الانتخابات.. تحريك الاقتصاد أيضا

يمضي الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بثبات وثقة في مسيرته التنموية والسياسية، رغم كل التحديات الداخلية والخارجية، وآخرها أزمة وباء "كورونا" التي فرضت إيقاعها الخاص على جميع الدول ومن ضمنها الأردن، الذي استطاع أن يجترح من الحلول الكثير رغم صعوبة الظرف الموضوعي، مشكلا نموذجا يحتذى به على مستوى العالم.اضافة اعلان
سطر الأردن، وبتوجيهات ومتابعة حثيثة من لدن جلالة الملك خلال جائحة "كورونا"، أنموذجا بالتعاطي المسؤول والمبدع مع تداعيات هذا الوباء؛ حيث انصبت الجهود الوطنية منذ بداية الأزمة على حماية أرواح وصحة المواطنين من هذا الوباء، لم يغفل التركيز والتفكير الاستراتيجي لمرحلة ما بعد "كورونا"، وضرورة تعظيم بعض الفرص التي تولدت عن تحديات الأزمة باتجاه تعزيز نشاط بعض القطاعات وتعظيم العائد منها على الاقتصاد الوطني، كما في الصناعة الدوائية والزراعة وغيرها.
اليوم؛ ورغم أن المملكة ما تزال في أتون المعركة مع تداعيات وباء "كورونا"، خاصة الاقتصادية، نقف على أعتاب استحقاق دستوري قريب هو إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب التاسع عشر، ورغم تحفظ البعض أو تحذيره من إجرائها قبل نهاية العام في ظل عدم انحسار الوباء، فإن الثابت أن تأجيل الانتخابات يبدو مستبعدا لأسباب عدة؛ أولها الحرص الملكي الدائم على الالتزام بالاستحقاقات الدستورية تحت كل الظروف، فتاريخ المملكة حافل بالتحديات الداخلية والخارجية التي لم تعق تواصل المسيرة الديمقراطية وتم تجاوزها بثبات، وسبق وأن استطاعت إجراء الانتخابات البرلمانية أثناء ما سمي بـ"الربيع العربي" رغم بعض الأصوات المحذرة حينها من خطورة إجرائها بتلك المرحلة الصعبة.
كما لا شك أن ثقة الأردنيين ازدادت بمؤسساتهم، التي أثبتت قدرة على التعاطي مع أزمة غير متوقعة، ولقد اعتادت المملكة على مواجهة التحديات وتحويلها لفرص في وقت انهارت فيه بعض البلدان وفقدت السيطرة لتكتشف أنها غير قادرة على تأمين مواطنيها بالمواد الأساسية.
إجراء الانتخابات البرلمانية بموعدها الدستوري يبعث برسائل داخلية وخارجية مهمة، فهي تثبت للعالم أجمع أن هذا الوطن الذي يعد من أفضل 5 دول على مستوى العالم في التعاطي مع أزمة "كورونا" هو بلد المؤسسات والقانون، كما أنه يعزز ثقة الأردنيين بنظامهم السياسي وبمؤسساتهم الدستورية.
وثمة وجهة نظر رسمية مؤيدة لعدم ترحيل استحقاق الانتخابات ترى أن إجراءها يسهم بجهود المملكة للتعافي الاقتصادي بعد جائحة "كورونا"، فإجراؤها له أبعاد إيجابية من الناحية الاقتصادية؛ إذ يحفز جانب الطلب في بعض القطاعات وينعش فرص عمل موسمية تحتاجها الانتخابات، لها علاقة بإدارة المرشحين لحملاتهم الانتخابية بكل المحافظات.
ويوجد العديد من القطاعات التي ستستفيد من إجراء الانتخابات من الناحية الاقتصادية وأطرافها متعددة من خطاطين الى عاملين ووسائط النقل وإعلام وخدمات لوجستية محتلفة.
الراهن أن الوضع الوبائي المطمئن بكل التقييمات أردنيا يشجع على الالتزام بالاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام الحالي، وأن إجراء الانتخابات أيضا كفيل بتحريك العديد من القطاعات الاقتصادية، ونحن أحوج ما نكون لمثل هذا الإنعاش بمرحلة التعافي من تداعيات الوباء، والأهم فوق كل ذلك، هو ترسيخ التقاليد الديمقراطية والالتزام بالاستحقاقات الدستورية، إضافة إلى التأكيد لكل العالم على قوة هذا البلد وثقة قيادته بنفسها وبشعبها في تجاوز أصعب الظروف.