حول اقتراح أمين عام الامم المتحدة

الامين العام للامم المتحدة وجّه امس نداء الى الدول المجاورة للعراق لتفتح حدودها امام العراقيين الهاربين من احداث العنف وانعدام الامن. وهذا هو الحل الذي يراه امين عام الامم المتحدة لمشكلة العراق او لمشكلة الشعب العراقي الذي هاجر منه حتى الآن ملايين الى الدول العربية ودول العالم، وما يزال سيل الهجرة يتزايد نتيجة الاحتلال الاميركي الذي استباح العراق وجاء بسلطة سياسية عاجزة إلا عن العمل الطائفي والفساد الذي وصل الى حد هدر اكثر من (8) مليارات دولار خلال سنوات الاحتلال الاخيرة.

اضافة اعلان

ومن الواضح ان الواقع العراقي الحالي يجعل كل قادر على الهجرة والفرار من وطنه لا يتردد حفاظا على حياته، وبحثا عن الامن، وحتى من السياسيين فإن الكثيرين يقضون معظم اوقاتهم خارج العراق. انها ضريبة ضياع الدولة والسيادة الضعيفة، لكن على الأمين العام للأمم المتحدة الا يبحث عن الحل الخاطئ لمشكلة العنف بتحويل الفرار والهروب الى عمل دولي!

نحن في الاردن، مثلا، من الدول المجاورة للعراق، فتحنا ابوابنا للأشقاء وهم يستحقون كل عون من كل عربي، لكننا كعرب وعراقيين نتحمل ضريبة الاحتلال واطماع تجار السلاح والنفط في واشنطن والصهاينة في اسرائيل، ولهذا فالامر ليس علاقة عربية- عربية بل قضية دولية لا يجوز ان ترفع اميركا والامم المتحدة والمجتمع الدولي ايديهم ليكون الحل حرمان العراقي من ارضه عبر تسهيل ابواب التهجير، وتحميل الدول المحيطة بالعراق فاتورة كبيرة من البنية التحتية والماء والخدمات والأمن.

استقبلنا في الأردن ما يقارب (700) الف عراقي شقيق، وفي سورية يتحدثون عن رقم مماثل، وربما اكثر، والسلسلة ممتدة الى كثير من الدول، لكن فتح ابواب التهجير ليس هو الحل، واقتراح الامين العام للامم المتحدة لا يعبر عن مسؤولية يفترض بالمنظمة الدولية ان تقوم بها تجاه العراق كبلد تعرض وما يزال للعدوان والاحتلال، وتجاه الشعب العراقي الذي وقع ضحية الميليشيات الطائفية وحروب المخابرات وتجار الحروب.

نعلم أن الامم المتحدة اضعف أن تواجه الإدارة الأميركية، لكننا لا نطالبها بتدخل عسكري، وانما بحلول سياسية واقتصادية حقيقية لا رمي العبء على كاهل الدول المحيطة بالعراق، وهي في معظمها لا تستطيع تحمل العبء الاقتصادي لهذه الهجرات، ولا الاعباء الامنية والخدماتية. واذا كان كل ما في جعبة الأمين العام للأمم المتحدة أن يناشد جيران العراق لفتح الحدود فهذا من ادوات الخدمة لمن يمارسون العنف ويهدفون الى تهجير فئات واسعة من العراقيين.

مرة أخرى المشكلة ليست بين العراقيين كشعب واشقاء هم في الاردن وسورية ودول الخليج، لكنها مع عجز دولي عن ايجاد حلول سياسية او امنية او حتى انسانية للعراقيين شعبا ودولة. ومن الواضح ان الدول العربية المعنية خلطت بين السياسي والانساني لتتحول الى الطرف الاهم في دفع ثمن عدوان اميركا وفشل سلطة الحكم في بغداد.

اذا بقي اداء الدول العربية في التعامل مع هذا الملف بهذا الشكل من الضعف وعدم الوضوح فستتحول عمليات الهجرة والتهجير الى مشكلة داخلية لكل دولة، تماما مثلما تدفع هذه الدول الآن جزءا كبيرا من مشكلة اللاجئين والنازحين نتيجة الاحتلال الصهيوني.

[email protected]