حتى لا تخرج الأحزاب من السباق مبكرا

د. هايل ودعان الدعجة
د. هايل ودعان الدعجة
في ظل عدم جاهزية الأحزاب الأردنية لخوض الانتخابات على أسس برامجية، فمن المتوقع اعتمادها على الأشخاص، بحيث تحرص عند اختيارها للمرشحين مراعاة مدى تمتعهم بحضور شعبي أو قدرة مالية تمكنهم من الإنفاق على الحملات الانتخابية وإدارتها والتأثير في ميول الناخبين (أمور خاصة وشخصية) ليحملوا الأحزاب ويعززوا من فرصها في المنافسة لا لتحملهم. مما يفسر إعطاء مهلة لتشكيل الحكومات الحزبية حوالي عشر سنوات أو ما يعادل ثلاثة مجالس نيابية قادمة. اضافة اعلان
ومع كثرة الأحزاب التي ستخوض الانتخابات (38 حزبا)، فمن الطبيعي ألا يتجاوز معظمها نسبة الحسم (العتبة)، وستخرج من المنافسة، وربما تخرج من الحياة الحزبية ككل، لأنها لم تحسن ترويج نفسها والتعامل مع المرحلة الحزبية الجديدة التي تتطلب مهارة تسويقية لتجاوز نسبة الحسم حتى لا يكون مصيرها الفشل وتخرج من السباق مبكرا لأنها لم تأخذ باعتبارها أن هذا العدد الكبير من الأحزاب كفيل بتشتيت الأصوات، وأن عليها مراجعة حساباتها وترتيباتها إن هي أرادت الوصول إلى قبة البرلمان. 
وأمام المشهد الحزبي الحالي ومن خلال متابعتنا للخريطة الحزبية، ونشاطات بعض الأحزاب وطريقة تشكيلها ونوعية شخوصها، فيمكننا أن نطرح احتمالات أو توقعات لما يمكن أن تكون عليه نتائج انتخابات القائمة العامة (الحزبية) مثلا، إذ من المتوقع أن تحصل أربعة أحزاب هي (الميثاق الوطني، إرادة، الوطني الإسلامي، العمل الإسلامي) على نصف المقاعد.. وقد تحصل على 22 مقعدا، بينما تحصل من أربعة إلى ستة أحزاب أخرى على ما بين 8 - 10 مقاعد، بحيث تحصد هذه الأحزاب مجتمعة حوالي 30 مقعدا، في حين أن بقية الأحزاب ستتنافس على 10 مقاعد فقط، دون أن يحصل أي منها على أكثر من مقعد واحد، ليصبح عدد الأحزاب الممثلة في مجلس النواب القادم ما بين 18 - 20 حزبا من أصل 38 حزبا.
الأمر الذي لا يتناسب والغاية المرجوة من هذه الأحزاب في تطوير الأداء البرلماني، مما يقتضي التفكير بتقليص عددها، إذا ما أرادت إثبات حضورها والفوز بعدد من مقاعد المجلس، كأن تفكر  بالاندماج مع بعضها وتشكل ائتلافات وتحالفات حزبية كفيلة بتعزيز فرصها للحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد، بصورة قد تمكنها من تشكيل كتلة أو أغلبية مؤثرة تحت القبة، يجعلها قادرة على تطبيق برامجها الانتخابية التي انتخبت عليها. عندها يمكننا التحدث عن حياة حزبية ناضجة قادرة على تأطير مسيرتنا الديمقراطية بأطر مؤسسية برامجية، كفيلة بتفعيل دور المؤسسة البرلمانية من خلال تمثيل حزبي حقيقي وفاعل في مجلس النواب. 
ومع ذلك وحتى نبقى في إطار المنطق في الحكم على الأحزاب بحلتها الجديدة ومدى فاعليتها وحضورها في المشهد الانتخابي القادم. فإن علينا أن نأخذ بالاعتبار أنها لم تخضع لتجربة عملية تمكننا من تقييمها بصورة موضوعية وواقعية، مما يحتم إعطاءها فرصة لخوض مثل هذه التجربة قبل الحكم عليها، وذلك من خلال انتظار ما ستسفر عنه نتائج أول محطة حزبية عملية، ممثلة بالانتخابات النيابية القادمة بعد أن تم تخصيص 41 مقعدا للقائمة العامة، والتي ستكون بمثابة التحدي أمام الجهات المعنية، لإثبات جدية السير بمنظومة التحديث السياسي وفقا لخريطة الطريق التي رسمت لها، دون الالتفات الى نسبة المشاركة حتى وإن جاءت متواضعة، طالما أننا نريد أن نبني عليها ونجعل منها معيارا عمليا لقياس مدى جديتنا في الذهاب بعيدا في مشروعنا الإصلاحي ومن البوابة الحزبية تحديدا. وما إذا كنا سننجح فعلا في إحداث التغيير المطلوب في قناعات الشارع الأردني ونظرته إلى العمل الحزبي والبرلماني، بطريقة ستجعله متحمسا ومدفوعا نحو المشاركة في تلك الانتخابات وغيرها، طالما تكونت لديه القناعة بأن التغيير المنشود سيكون من خلال صناديق الاقتراع، وبما يضمن الارتقاء بالأداء البرلماني إلى مستوى العمل الحزبي البرامجي المؤسسي، الذي يعول عليه في تكريس النهج الديمقراطي الإصلاحي في المشهد الوطني.