عنبتاوي: "النقاد الأردنيين" تعزز حضور المبدع والجائحة تؤسس لـ"أدب كورونا"

عزيزة علي

عمان- تؤكد نائب رئيس جمعية النقاد الأردنيين الناقدة د. دلال عنبتاوي، دور الجمعية بتفعيل وتحسين المشهد لخدمة النقاد وأعمالهم الإبداعية، لافتة إلى أن الجمعية تسعى لأن يكون دورها ريادياً وجوهرياً وفاعلاً بتكريس صورة المبدع الأردني وحضوره الثقافي بعيداً عن مشهد الاحتفائية بالجوائز وأصحابها فقط.اضافة اعلان
وتشير عنبتاوي إلى الصعوبة التي تواجه النقد في الأردن وتتمثل في "الانحياز بشكل غير واعٍ إلى النص غير الناضج والتغاضي عن النص المتميز"، مبينة أن هذا الخلط بين النص الجيد والنص غير الناضج، يعود إلى عوامل عدة منها "الشللية في المشهد الثقافي والتساهل الشديد"، كما أن دور النشر تلعب دوراً في نشر نصوص غير ناضجة ولا ترتقي إلى المستوى المطلوب.
وترى عنبتاوي أن الخروج من هذه الأزمة يتطلب مجموعة من العوامل؛ أولها أن تقوم دور النشر بعرض ما ستنشره على هيئة نقدية تُحكم النص وتقر إن كان يصلح للنشر أم لا، كذلك أن تضع المنتديات الثقافية شروطاً أساسية في التعامل مع مدعي الإبداع من خلال الرجوع إلى جمعية النقاد ورابطة الكتّاب والأشخاص الذين يهتمون بالنقد من الأكاديميين قبل أن تصرف الألقاب والتسميات غير المناسبة، حتى لا يتم تجاهل المبدعين الحقيقيين وأصحاب التجارب الإبداعية الحقيقية.
وتعتبر عنتباوي أن المشهد النقدي الأردني بخير، فهناك عدد كبير من النقاد الأكاديميين الذين يتعاملون مع النصوص الأدبية والمنتج الإبداعي بحرفية عالية، ما ينم عن وعي واستيعاب وتذوق تام للنص، و"لا ننكر وجود بعض المتطفلين على المشهد وليس لديهم أي دراية أو دراسة أو إلمام بآليات النقد والتعامل مع النص الأدبي"، حيث يعتمدون في نقدهم على الانطباعية من خلال "أحب أو أكره" أو قربهم أو بعدهم من صاحب النص أو ما يخدم مصالحهم الذاتية.
وعن النص الذي يستفزها كناقدة، تقول عنبتاوي إنها تقرأ كثيراً وتقع بين أيديها نصوص كثيرة، منها ما لا يثير لديها الرغبة في الاستمرار في القراءة، حيث إنها تجدها خالية من الروح والجمال فهي عبارة عن جمل وصور، أما النص الذي يستفزها من أجل أن تكتب عنه فهو كما تقول، النص المفتوح على التأويل أولاً والمعبر عن معاناة الإنسان ومواجهاته الدائبة مع الحياة، الذي يسعى جاهداً من خلال ألفاظه وجمله وصوره وتراكيبه للوصول إلى تلك النقطة البعيدة الغائرة التي يعجز الإنسان العادي عن الوصول إليها أو التعبير عنها وتظل حبيسة صدره يبحث عمن يستطيع اكتشافها أو البوح المطلق عنها بكل شفافية.
وتبين أن الجمال والوضوح هما ما يستهويانها من أجل قراءة النص المكتمل المعبر عن الحياة ووقعها، وفي هذه اللحظة "لا أتوانى في الكتابة عنه وأذهب للبحث عما وراء الكلمات والصور لأكشف غموضه وأستمتع في البحث المتعمق عما وراءه من دلالات وتأويلات".
