غياب "التراويح" عن المساجد "يحزن القلوب" وأجواء روحانية تغلف البيوت

غياب "التراويح" عن المساجد "يحزن القلوب" وأجواء روحانية تغلف البيوت
غياب "التراويح" عن المساجد "يحزن القلوب" وأجواء روحانية تغلف البيوت
ديمة محبوبة عمان – للعام الثاني على التوالي؛ تغيب صلاة التراويح عن المساجد في رمضان، مع استمرار تفشي فيروس كورونا مجتمعيا، ويأتي ذلك تماشيا مع الاجراءات الاحترازية للحماية والحد من الاختلاط بين الأفراد. غير أن ذلك الغياب ترك أثره في نفوس العائلات التي اعتادت الذهاب إلى المسجد واقامة الصلاة بين أروقته والتمتع بطقوس روحانية لا تتكرر الا في الشهر الكريم. غياب هذا الطقس الروحاني ألقى بظلاله على الأسر؛ غير أن ذلك لم يمنع من أن تكون الأجواء العائلية في شهر رمضان حاضرة داخل البيوت وعبر اقامة صلاة التراويح جماعة بين أفرادها، بأجواء مليئة بالمودة والحب والدعاء الى الله أن يحمي الجميع من شر هذا الوباء، وتعود الحياة لما كانت عليه. الأثر العميق كان واضحا في نفوس كبار السن، ممن ينتظرون شهر رمضان المبارك لأداء صلاة التراويح في المساجد. والحاج علي مفلح اعتاد عبر سنوات حياته أن يرتاد مسجدا قريبا من بيته، إذ كان يذهب مع أولاده وأحفاده وأصدقائه لأداء الصلوات، في أجواء روحانية تبعث على البهجة داخل النفوس. ويقول "للعام الثاني يأتي هذا الفيروس اللعين ليمنعنا من أداء صلاة التراويح في المسجد، وأنا أشعر بالحنين لأن أقف خلف الإمام أؤدي الصلوات والعبادات"، مستذكرا في سنوات سابقة حينما كان ينتهي من الصلاة "يطلب ممن كانوا معه للقدوم الى بيته وشرب القهوة وتناول الحلويات والحديث عمن يحتاج لمساعدة مالية أو معونات طعام لتقديمها له، وأحيانا زيارة جار مريض لم يأت معهم للصلاة.. وتبادل القصص عن شهر رمضان الكريم في السابق وما حمل معه من تغير الحال". ومع ذلك كله، يبين الحاج علي أن "الظروف الحالية أجبرتنا على أن نتخلى عن طقوس روحانية اعتدنا عليها"، لكن يبقى الأساس في حماية النفس من ذلك الفيروس، واقامة الصلاة في المنزل، لعلّ العام القادم تعود فيه الحياة لما كانت عليه واستعادة بهجة غابت لعامين. أستاذ الشريعة د. منذر زيتون يؤكد بأن قلب المسلم متعلق بصلاة التراويح في المسجد، والذي يعد فرصة للالتقاء بالجميع سويا؛ لكن منذ عامين تغيرت المعطيات بسبب انتشار فيروس كورونا وأصبحت الصلاة داخل البيوت، لافتا إلى أن صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي علي الصلاة والسلام، لكن لا يشترط بها الجماعة، لكن الجماعة أكثر أجرا بسبعة وعشرين درجة، فالأفضل أن يقيم كل بيت بين أفراده صلاة الجماعة. وفي ذلك، أجر الجماعة وإحياء الإيمان في البيوت، ويمكن أن يقوم سكان العمارة الواحدة بأداء الصلاة جماعة على سطح العمارة على سبيل المثال؛ شريطة الالتزام بالكمامة والتباعد اللازم بين الأفراد، منها يكسبون أجر الصلاة جماعة ويحافظون على الحياة الاجتماعية والألفة بينهم في الشهر الكريم. ويذكر أن وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وحفاظا على الأرواح وفق مقاصد الشريعة، طمأنت المواطنين بأن ثواب الصلاة في المنزل كصلاتها في المسجد، في حين قال وزير الأوقاف محمد الخلايلة في تصريحات سابقة له "إن صلاة التراويح جائزة في البيت"، مبينا أن ذلك جاء بسبب السلامة العامة والحفاظ على حياة المصلين أمام هذا الوباء الخطر". ويؤكد زيتون أن ذلك القرار رغم صعوبته وألمه النفسي على المصلين، إلا أنه قرار جاء لتلافي الإصابات والحماية من المرض، لافتا إلى أن صلاة التراويح أو قيام الليل هي واحدة من السنن التي يتم تأديتها بكثرة في شهر رمضان المبارك، وكان أول من أقامها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورغب بها حين قال "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". وهذه الصلاة صلاة تؤدى منذ أن يفرغ المسلم من أداء صلاة العشاء. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة يؤكد أن غياب صلاة التراويح ومنذ العام الماضي أثر نفسيا على الناس، تحديدا كبار السن المرتبطين عاطفيا بفكرة الصلاة في المسجد مع الجماعة وكسب الأجر مضاعف، غير أن ما يحدث جاء من باب الحفاظ بالصورة المباشرة على صحة الشخص ذاته ومن حوله، وتلافي زيادة الأعداد على أمل انتهاء الجائحة بأسرع وقت ممكن، وعودة الحياة لما كانت عليه. اختصاصي علم الاجتماع د.حسين خزاعي يبين أن العائلات اعتادت على صلاة التراويح في المسجد، لأن ذلك الطقس الروحاني هو الأكثر بهجة في شهر رمضان، وله مكانة كبيرة في قلوب الكبار والصغار، وله أبعاد اجتماعية تترسخ في العقول والقلوب. وبالرغم من الشعور المحزن الذي يتسلل إلى نفوس الأفراد بغيابها؛ إلا أن الأصل هو ادراك أن ذلك جاء بهدف الحماية من التجمعات والسيطرة على الضرر الوبائي، ولأن صلاة التراويح عدد المصلين فيها أكبر من الصلوات الثانية، فجاء ذلك القرار بهدف الحفاظ على الصحة من التجمعات، والحد من انتشار الفيروس. ووفق الخزاعي؛ فإن العديد من العائلات حاليا تقيم صلاة التراويح في المنزل ضمن العائلة الواحدة وبأجواء مبهجة، وكذلك متابعة هذه الصلوات عبر القنوات الفضائية، لافتا إلى أن الكثيرين يقومون بتجهيز أحد أركان المنزل وتزيينها، لتكون مكانا لأداء الصلاة مع أفراد البيت الواحد أو مع الجيران مع الأخذ بعين الاعتبار ضوابط الصحة والتباعد لمنع انتشار الإصابة بالوباء وعدم التسبب بالضرر للنفس وللآخرين.اضافة اعلان