الأردن دائما،،

لا توجد حربٌ تستمر إلى الأبد، ولا توجد حربٌ في التاريخ انتصر فيها جيش نظامي على مقاومة شعبية ومسحها عن الوجود، بل ان تاريخ إسرائيل نفسها يؤكد، وهذا ما يعلمه نتنياهو أن الشعوب لا تمحى عن الأرض، فقد حاول البابليون والبيزنطيون والرومان سحق اليهود، وفشلوا وكانوا آنذاك إمبراطوريات عظمى. العدوان على الشعوب يبعث فيهم قدرات خارقة للمقاومة، ففي استطلاع للرأي قام به (المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله) وأجراه في غزة والضفة والقدس مؤخرا، اظهر أن حوالي 70 %، من المستطلع رأيهم يعتقدون أن المقاومة المسلحة هي “الطريق الأمثل” لإنهاء (الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان)، لهذا فإن الحرب، وعلى عكس أفكار جنرالاتها المتغطرسة لن تجلب على اليهود في المنطقة سوى الكراهية ورغبة الانتقام، وإن الأسوأ من قادة إسرائيل الحاليين هم أصدقاؤها الذين يعتقدون أن نصرة إسرائيل تكون بحصار وقتل الفلسطيني؛ والغافلون عن أن الظلم والحرب هما شهادة ميلاد لجيل كامل ينشأ على الرغبة العارمة بالانتقام، وهذا ما سيشكل التهديد الحقيقي والوجودي لإسرائيل في المنطقة التي اعترف بوجودها فيها معظم العرب والفلسطينيين.

اضافة اعلان


زئيف جابوتنسكي، أحد أهم قادة الحركة الصهيونية، كتب في عام 1935 في ورقة موقف مشهورة بعنوان (السور الحديدي) أترجم من سطرها الأخير ″الطريق الوحيد لإبرام اتفاقية مع الفلسطينيين في المستقبل هو ألا تبرم معهم اي اتفاقية الآن”، الفكر الصهيوني المتعصب لا يقبل إلا بفلسطيني مهجر او ميت، وهذا الفكر المتطرف هو الذي أنتج  كاهانا وغوش أنونيم وبن غفير وسموتريتش، وكبيرهم الذي علمهم التطرف نتنياهو، والذي صرح علنًا قبل أيام “لا يمكن ان نكرر خطأ أوسلو”، تصوروا  نادم على أوسلوا !، ولهذا حق لنا اليوم في الأردن وفلسطين أن نقول لا يوجد لنا شريك استراتيجي للسلام، وخاصة السلام القائم على تحقيق حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة قابلة للحياة! ليس لنا في هذه الحكومة شريك للسلام، ولا في الحكومات التالية بعد أن وقع المجتمع الإسرائيلي منذ ثلاثة عقود بين متطرف ومتطرف أكثر منه.


الهدف الاستراتيجي للأردن اليوم، هو وقف التهجير بكافة أشكاله سواء أكان خشنًا أم ناعمًا، قصير الأمد أم طويل الأمد، وهذا الهدف هو ما يتطلب وضع خطة وطنية تقر في مؤتمر عاجل يجمع جميع القوى والخبراء، على ألا تكون هذه خطة سياسية وحسب، بل سياسية اقتصادية عسكرية شعبية تعليمية وطنية؛ فنعم، الأردن مهدد، ولكنه ليس ضعيفا! فإذا صمدت غزة وهي محاصرة منذ ستة عشر عاماً؛ فإن الأردن قادر وبلحمة جبهته الداخلية على الصمود والاستمرار، والأهم أن يحوّل حالة التحدي التي يعيشها إلى فرصة للتحول السياسي والاقتصادي والتعليمي في ظلال الحفاظ على الدستور والوطن والجغرافيا والديمغرافيا، نعم ما هو مطلوب هو خطة فورية لإيجاد بدائل وطنية للطاقة، على رأسها وأهمها الماء والغاز، والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي زراعيا وتجاريا، ودعم رأس المال المحلي في الاستثمار والانتقال إلى التعليم المهني، وتكريس الديمقراطية ومحاربة الفساد الإداري والمالي ضمن خطة زمنية قابلة للتنفيذ.


الشعوب تنهض في الأزمات أقوى وأسرع من أوقات الرخاء، والأهم الأهم تكريس خط فكري سياسي يضع مصلحة الأردن ليس أولا وليس لاحقا، بل الأردن دائما، الأردن دائما، دعنا نبدأ جنابك.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا