الجزائر: الاستقرار أم الركود؟

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 20/4/2017

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

تواجه العصبة السرية من سماسرة السلطة الذين يديرون الجزائر الكثير من التحديات. ويترتب على النخبة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، المعروفة بشكل جماعي باسم "السلطة" أن تجلب التعافي للاقتصاد المتداعي، وأن تهزم الجهاديين، وتتعامل مع الجيران المزعجين، مثل ليبيا ومالي. وفي بعض الأحيان، يترتب عليها طمأنة الجمهور العام بأن عبد العزيز تفليفة، الرئيس الجزائري المسن، ما يزال على قيد الحياة.اضافة اعلان
حكم السيد بوتفليقة، 80 عاماً، الجزائر -إلى جانب "السلطة"- منذ العام 1999، عندما دفعه الجيش ليكون رئيساً. لكنه عانى من ذبحة صدرية واحدة على الأقل في السنوات الأخيرة، وهو يبدو في حالة صحية سيئة. وكان قد ألغى في شباط (فبراير) اجتماعاً مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مما أدى إلى ظهور تكهنات في ذلك الحين بأنه قد توفي. ولتبديد هذه الإشاعات، أصدرت الحكومة لقطات للسيد بوتفليقة أثناء العمل. وظهر في الفيديوهات وهو يحدق في الكاميرا بنظرة فارغة، أو ينظر في الأوراق، في حين يتظاهر وزراؤه بالإعجاب.
ربما لم يعد الرئيس سليم العقل، لكن استمرار حضوره يقول الكثير عن الوضع السياسي في الجزائر التي ستعقد انتخابات عامة في 4 أيار (مايو). ويتمسك الكثير من السكان، والأهم، "السلطة"، بالسيد بوتفليقة، الذي قاد البلاد للخروج من حرب أهلية وحشية استعرت خلال معظم التسعينيات. ومنذ توقف القتال، تجنب الجزائر الوقوع في الاضطرابات التي ابتلي بها الجيران. وحتى في حالته الضعيفة، يُنظر إلى السيد بوتفليقة على أنه قوة استقرار.
للحفاظ على الأشياء ثابتة، كما تقول الحكومة، يجب أن يشارك الناخبون في الانتخابات المقبلة. وقال جمال ولد عباس، رئيس جبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس، في تجمع هذا الشهر: "علينا أن نصوت بكثافة لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وتقديم الدعم للرئيس بوتفليقة". وقد استحضر حلفاء حزب جبهة التحرير الوطني معركة الجيش ضد المتطرفين الاسلاميين والأزمة الاقتصادية المحتملة، من أجل حشد الناخبين.
على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة، قد يكون الإقبال على التصويت في الانتخابات المقبلة أقل حتى مما كان عليه في العام 2012، عندما تكلفت نسبة 43 % من الناخبين فقط عناء الإدلاء بأصواتها. وسوف ينتافس نحو 12.000 مرشح على 462 مقعداً، لكن العديد من الجزائريين يفترضون أن نتيجة الانتخابات مرتبة، وأن جبهة التحرير الوطني وحلفائها سيفوزون بفارق كبير. وقد هيمن الحزب على البرلمان منذ نالت الجزائر استقلالها عن فرنسا في العام 1962. وعندما فاز الإسلاميون في الانتخابات في العام 1991 ألغى الجيش تلك النتيجة، مما أدى إلى نشوب حرب أهلية.
كان يفترض في التنقيحات التي أدخلت على الدستور، والتي تم تمريرها في العام 2016، أن تمنح السلطة التشريعية مزيداً من السلطة، لكنها استمرت في أن تكون بمثابة ختم مطاطي لسياسات الحكومة. ولدى العديد من المرشحين في هذا العام صلات بالسلطة. وهناك العديد من أحزاب المعارضة التي تقاطع الانتخابات، والتي قيل للصحافة أن تتجاهلها. ويحتمل كثيراً أن تفوز العديد من الأحزاب المشاركة -أو أن تمنح لها- بعض المقاعد، حيث تأمل الحكومة في الحصول على دعم سياسي واسع لتدابيرها الخاصة بالتقشف.
نما اقتصاد الجزائر بنسبة 4 % في العام الماضي، لكنه تلقى ضربة قوية بسبب انخفاض أسعار البترول والغاز. وقد هبطت عوائد صادرات النفط، التي تغطي نحو 60 % من ميزانية الحكومة، بمقدار النصف تقريباً منذ العام 2014. وفي الاستجابة لذلك، خفضت الحكومة الإنفاق بنسبة 14 % هذا العام، بعد خفضه بنسبة 9 % في العام الماضي. وقامت برفع سعر الوقود والكهرباء المدعومين، وزادت الضرائب وجمدت التوظيف في القطاع العام. ومع ذلك، عانت الحكومة من عجز في الميزانية بنسبة 12 % من الدخل القومي الإجمالي، في حين انخفضت احتياطياتها الأجنبية إلى 114 مليار دولار، هابطة من 196 مليار دولار في العام 2014.
بينما ترتفع كُلف العيش، يصبح الجزائريون غاضبين. وقد سجل التضخم 6.7 % في شباط (فبراير)، مع تسبب خفض دعم السلع والقيود على الواردات بدفع أسعار المواد الأساسية، مثل الطعام، إلى الارتفاع. ويبلغ معدل البطالة أكثر من 10 %؛ ولدى الشباب القليل من الفرص والآفاق. كما فشلت الحكومة، المعتادة على شراء الاستقرار بالأعطيات السخية، في تهيئة الجزائر لمواجهة الأوقات الصعبة.
يعتمد الاقتصاد في الجزائر بقوة على النفط والغاز، وما يزال مركزياً للغاية. وتبدو شركات الطاقة الأجنبية حريصة على الاستثمار، لكنها تشكو من وجود الكثير جداً من الروتين والبيروقراطية. ويشكل الفساد مشكلة كبيرة. وفي الحقيقة، يسعى بعض المرشحين الساعين إلى عضوية البرلمان إلى الحصول على الحصانة من الملاحقة القضائية، وهي إحدى مزايا المنصب.
مع ذلك، يبدو الجزائريون مترددين في تحدي الحكومة بطريقة يعتد بها. وربما يأتي تهديد أكثر جدية للاستقرار عندما يتوفى الرئيس بوتفليقة. وفي السنوات الأخيرة، قام هو وحلفاؤه بتطهير "السلطة" من الشخصيات المستقلة وقاموا بتوطيد المزيد من السلطات للرئاسة. ويبدو أن هناك القليل من التوافق على من هو الذي سيخلفه، وهو ما قد يكون سبباً إضافياً لإبقائه اسمياً في الرئاسة. وكانت السياسة الجزائرية غائمة منذ وقت طويل. ولكن ذلك قد يساعد، بالنسبة لبلد يقدر الاستقرار، على بناء مؤسسات أقوى وأكثر شفافية. وسوف يشكل انتخاب برلمان قادر نقطة بداية معقولة.

*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
 Stability or stagnation in Algeria?