بين انتخابات الطلبة والانتخابات النيابية

بعد انتهاء انتخابات مجالس الطلبة في بعض الجامعات، وما افرزته من نتائج تستحق الدراسة والتوقف عندها، وما حصل فيها من مناوشات بين متنافسين، فإنه وجب علينا جميعا ونحن مقبلون على انتخابات نيابية في العاشر من أيلول (سبتمبر) المقبل، التذكير أن منظومة التحديث السياسي التي انبثقت عن رؤية ملكية للتحديث الشامل سياسيا واقتصاديا وإداريا، والتي انبثقت عنها تعديلات تشريعية شملت قانوني الانتخاب والأحزاب، ركزت تلك الرؤية على ضرورة ادماج الشباب ومنهم الطلاب في برامج الدولة وفي الحياة العامة، وضمنت لهم حق الانتساب للأحزاب وتولي مواقع قيادية دون خوف من المساءلة.

اضافة اعلان


هذا التوجه الإصلاحي الشامل جاء في اطار توسيع الأفق السياسي للجميع وخاصة للصصشباب والطلاب، وابعاد الناخبين ككل، والشباب على وجه الخصوص، عن التفكير والذهاب لخيارات الهويات المناطقية والفرعية، ومنحهم اطلالة أوسع واشمل على كل جغرافيا الأردن وتقديم برامج سياسية شاملة، ودمجهم في الحياة السياسية العامة التي تعتمد البرامجية السياسية، والتي تقوم عليها الرؤية الاصلاحية الشاملة التي بدأها الأردن سابقا ويسعى لتطويرها وتوسيعها.


ومن هنا، وفقا لتلك السردية، فإن الشباب تقع عليهم مسؤولية الاستجابة لهذا التغير الجديد الذي حصل على قانوني الانتخاب والأحزاب، والذي منحهم فرصة للتواجد تحت قبة البرلمان في الانتخابات المقبلة، ولهذا فإن المؤمل ان يتم التعامل مع الانتخابات المقبلة على انها خيارات ناخبين بين برامج وليس بين أشخاص، فالانتخابات ستجري وفق أسس مختلفة عن سابقتها، ومنحت 41 مقعدا للأحزاب، ولذا فإنها ستجري على اساس تكتلات حزبية برامجية، وهي مقدمة لتشكيل حكومات برلمانية في انتخابات لاحقة وخاصة في ظل زيادة نسبة الحزبيين في مجالس النواب، والانتقال من العمل الفردي لعمل جماعي برامجي.


لهذا الغرض المنشود تضمن قانون الانتخاب الحالي مواد تحفيزية للشباب لحثهم على المشاركة ليس فقط بصفة ناخبين وانما بصفة مترشحين، حيث خفض القانون سن الترشح إلى 25 سنة بدلا من 30 إضافة إلى امتيازات تشريعية ضمن مواد قانوني الانتخاب والأحزاب، وابرزها اجبار القوائم الحزبية على ادراج شاب ضمن الأسماء الخمسة الأولى في تلك القوائم، فيما اشترط قانون الأحزاب بألا تقل نسبة النساء والشباب من مؤسسي الحزب عن 20 % على الأقل لكل منهما، ما سيعزز من مشاركتهما بالأحزاب بشكل أكبر مما هو عليه الآن.


وبالعودة لانتخابات مجالس الطلبة وما جرى فيها، من اصطفافات مختلفة، وغياب الحزبية بشكل واضح عنها، وحضور هويات فرعية في بعض المطارح، فإن تلك الانتخابات الطلابية فرصة لقراءة المشهد بشكله الحقيقي بعيدا عن العواطف، والشحن، وتوسيع دائرة التفكير بإشراك الشباب بشكل اكبر واوسع واشمل، في الحياة السياسية العامة، والابتعاد عن الاشكال الديكورية وصولا لاندماج حقيقي وليس شكلي، يوسع من دائرة خياراتهم الشاملة، ويأخذهم بعيدا عن أي تفكير بالهويات الفرعية، وبما يعزز فكر الهوية الوطنية الشاملة.


لذلك، واعتمادا على كل المستجدات التي جرت تأتي أهمية حث الشباب على المشاركة الفاعلة والحقيقية والجادة في الانتخابات النيابية المقبلة التي يتم فيها التصويت بورقتي اقتراع احداهما لقائمة حزبية تعتبر بداية التغيير في الانتخابات، وتمنح الشباب خيارات سياسية، ويبعدهم عن الخيارات الضيقة، فذاك تعبير حقيقي عن انتماء للوطن بجميع مكوناته.

 

المؤمل، عدم التوقف في توسيع دائرة التواصل مع الشباب والطلاب، وعدم الاكتفاء بخطابات على المنابر ومتابعة مراحل الدمج الحقيقي، وتكثيف الحملات التوعوية التي لا تقتصر فقط على الهيئة المستقلة للانتخاب، وانما ذاك واجب وطني على الجميع ومنهم المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، والإعلام، والأحزاب ذاتها، بما يشكل فرصة لوجود مجلس نواب نوعي جماعي برامجي يمارس دوره السياسي والاقتصادي والتشريعي.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا