذا النوع من التجارة يصطدم بعدة معيقات في مقدمتها غياب التشريعات الناظمة له، إضافة لعدم وضوح التصنيف الضريبي المترتب عليها، إلى جانب عدم وجود الوعي الكافي بهذا النوع من التجارة لدى التجار والقطاعات التجارية المختلفة.


وبغية الاستفادة من التجارة الإلكترونية وزيادة حجم نشاطها محليا، دعا هؤلاء الخبراء إلى ضرورة الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد القائم على التقنيات والتحول الرقمي إضافة إلى إصدار تشريعات خاصة بالتجارة الإلكترونية، وتوحيد المرجعيات المعنية بهذا الملف والجهات المنظمة لعمله لا سيما فيما يتعلق بالجهة المختصة باستيفاء الضرائب (دائرة الجمارك العامة، دائرة الضريبة العامة).


وكانت الحكومة قد أطلقت في شهر نيسان (أبريل) الماضي الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية (2023-2033) التي سيتم تنفيذها على مدار عشر سنوات، من خلال ثلاث مراحل حيث بدأت المرحلة الاولى (2023-2025) والتي سيتم التركيز فيها على توفير بيئة ممكنة للتجارة الإلكترونية جاذبة للاستثمار وممارسة الأعمال في الأردن، وقادرة على توفير فرص مدرة للدخل المواطنين، وتعزيز القدرة التنافسية للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، من خلال استخدام حلول التجارة الإلكترونية والتقنيات الحديثة للتوسع محليا وعالميا، بالإضافة إلى تسهيل التجارة وتعزيز القدرة التنافسية لقطاع الخدمات اللوجستية.، جاء انطلاقا من رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، في النهوض بالاقتصاد الوطني وحرص الحكومة والوزارة على بناء وتعزيز اقتصاد وطني تنافسي وعالمي متنوع.


وقال وزير الصناعة والتجارة والتموين وزير العمل، يوسف الشمالي، إن حجم التجارة الإلكترونية في الأردن ما يزال دون الطموح، إذ بلغ نحو 788 مليون دولار عام 2020، بينما تجاوز حجمها العام الماضي ما قيمته 5.7 تريليون دولار عالميا، منها 37 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متوقعا أن يستمر بذات الاتجاه ليبلغ حجمها العالمي 8.1 تريليون دولار منها 57 مليار دولار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2026.


وتجدر الإشارة إلى انه لا تتوفر بيانات رسمية حديثة لحجم التجارة الإلكترونية في الأردن، حيث أن آخر بيانات تتعلق بحجم هذا النوع من التجارة لدينا تعود لدراسة صدرت عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في عام 2021 وقدرت حجمها بنحو 788 مليون دولار في المملكة. 


وأكد الشمالي خلال افتتاحه أعمال مؤتمر الأردن الاقتصادي بنسخته 23، الذي عقد الأسبوع الماضي تحت عنوان "الابتكار في التجارة الإلكترونية"، على أن الحكومة تعمل على تيسير تحول المؤسسات التجارية والصناعية والخدمية القائمة لتبني التجارة الإلكترونية، وأنها لا تريد لأي من مؤسسات القطاع الخاص التخلف عن اللحاق بركب هذا التحول.


وقال نقيب تجار الألبسة والأحذية وممثل غرفة تجارة الأردن في لجان التجارة الإلكترونية سلطان علان، إننا في الأردن "ما زلنا متأخرين" في التجارة الإلكترونية لافتقادنا التشريعات المنظمة لعمل هذا النوع من التجارة، على الرغم من الإستراتيجية الطموحة التي وضعتها وزارة الصناعة والتجارة لتطوير وتوسيع انتشار التجارة الإلكترونية محليا، مؤكدا أن التشريعات هي القاعدة الأساسية التي يجب العمل عليها للاستفادة من هذه التجارة.


وأضاف علان أن هناك جدية من الحكومة لتفعيل إستراتيجية التجارة الإلكترونية التي وضعت مؤخرا، إذ تم بدء عمل اللجان الفرعية الخاصة بتخطيط وتنفيذ الإستراتيجية التي تعد طموحة للغاية، إذ إن هناك رغبة حكومية رسمية لان يكون الأردن مركزا إقليميا للتجارة الإلكترونية.


ولفت علان إلى أنه إذا ما تم تعزيز التجارة الإلكترونية فإن من شأن ذلك أن يساعد في خلق المزيد من فرص العمل والتشغيل، إضافة إلى زيادة معدلات الحركة التجارية التي ستنعكس على تحسن معدل النمو الاقتصادي.


ومن أجل تعظيم الاستفادة من هذه التجارة الإلكترونية وتوسيع نطاق انتشارها محليا دعا علان إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية، إضافة إلى وجوب توحيد المرجعيات المعنية بهذا الملف والجهات المنظمة لعمله لا سيما قي ما يتعلق بالجهة المختصة بإستيفاء الضرائب (دائرة الجمارك العامة، دائرة الضريبة العامة)، إلى جانب أهمية إدماج القطاعات التجارية لهذا النوع من التجارة في أنشطتها التجارية التقليدية.


من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التجارة الإلكترونية محليا يتزايد انتشارها بشكل واضح كما في كل دول العالم، إلا ان انتشارها أقل من المأمول وأقل من حجم الإمكانات والبنية التحتية الرقمية التي تتوفر لدينا، إذ سبقتنا بعض الدول في هذا المجال، موضحا أنه ليس لدينا صورة حقيقة للواقع وحجم هذه التجارة إذ تتضارب الأرقام لدى الجهات المختلفة الفاعلة في هذا المضمار.


وبحسب عياش، تواجه التجارة الإلكترونية في الأردن عدة تحديات أعاقت من عملية انتشارها ومنها غياب التشريعات الناظمة لها إضافة إلى عدم وضوح التصنيف الضريبي المترتب عليها ،إلى جانب عدم وجود الوعي الكافي بهذا النوع من التجارة لدى التجار والقطاعات التجارية المختلفة، فضلا عن ضعف ثقة قطاع واسع من المواطنين بهذه التجارة.


وبين أن أهمية هذا النوع من التجارة تكمن في قدرتها على توسيع دائرة الاشتمال التجاري والاقتصادي، إضافة إلى تعزيز الاندماج التجاري بين الأردن ودول العالم، وإتاحة المجال أمام الصناعات المحلية للوصول إلى عدد أكبر من الأسواق في حال ما حسن ترويجها، عدا عن قدرتها على زيادة فرص التشغيل.


وطالب عايش بضرورة الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد القائم على التقنيات والتحول الرقمي بما يدعم عملية زيادة رقعة التجارة الإلكترونية محليا، إضافة إلى أهمية إصدار تشريعات خاصة بالتجارة الإلكترونية، إلى جانب وجوب تجسيد الوعي بالتجارة الإلكترونية لدى القطاعات التجارية وحثها على ممارسة انشطتها التجارية إلكترونيا.


إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إن التجارة الإلكترونية في الأردن بحالة نمو وازدياد  مستمر، حيث تنامى نشاطها بشكل واضح منذ جائحة كورونا، مشيرا إلى أن هذا النوع من التجارة يلقى إقبالا واسعا بين الأجيال الشابة.


وأشار الحموري إلى أن التجارة الإلكترونية في الأردن تصطدم بعدة معيقات وفي مقدمتها عدم وجود تشريعات مخصصة لممارسة هذا العمل ما يضعف منسوب الثقة لدى المستهلكين والتجار على حد سواء، ويجعلهم يخشون التعرض للاستغلال، إضافة إلى اعتراض القطاع التجاري وغرف التجارة المحلية الدائم على توسع انتشار هذا النوع من التجارة الذي يؤثر بحسبهم على حصة مبيعاتهم، ويضر بقدرتهم على المنافسة، فضلا عن ارتفاع أسعار الإنترنت.


وأوضح الحموري أن لانتشار هذا النوع من التجارة انعكاس إيجابي على الاقتصاد الوطني حيث يساهم في زيادة النشاط الاقتصادي المحلي، والمساهمة أيضا في الحد من مشكلة البطالة.


ويرى الحموري أن الاستفادة من التجارة الإلكترونية محليا تستدعي العمل على تسريع إقرار التشريعات التي تضمن ان لا يكون هناك استغلال من طرف لآخر، إضافة إلى وجوب وضع رؤية واضحة لأستقطاب الاستثمارات الخاصة بالتجارة الإلكترونية خاصة في ظل توفر البنية التحتية التكنولوجية مقارنة مع بقية دول المنطقة، علاوة على ضرورة إدخالها ضمن النظام الضريبي. 

 

اقرأ المزيد : 

تصاعد التجارة الإلكترونية: تأثيرها على التجارة التقليدية