وعن مقومات هذا النص، توضح عبنتاوي "هناك مقومات دقيقة وخاصة للنص الناجح، ولعل أهمها أن يكون نصاً ناضجاً لأن النص الأدبي هو خامة لغوية ولابد أن يتوفر فيها الكثير من المواصفات حتى تستطيع الوصول إلى المتلقي، فيجب أن يمتلك قدرة عالية على صياغة اللغة الثرية التي تواجه المتلقي وتدفعه للمتابعة والبحث عن الدلالات والتأويلات المختلفة التي يحملها النص، ويجب أن يمتلك النص القدرة على الإدهاش ومفاجأة وعي المتلقي وتقديم اللغة الجديدة المحملة بالأخيلة والصور الجميلة الجديدة والمدهشة والمبتكرة".
أما المشهد الذي يستفز عنبتاوي ككاتبة نص مفتوح فهو كما تقول "كل ما أراه من حولي من تناقضات صارخة في الحياة وما أعيشه على صعيدي الشخصي من مواجهة يومية تدفعني للتعبير عن تلك المواجهة بأشكال متعددة من الكتابة، فأكتب النص المثقل المجنح أحياناً بالخيال للهروب من نقل اللحظة كما هي على أرض الواقع، وأكتب القصة القصيرة جداً كقناع يخفي خلفه الكثير من تلك المتناقضات والصور والمشاهد التي تواجهني أو أراها أو أتعايش معها يومياً".
ورغم أن عنبتاوي تكتب الشعر وناقدة إلا أنها ترفض أن يقال إنها شاعرة بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة "أنا كاتبة نص مفتوح على كل الأجناس ولا أصنف نفسي بأنني شاعرة، أما النقد فهو تخصصي الأكاديمي الذي أنتمي له وأحبه وأسعى جاهدة لأكرس نفسي في المشهد الثقافي بأنني ناقدة ربما لأنني أمتلك أدوات النقد وأحرص بشكل دائم على التعامل مع النص الأدبي بعين الناقد والنقد لا بعين القرب من النص أو البعد عنه، وأبتعد كثيراً عن النقد الانطباعي، لذلك أرى نفسي ناقدة أولاً وكاتبة نص ثانياً باحثة لا تكف عن البحث".
وعنبتاوي تعمل منذ أعوام على مشروع ثقافي خاص بها وبدأت نواته منذ مدة قريبة وهو "صالون المنتصف للثقافة والأدب"، وهو مشروع شخصي تحلم أن تطوره إلى فكرة متقدمة تخدم الثقافة والنقد والأدب فهذا الصالون حالياً يُعنى بكل ما تحلم به من مشهد ثقافي متوازن بعيد عن الشللية والمنافعات والفوضى في طرح كل ما ليس له علاقة بالأدب والثقافة.
وحول جائحة كورونا، تبين أن الأدب فعل إنساني، فتبرز هنا قدرة الأدب والأدباء في التعبير عن مواجهة هذا الوباء، فالجائحة لم تكن حدثاً عادياً عابراً سهلاً أو بسيطاً، ولذلك فقد ظهرت الكثير من الكتب التي تناولت كورونا بالكتابة عنها وتشريحها وإلقاء الضوء على تأثيراتها على إنسان هذا العصر وذلك للتأسيس مستقبلاً لأدب يسمى "أدب كورونا"، وظهرت الكثير من النصوص الإبداعية أنتجها كتاب أردنيون نشرت في الصحف المحلية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وسيصدر لعنبتاوي قريباً نصوص نثرية بعنوان "فرح مؤجل"، وقصص قصيرة جداً بعنوان "ملامح لوجوه عدة"، أما على صعيد النقد فسيصدر قريباً كتاب لها في النقد بدعم من وزارة الثقافة بعنوان "بين أروقة النقد".
ويذكر أن د. دلال عنبتاوي، حاصلة على درجة الدكتوراه في النقد والأدب- نقد حديث - من جامعة اليرموك، وقد عملت في مجال التربية والتعليم في الأردن والإمارات، وصدر لها مجموعة من المؤلفات منها "لأنني انتظرت"، "عتبات الغياب"، وآخرها "فرح مؤجل"، وهي نصوص نثرية، وفي مجال النقد صدر لها "بدر شاكر السياب- قراءة أخرى"، "المكان بين الرؤيا والتشكيل في شعر إبراهيم نصرالله"، "بين أروقة النقد- كتب نقدية"، وهي عضو هيئة إدارية في جمعية النقاد الأردنيين، وعضو في رابطة الكتّاب الأردنيين.