خيارنا الوحيد ومنظومة إجراءات فورية (6-5)

بداية، لا بد من الإشارة إلى ضرورة وقف الهدر والتوسع الكبير الذي اجتاح بند المكافآت، مؤخرا، والذي لم يعد حافزا مرتبطا بالأداء. والسؤال هنا، هل من دوافع وجيهة للتوسع في بند المكافآت؟ والتفاصيل متوفرة في موازنات السنوات الأخيرة وحساباتها الختامية.

اضافة اعلان


إعادة التوازن للهيكل التنظيمي والوظيفي والموازنات، بحيث يكون 70 % منها للمهام الأساسية التي وجدت المؤسسة من أجل تحقيقها، و30 % للمهام المساندة التي تمكن المؤسسة من تنفيذ مهامها وتحقيق أهدافها. والسؤال هنا، هل من مبررات موضوعية للتوسع في هيكل الجهاز الحكومي؟ ولماذا التوسع في عدد القيادات العليا في الوزارات؟ وهل كل الوزارات تحتاج لأكثر من أمين عام واحد؟ وهل انعكس وجود أكثر من أمين عام في الوزارة الواحدة إيجابا على أداء الوزارة وفيه لمصلحة للعمل؟ وهل كل الهيئات تحتاج لمجالس؟


الابتعاد عن إنفاق الموازنات على الشكليات والبنود عديمة الجدوى التي لا تنفع الناس. 


عدم تولي مجالس المحافظات أي أدوار أو مهام تنفيذية نهائيا، وذلك تفاديا للتداخل في المهام، فهذا دور الدوائر الحكومية والبلديات.


تخفيض عدد النواب إلى 80 نائبا، وعدد الأعيان إلى 40 عينا كحد أقصى، وعدد أعضاء مجالس المحافظات إلى 60 عضوا. 


توجيه الدعم الخارجي بالكامل للخزينة العامة لدعم الموازنة العامة دون شروط أو اشتراطات غير مجدية، ووقف توجيهه لمشاريع معينة أو أن يكون مشروطا (بخلاف مؤشرات أداء وطنية وهادفة وموضوعية)، والتوقف عن توجيهه لمنظمات المجتمع المدني.


التمويل الذاتي الكامل للأحزاب والمنتديات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، ووقف تلقيها لأي دعم مالي من أي جهة كانت، بما فيها الحكومة والمؤسسات الدولية الداعمة مهما اختلفت المسميات والغايات.


ضبط المعلولية وفق أدق وأنزه المعايير، وفوق كل هذا "مخافة الله" وعدم جواز عودة الحاصلين على المعلولية إلى العمل، بما في ذلك عضوية مجالس الإدارة والأمناء والمفوضيات.


تعديل قانون ضريبة الدخل، بحيث لا تدخل التبرعات في الإعفاءات، فهي تبرع الشخص من أموال الخزينة (الضرائب) وليس من ماله الخاص، هذا بالإضافة إلى ما يرافق ذلك من حالات تحايل ومبالغة فيها واستخدامها لأغراض انتخابية تؤثر على نزاهة الانتخابات.


التحول الإلكتروني والرقمي ضرورة حتمية لا بد منها، ليس فقط في مجال الخدمات، بل أيضا في الأنظمة والإجراءات الداخلية وقواعد البيانات وتوحيدها.

 

لا بد من تبني سياسات مالية إصلاحية مستدامة تعود بفائدة حقيقية على المالية العامة والخزينة بشكل دائم، وعدم اللجوء لمعالجات آنية مرحلية سنوية متكررة ومنعزلة عن بعضها بعضا لا جامع يجمع فيما بينها ولا توجه محددا يحكمها، حيث اعتادت الحكومات أن تبدأ من رقم العجز المتوقع للسنة المالية، وتحديد قيمة الزيادة فيه عن المخطط له، وتبحث عن تغطية لقيمة هذه الزيادة بأي طريقة وثمن، ولكن بالنتيجة لا يتحقق المطلوب، بل قد يقود قرارها بهذا الخصوص إلى حدوث عجز أكبر. ومع ذلك، فالأمر يتكرر سنويا. بهذا، تُدخل الحكومة نفسها وتُدخل المواطنين معها كل سنة في دوامة البحث عن حلول مرحلية لا يمكن وصفها، إلا أنها ترقيعية. وبالتالي يبقى الخلل دون معالجة، وربما يؤدي تبني مثل هذه الحلول السهلة إلى مضاعفة التشوه والخلل. لا بد من البحث في كيف نشأ العجز ومصدره وكيفية معالجة منابعه، بمعنى معالجة الأسباب لا النتائج.

 

وهذا الأمر يسري على العجز في مختلف القطاعات أو المؤسسات. مثلا، العجز في قطاع المياه أو الكهرباء أو المشتقات النفطية والذي ينعكس على شكل دعومات في الموازنة.

 

أبسط وأسهل طريقة تسلكها الحكومات لتغطية العجز، وبالتالي التخلص من بند الدعم هو الأخذ بقيمة الدعم كأمر مسلم به والتفكير برفع الأسعار لتغطيته.

 

وكأنه لا هدر على الإطلاق في النفقات أو خلل في بنود الاتفاق والتعاقد مع الشركات العاملة في القطاع. وبالتالي تأتي التوصية برفع الأسعار بحجة أنها مدعومة. والحقيقة أن تكلفتها المباشرة غير مدعومة، أما المدعومة فهي نفقات غير مبررة للشركات أو نتيجة أخطاء في بنود التعاقد مع هذه الشركات، مثل الربح المضمون.

 

وهذا يعني التركيز على الإيرادات، وكأنه لا خلل أو هدر في النفقات أو على الأقل لا مجال لضبطها. خطورة ذلك، قد يؤدي هذا إلى التمادي في الإسراف في النفقات من قبل الشركات ما دامت تغطى بالنهاية بدعم حكومي. وبالتالي ينعدم الدافع والحافز لتحسين الأداء وضبط النفقات. وبالنتيجة ندخل في سلسلة لا تنتهي من الدعومات التي تغطيها الحكومة من خلال رفع الأسعار.


أداء الدولة هو محصلة أداء سلطاتها، وتسهم كفاءة وفعالية أداء الأجهزة الرقابية في تعزيز أداء السلطة التنفيذية، وبالتالي فقوة ديوان المحاسبة ضرورة ومصلحة حكومية قصوى. ولا يجوز أن تتبع أي مؤسسة، بما فيها ديوان المحاسبة، لأي سلطة عدا السلطة التنفيذية. وعليه، فمرجعية الديوان ورئيسه مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ولا يصح أن يتبع لمجلس النواب.


حتى يتسنى لديوان المحاسبة التدقيق على المهام المتعلقة بالشؤون الإدارية والمالية والشراء واللوازم وبقية الخدمات المساندة (أي مهام خارج نطاق الدور والاختصاص الدستوري) في السلطتين التشريعية والقضائية، لا بد أن تتولى الوزارة المعنية هذه المهام، وأن يتبع الموظفون القائمون عليها للوزارة المعنية.

 

وفي هذه الحالة، الوزارة المعنية بالشؤون البرلمانية فيما يتعلق بمجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب هي وزارة العدل، فيما يتعلق بالسلطة القضائية والمحكمة الدستورية.

 

وفي هذا الطرح، تحصين للسلطات وتكريس لتركيزها على مهامها الدستورية دون الانشغال بأي مهام إدارية أو مالية أو تشغيلية مساندة. تتولى وزارة العدل مهام الشؤون الإدارية والمالية والشراء واللوازم للمحاكم، ويتبع موظفو المحاكم للوزارة، والغاية من كل ذلك هو حتى لا تكون السلطة القضائية عرضة لمساءلة ديوان المحاسبة.

 


وهذا الأمر يفترض أن يسري بالضرورة وللغاية نفسها على مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، وذلك بأن تتولى الوزارة المعنية بالشؤون البرلمانية الشؤون الإدارية والمالية واللوازم في مجلس الأمة، وأن يتبع موظفو المجلس للوزارة. ومن ناحية أهم، تتفرغ السلطات للاختصاص الأصيل.


مواطن الخلل في جلها في الممارسة والتطبيق. ولهذا الأمر يتطلب تفعيل الرقابة الإدارية والرقابة على الأداء.


توجيه استثمارات أموال الضمان الاجتماعي إلى مجالات ذات أثر مضاعف على الاقتصاد من حيث توليد فرص العمل وتشغيل القطاعات الإنتاجية والخدمية. 
وقف اشتراك العمالة الوافدة، مع كل التقدير لها، بالضمان الاجتماعي أسوة بالكثير من دول العالم، لأن الغالبية العظمى منها ينطبق عليها مفهوم "المهن الخطرة" والتقاعد المبكر، وهذا مكلف على الضمان؛ حيث يمتد صرف الرواتب التقاعدية للعديد من السنوات.

 

علاوة على أنها تنفق خارج البلاد، وبالتالي لا يستفيد منها الاقتصاد. هذا بالإضافة إلى احتمالية تشجيع حدوث أو ربما حدوث بعض الممارسات التحايلية مدفوعة الثمن التي قد تتم بالاتفاق مع ضعيفي نفوس من أصحاب عمل من مختلف الجنسيات تعمل على رفع قيمة الاشتراكات خلال المدة التي تدخل في احتساب الراتب التقاعدي.


وقف العمل بجميع التأمينات والصناديق في الضمان الاجتماعي باستثناء تقاعد الشيخوخة، ففيها إقحام للضمان في أمور عديدة وإرهاق له وتشتيت لأموال الضمان على المدى الطويل.


المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، بموجب قانونها النافذ، دخلت في عدة تأمينات وصناديق، أذكر منها تأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل والتأمين الصحي وغيره. يرد المؤسسة حاليا اشتراكات، ولكن في المستقبل سيترتب على المؤسسة التزامات، ناهيك عن أن كثرتها تشتت جهود المؤسسة وعلى حساب قضايا أهم وأعم. باختصار، أرى خروج المؤسسة منها جميعها وبالدرجة الأولى التأمين الصحي، فهذا ليس دورها بل دور جهات أخرى ومسؤولية أصحاب العمل.

 

أقترح التركيز على تأمين الشيخوخة وتوظيف كامل القدرات المتاحة لضمان كفاءة إدارة اشتراكاته والتزاماته باعتباره الغاية الأساسية من وجود المؤسسة.


في القديم البعيد، ونظرا لوجود تقاعد مدني وعسكري وبلديات وغيره حينها، كان الشمول بالضمان الاجتماعي موجها لمن يسري عليهم قانون العمل باعتباره الناظم لشؤون المشتركين خلال سنوات عملهم. ولهذا تشكل حينها مجلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل والعمال قياسا على اللجنة الثلاثية لشؤون العمل المشكلة بموجب قانون العمل.

 

لكن حاليا أصحبت جميع الشرائح مشمولة بالضمان الاجتماعي، ومن ضمنها من يعمل في الأجهزة المدنية والعسكرية والأمنية وحتى القضائية. وبالتالي، لم تعد التركيبة الثلاثية التي تشكل منها مجلس إدارة المؤسسة تمثل الواقع.. أعرف تماما وجود تمثيل بسيط للقوات المسحلة في المجلس ولجان المؤسسة ولكن هذا لا يكفي. لا بد من تمثيل مناسب للأطراف كافة من أصحاب عمل وموظفين أو عاملين.


لا أرى حاجة لمجلس إدارة المؤسسة، فبالنسبة للشق التأميني، هي تتعامل مع اشتراكات تستوفى بحكم القانون؛ حيث يكفي وجود مدير عام يسانده الكادر الوظيفي في المؤسسة ويرتبط بالوزير. 


أما الشق الاستثماري الذي يتولى استثمار أموال الضمان، فهذا يحتاج إلى مراجعة وحوكمة وتمكين من خلال مجلس متخصص وخبير يتولى استثمار أموال الضمان مع الخضوع المباشر لمتابعة ورقابة المؤسسات الدستورية والقانونية المختصة ونشر تقارير شاملة بشكل دوري عن الأداء. فهذه أموال مشتركين والحذر في التعامل معها أراه لا يختلف عن الحذر في التعامل مع المال الوقف.

 

أما أصحاب العمل، فمنهم الأردني ومنهم من مختلف الجنسيات، فهناك إمكانية قد لا تكون موجودة أو نادرة الحدوث تتمثل بتغيير في المسميات الوظيفية لأصحاب العمل وأفراد أسرهم الذين يسجلون كموظفين في شركاتهم هدفها رفع قيمة رواتبهم خلال الفترة الأخيرة التي تعتمد لحساب الراتب التقاعدي، وهي في بعض الحالات القديمة سنتان وما بعدها 3 سنوات أو 5 سنوات. الخوف أكثر إذا كانت هذه الرواتب خيالية ووهمية غير حقيقية، ولكن تدفع عنها اشتراكات عالية هدفها رفع قيمة الراتب التقاعدي الذي يدفع لصاحب العمل مستقبلا من أموال الضمان الاجتماعي "أموال المشتركين".


لذا، أقترح بشدة أن يحسب الراتب التقاعدي على أساس متوسط الراتب خلال مدة الاشتراك بالكامل حتى لو كانت 30 عاما وليس فقط آخر 3 أو 5 سنوات، للحيلولة دون القفزات الخيالية في الراتب آخر سنوات الخدمة.


هل تقوم الحكومة بتسديد الأقساط المستحقة لصندوق أموال الضمان الاجتماعي من مصادر تمويل أخرى أم بأخذ قروض جديدة من الصندوق نفسه؟ هل لدى الحكومة مصادر تمويل لتسديد مليارات صندوق الضمان؟ كيف للمؤسسة أن تتدبر الأمر عندما تزداد الالتزامات التقاعدية بشكل يفوق الاشتراكات؟ كيف لها أن تدفع الرواتب الشهرية للمتقاعدين من مختلف القطاعات؟ أليس من الأفضل إخراج منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من مظلة الضمان الاجتماعي وأن يكون لهم صندوق تقاعد مستقل كضرورة أمنية؟

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا