المسرح العراقي يولد من جديد

     برلين-رغم الحرب والوضع الأمني المتدهور، يشهد العراق ولادة جيل جديد من المسرحيين الذين رجعوا بعد سقوط النظام السابق إلى بلادهم. الحركة المسرحية لم تتوقف أثناء الحرب والحياة الثقافية تعود إلى طبيعتها .

اضافة اعلان

    يقول الكاتب الألماني جيورج بوشنر إن الثورة تفترس أطفالها. أما نحن فنقول إنها في بعض الأحيان تبصقهم من جديد. حيث أنه عندما أعلن في العاصمة العراقية رسميا عن انتهاء الحرب، حدث في مسرحها الذي أنهكته هذه الحرب معجزة: أثناء حكم صدام حسين للبلاد عمل في هذا المسرح طاقم كبير تكون من 150 شخص. والآن ارتفع عدد هذا الطاقم إلى 500 مسرحي ومهتم.

وعزا فخري العقيدي مدير قسم المسرح في وزارة الداخلية العراقية حدوث "المعجزة" في المسرح البغدادي إلى موجة الفنانين المسرحيين الجدد التي تتكون من مهاجرين عراقيين رجعوا إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب. ويضيف العقيدي أن بلاده ما زالت بعيدة عن الأوضاع الطبيعية وإن نقطة الصفر لم تبدأ بعد في العراق.

الحياة المسرحية لم تتوقف

    على خلاف ذلك يريد المسرحي الألماني روبيرت شيويلي مع مسرحه "مولهايم" الألماني أن يكون بالنسبة للمسرح العراقي مثالا يحتذى به. ويتحدث المسرحي الألماني منذ زمن بعيد عن قدرات كامنة في الحركة المسرحية العراقية. صحيح أن الوضع ما زال سيئا في العراق، ولكن إرهاب القنابل والوضع الأمني غير المستقر ساعد على ولادة المسرح العراقي من جديد.

ويقول صالح حسين مترجم هاينر مولر إن الحياة المسرحية لم تتوقف، حتى في الحرب. ويساهم صالح في تنظيم عروض المسرح العراقي التي تنظم في الوقت الحاضر في ألمانيا. ويقول المترجم إن هجرة المسرحيين العراقيين حدثت أثناء حكم صدام حسين للبلاد، وليس منذ بداية الحرب.

ويتقاسم منصات المسرح العراقي في الوقت الحاضر ست فرق تتلقى مساعدات حكومية. أما المسارح الأخرى ومن بينها المسرح القومي العراقي فما زالت تحت الأنقاض. ويقول العقيدي إن 16 فرقة مسرحية أسست قبل وصول صدام إلى الحكم وأنها لم تتضرر أثناء الحرب، مشيرا إلى أنه لا يمكن تدمير المسرح لا في العراق ولا في أي مكان آخر. وبعد غياب الرقابة على الأعمال المسرحية، انطلقت الحركة المسرحية العراقية من جديد.

مؤتمر للمسرحيين العراقيين في برلين

     وتشهد الحياة المسرحية العراقية فيضانا من القطع المسرحية منذ انهيار نظام صدام. ولكن إذا أراد مسرحيون عراقيون تمثيل قطعة شكسبير "روميو وجوليات" فيجب عليهم إضفاء صبغة عراقية عليها، إذ أن الجمهور العراقي يريد رؤية عالمه الخاص في هذه القطعة. ويعتمد هذا أيضا على جيل مسرحي شاب جاء إلى بلاد ما بين النهرين. ومنذ القرن التاسع عشر تم تمثيل أعمال موليير على منصات المسارح اللبنانية، الأمر الذي لم يلق تجاوبا في العراق.

ينظم روبيرتو شيولي الذي قدم على مدى أشهر كثيرة عروضا مسرحية في العراق مؤتمرا في ألمانيا عن مستقبل المسرح العراقي. وفي آب (أغسطس) المقبل ينظم في مسرح ماكسيم غوركي في برلين مشروعا يحمل إسم "بغداد برلين 2005" ويستبق المسرحيون العراقيون هذه الفعاليات بالقول إنهم يريدون دحض الاعتقاد السائد عن انعدام الحياة الثقافية في بلادهم.

الحياة الثقافية تعود إلى طبيعتها

     إذا بدأت الحياة الثقافية في العراق بالعودة إلى طبيعتها بعد الفترة الصعبة التي مرت بها البلاد ولا تزال تمر بها. أما بخصوص مصدر المساعدات (40 مليون دولار) التي تتلقاها وزارة الداخلية العراقية لتمويل إعادة بناء المسرح القومي فلم نستطع الحصول على جواب مقنع. وعما إذا كانت زيارة المسرحيين العراقيين لألمانيا لن تعجب البعض، أجاب القاعدي بالقول "المسرح لم يعد في بلادنا مسألة تهدد الحياة."