الكوميديا الأردنية.. تهريج بلا حدود

د. محمود عبابنة

اما وقد شارفت المسلسلات الرمضانية على خواتيمها، ولان الفن ركن أساسي في ثفاقة الشعوب، فلا بد من جردة حساب سريعة لما شاهدناه من مسلسلات عربية وأردنية، وقد كان هذا الموسم زاخرا بأعمال درامية نالت الإعجاب ومثالها مسلسل «الزند» و»النار بالنار» و»العربجي» وللاسف لم نجد مسلسلا أردنياً واحداً يغرينا بمتابعته، بل كنا مجبرين ولا حول لنا ولا قوة الا متابعة مسلسل «وطن على وتر» و»جلطة»، ونجحا بجداره وعن سابق قصد وتصميم في إنزال مفهوم الكوميديا الهادفة خفيفة الظل إلى مجرد مهزلة وتهريج لا معنى له ومبالغة واستجداء الضحكة وربما تحصل هذه الضحكة ولكن على بلاهتنا وندمنا على قضاء دقائق لمتابعة هذا الفن الهزيل والرديء والذي لا نفهم مضمونه ومراميه ولغته، وقد اساء لممثلين أردنيين وسوريين نعتبرهم كبارا أمثال زهير النوباني ومحمد خير الجراح.اضافة اعلان
الأردن برغم تقدمه في كثير من مناحي الريادة على المستوى العربي إلا أن الدراما الأردنية ما تزال تحبو على قدميها ولم تتطور منذ فيلم «صراع في جرش»، الذي كان أول عثراتنا في مجال السينما «الدراما» فعندما نشاهد ما يصنعه اخوتنا في سورية في «بقعه ضوء» والسعودية في «طاش ما طاش» بالإضافة إلى المسلسلات التاريخية والاجتماعية التي تغوص في عمق الواقع العربي ومجتمعه وتشدنا للحظات في انجذاب عاطفي واشتباك ذهني مع أحداث المسلسل أو الفيلم لا نجد في الدراما الأردنية الا بعض المسلسلات البدوية التي سجلنا فيها ريادة وتقدما لم يستمر على نفس الوتيرة، اما في غير هذا النوع من المسلسلات فما زلنا نقدم الرديء والهابط فاذا كان مسلسل اجتماعي يجري تصويره في شقة ويتصنع كثيرا من الممثلين مواقف لا يأخذ بجديتها أطفال الروضة، ولا يستوعبها من كان متوسط الذكاء لما تحمله من تناقض واستغراب، فمثلاً تذهب سيدة بالثوب القصير والاذرع المكشوفة لتحمل الصوبة لإصلاحها هذا المشهد يثير الاستغراب، ولم يدر بخلد المخرج ان موسم الشتاء يستوجب لباسا أكثر كثافة ودفئاً، وكذلك الأمر عندما تستقبل اماً ابنها العائد بعد تخرجه من أوروبا لتستقبله بسلام برؤوس الاصابع ولا تضمه أو تقبله، وربما يأخذ المخرج الظروف الاجتماعية والخادشة للحياء فإذا كان الوضع كذلك فلماذا نلجأ إلى صناعة الدراما وأفلام السينما ؟! وحتى في المسلسلات البدوية عندما تظهر «العنود» بالمدرقة البدوية وتنتعل الكعب العالي وتضع أحمر الشفاه «الفاقع».
ساعة كوميديا الذي تقدمه قناة رؤيا هذه القناة التي حازت على قطاع كبير من الإعجاب والمتابعة نظراً لبرامجها الهادفة والشيقة كبرنامج «نبض البلد» و»برنامج منهج» وغيرها، الا انه وعلى قول المثل «الحلوما بكمل» فقد تورطت هذه القناة التي نحبها ببرنامج ساعة كوميديا وبالذات مسلسل «وطن على وتر» الذي أثار حفيظتنا وحقق خيبة أمل، فبغض النظر عن الكلمات البذيئة والرديئة التي ينطق بها ممثلو المسلسل، وما لهذا من تأثير سلبي على المشاهد وبالذات الناشئة من ابنائنا، والتي لم تغب عن كثير من النقاد والمتابعين، إلا أن الأهم هو الحبكة الهزيلة والساذجة لفكرة الحلقة والأشياء غير المعقولة، والتي لا تحمل مضمونا ولا هدفا ولا تضحكنا فعدا عن الشتائم الموجهة بين الممثلين لبعضهم البعض، فإن الكلمات الخالية من التجريح لا تعبر عن لهجة الناس المشاهدين حيث لم يدرك بطل المسلسل الفكاهي غير المبدع أنه يعرض مسلسلاً أردنياً وانه ليس في لبنان أو سورية.