طعّة وقايمة؟!

شكرا للملقي، فقد عاد بنا إلى ذلك الزمن الذي لم نكن نعرف فيه (التعريفة) و(الشلن) و(الدينار) وصندوق النقد والموازنة والنفقات والإيرادات.
أنا أحدثكم عن زمن ربما كان والد الرئيس الحالي لم يكن مولودا بعد، في ذلك الزمن من كان  يملك مزرعة زيتون ويريد سمنا أو جميدا يذهب إلى السوق ويعطيهم بدلا منها زيتا أو زيتونا للرصيع، ومن كان يملك شلية (غنم) ويحتاج سكرا أو شايا أو قهوة يعطيهم بدلا منها لبنا أو زبدة أو صوفا، ومن كانت تريد من (الدواج) كُحلا أو عطرا أو حنة كانت تعطيه بيضا بلديا أو زبيبا أو خبيصة، ومن كان  يرعى الأغنام كان أجره أن يتكفل صاحب الأغنام بتزويجه من بنت حلال ويتكفل ببناء الخربوش له! اضافة اعلان
هذا هو النظام المالي الذي كان متّبعا سابقا، وحتى أن بنات الشيوخ كان مهرهن ثلاث (عنزات)، والعشائر كانت تدفع  دية القتيل جزءا من أراضيها، وحتى الشاعر الذي كان يحضر ليتعلل مع الربع كان الشيخ يعطيه سيفا أو عباءة، اما نقوط العريس فكان العرب يجودون عليه بالأغنام أو القهوة السادة أو السكر أو الأرز!
هذا ما كان يحدث قبل الدولة، وقبل أن نعرف دافوس، وخبراء الاقتصاد، والسياسات المالية، والاحتياطات الأجنبية!
اليوم، أكثر الدول تخلفا، أصبحت لها سياسات مالية واضحة، وتظهر إيراداتها ونفقاتها في موازنة الدولة عجزا أو فائضا!
في تبرير رفع رسوم نقل ملكية المركبات، صُدمت لا بل فجعت أن رفع الأسعار جاء بديلا عن رفع أسعار 91 سلعة، أي أن الدولة أصبحت (تقايض) كما كان الحال قبل تأسيس الدولة!
 رفع رسوم نقل الملكية أصبح بديلا من رفع رسوم 91 سلعة دون وجود أي دراسات مالية أو توصيات تبين بالفلس كيف أصبح إيراد رسوم نقل ملكية السيارات متوازنا مع إيراد رسوم 91 سلعة، مع العلم أن  الحكومة السابقة لم تترك ولا سلعة إلا رفعت أسعارها، فمن أين لنا أصلا بـ 91 سلعة لم ترفع أسعارها وحتى بزر المطلقات ارتفعت أسعاره! 
طالما الدولة عادت بنا إلى ذلك الزمن الجميل وأصبحت (تقايض)، إذن بإمكان صاحب محل  حلويات أن لا يدفع الضريبة نقدا، وأن يرسل لكم بدل الضريبة المقدرة سدر كنافة ناعمة للشباب، وبإمكان صاحب مطعم بدل أن يدفع رسوم ترخيص وعوائد تنظيم أن يرسل للشاب سدر (دجاج على الفحم) بدل رسوم ترخيص، وسدر منسف بدل عوائد تنظيم، وبإمكان أي مواطن بدل أن يدفع مخالفة سير أن يرسل لكم (بكسة عنب)، وحتى رسوم الجامعات بإمكان المواطن بدل أن يدفع الرسوم نقدا، أن يرسل عباءة للدكتورأو مهباشا لمكتب رئيس الجامعة، ومن يراجع دائرة الأراضي بدل أن يدفع تنازلا عن بيع الأرض،  بإمكانه أن يترك لكم الزيتون أو العنب لتلقيطه لموسم واحد!
هؤلاء هم خبراء الاقتصاد الذين كنتم تُوعدون، اليوم بدل رفع أسعار 91 سلعة رفعوا أسعار رسوم نقل الملكية، وغدا ربما رفع أسعار الكاز والسولار قد يكون بديلا من رفع رسوم الجامعات!
الدولة التي يكون فيها إيراد السولار بديلا من إيراد التعليم، اعلم أن اقتصادها (طعة وقايمة)!