تداعيات مشروع الدكتاتور في تل أبيب

يحذر إيهود باراك – وهو من يعرف نتنياهو أكثر من سواه في إسرائيل- من تداعيات قد تفضي إلى نظام دكتاتوري في إسرائيل، ويسهب في شرح الديمقراطية والفرق بينها وبين النظام الدكتاتوري الذي يرى أن نتنياهو يقود إسرائيل إليه.

اضافة اعلان


باراك الذي تحدث في حلقة بث مباشر نظمتها مجلة "فورين بوليسي" نهار يوم الجمعة الماضي، وجه تحذيرا لأعداء إسرائيل من استغلال ما يحدث من هزة سياسية لأن أي تدخل أو استغلال أو اعتداء سيعمل على توحيد الإسرائيليين وينقذ نتنياهو من السقوط الوشيك!


للأسف، باراك – منطقيا- على حق.


لن يوقف كرة الثلج التي تكبر يوما بعد يوم، وقد تدحرجت من قمة السلطة في إسرائيل، إلا أزمة خارجية، ونتنياهو يعرف ذلك، ويسعى إليه بكل ما يملك من قوة ونفوذ وصلاحيات وخبث، بل تكاد تكون تلك سياسته الوحيدة.


نهاية الأسبوع الماضي وافق الكنيست على مشروع قانون يحمي رئيس الوزراء (والمقصود طبعا بنيامين نتنياهو) من أي أمر قضائي محتمل بعزله من منصبه في وقت مبكر مما جعل كرة الثلج التي تتدحرج نحو الشارع تكبر أكثر، وبعد تصريحات وزير الدفاع غالانت في حكومة نتنياهو التي حملت اعتراضا على ما يقوم به من تعديلات في التشريعات، واتهامات مباشرة من المستشارة القضائية للحكومة، موجهة إلى نتنياهو نفسه بتضارب المصالح والفساد، فإن الشرخ في حكومته يكبر، مما يعني أن البحث عن أزمة كبيرة من الخارج هي التي ستنقذ نتنياهو وتوحد الإسرائيليين، كما قال باراك بالضبط.


ما يحدث بالضبط أن نتنياهو عبّأ حكومته بذخيرة متفجرة قادمة من قبل الميلاد، وتحلم بإعادة إنتاج مملكة يهوذا الغابرة، مما يهدد – عند باقي الإسرائيليين- فكرة الدولة الحديثة "الديمقراطية" التي يتباهون بتأسيسها. ونتنياهو الخبير بكل مهارات الأكروبات السياسية والمكيافيلية على أصولها ما يزال يقفز على الحبال، فقط ليتجنب عقوبات مستحقة على جرائم "سياسية وقانونية" منجزة.


نتنياهو، الباحث عن ثغرات في محيطه الإقليمي يمكن له النفاذ منها لتصدير أزمته الداخلية إلى أزمة إقليمية تحمل شروط إثارة الرعب والذعر الأمني في المجتمع الإسرائيلي لديه خيارات عديدة مفتوحة في إقليم متأزم أساسا، بداية من استهداف إيران "وقد قوض الاتفاق السعودي – الإيراني كثيرا من جهده في ذلك"، وليس انتهاء بالحروب المجاورة سواء في جنوب لبنان أو في العمق السوري، وربما أيضا في محاولات لن تكون صعبة مع طاقمه المتطرف لنقل الأزمة السياسية إلى أزمة أمنية ثقيلة في الضفة الغربية تفجر الوضع في شهر رمضان، وهو ما يمكن البناء عليه لخلق صدام مباشر مع الأردن يحقق طموحات "ملك إسرائيل" بحروب لا يريدها حتى الإسرائيليون أنفسهم.


في أحسن الأحوال، سيسقط نتنياهو بمشروعه الدكتاتوري برد فعل داخلي إسرائيلي، وهي فرصة للإسرائيليين "من خارج دائرة اليمين المتطرف" أن يفكروا جيدا في مرحلة ما بعد نتنياهو، وفي أسوأ الأحوال لن ينقذ نتنياهو- مرحليا- إلا حرب خارجية قابلة للاشتعال بسهولة، ويحققها له تطرف مقابل له، قراءاته التاريخية متماهية مع قراءات بن غفير وغيره من سدنة الهيكل.


سقوط نتنياهو المبكر بعوامل داخلية فقط، لن يكون له معنى إن لم يتعلم المزاج العام الإسرائيلي الدرس جيدا هذه المرة، ونجاح نتنياهو في إشعال أزمة خارجية بصيغة حرب ما سينتهي إلى حروب لن ينتصر فيها أحد بالمطلق في إقليم أتعبته الحروب، ولديه فرصة ليعيد تشكيل نفسه من جديد.

المقال السابق للكاتب

استدارات كاملة قيد التنفيذ