الحاجة لخطة استجابة اقتصادية لتداعيات العدوان على غزة

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي سيدخل شهره السادس بعد أيام، فإن التداعيات على الأردن والآثار الاقتصادية لهذه الحرب مرشحة للتوسع، ومن شأنها أن تزيد بشكل مباشر وغير مباشر من التحديات والضغوط التي يواجهها الاقتصاد الأردني.

اضافة اعلان


فقد شهد الاقتصاد الأردني، الذي يعتمد بشكل كبير على ركائز الخدمات والتجارة والسياحة والمطاعم والنقل، تباطؤا ملحوظا في النمو بسبب الآثار السلبية لاستمرار الحرب. وهو ما يستدعي، وبإلحاح، إجراء تقييم شامل للتداعيات الاقتصادية واستكشاف الاستراتيجيات الكفيلة بتخفيف حدة هذه الآثار.


وتحمل الاقتصاد الأردني العبء الأكبر، وبخاصة قطاعي السياحة والخدمات، ويمكن أن يعزى جزء كبير من حالة التراجع الاقتصادي إلى التأثير النفسي والاجتماعي على المستهلكين، الذين اختاروا، وسط حالة عدم اليقين المتزايدة، نهجا أكثر تحفظا في الإنفاق.


تراجع أداء العديد من الأنشطة الاقتصادية سيؤدي بالضرورة إلى انخفاض في الإيرادات الضريبية للحكومة، ما يشكل ضغوطا إضافية على عجز موازنة الدولة، ويضطر الحكومة إلى مزيد من التوجه نحو الاقتراض الداخلي والخارجي، ويضغط بصورة أكبر على المالية العامة، ويفاقم مشكلة الدين، الذي دخل منذ سنوات مرحلة الخطر؛ حيث يقارب نحو 115 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وخمس موازنة الدولة يذهب لسداد فوائده وحدها.


تشير التوقعات إلى تأثير ملموس على الاقتصاد الأردني، وبخاصة في الربع الأخير من العام الماضي، إذ تشعر مجموعة واسعة من القطاعات بتداعيات الحرب على غزة بشكل مباشر أو غير مباشر. ويشكل تعطيل سلاسل التوريد وتعثر مناخ الاستثمار عقبات إضافية أمام الاستقرار الاقتصادي في المملكة.


تأثيرات هذا التراجع الملموس في العديد من الأنشطة الاقتصادية بدت واضحة، من حيث استمرار معدلات البطالة عند مستويات مرتفعة، التي سجلت في الربع الثالث من العام الماضي 22.4 بالمائة، إن لم يؤد إلى ارتفاعها -بانتظار المؤشرات ذات العلاقة من دائرة الإحصاءات العامة- وهو ما يضع عقبات إضافية أمام الجهود الرسمية لتخفيضها، وسيسهم في استمرار تزايد معدلات الفقر، التي وصلت 24 بالمائة حسب مصادر حكومية في منتصف العام الماضي باختصار، فإن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وإلى جانب الخسائر البشرية والإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع، له آثار كبيرة على الاقتصاد الوطني.


في ضوء تجاربنا مع الأزمات السابقة، وفي ضوء المؤشرات السياسية التي تؤكد أن دولة الاحتلال مستمرة في عدوانها، ليس فقط على قطاع غزة، بل تتجه إلى توسيع نطاقها أكثر في الضفة الغربية ولبنان.


فالمطلوب تطوير خطة استجابة اقتصادية شاملة ومتنوعة، ترتكز على تقديم حوافز للقطاعات الاقتصادية حسب درجة تضررها، للتخفيف من الأضرار التي تتعرض لها هذه القطاعات والعاملون فيها، وتعزيز صمودها.


إن الحاجة ملحة للمباشرة، ومن دون إبطاء، في تطوير وتنفيذ خطة للاستجابة لتداعيات الحرب على المستوى الاقتصادي. والخطة المرجوة، تتطلب، إلى جانب تقديم الحوافز المذكورة أعلاه، إجراء إصلاحات في السياسة الضريبية، وتخفيض أسعار الفائدة، وتحسين مستويات الدخل (الأجور) بهدف تحفيز الطلب المحلي، إذ إن الوضع الاقتصادي العام لا يحتمل الانتظار أكثر.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا