في إعادة الاصطفاف

الوقوف في الطابور هو لي مثل هواية!، ولو لم يوجد اصطفاف صباحي بالمدرسة لقُمت شخصيّا باختراعه! توجد "أبّهة" خاصة بالاصطفاف الجماعي الذي يُذكّر المرء بوحدة الحال، فيبدو السير نحو الهدف وبالذات بصفوف مُتوازية، كنوع من التنسيق الأنيق بالحركة وبالتوقيت بين عناصر مُتساوية!اضافة اعلان
وفي الإدارة العربيّة تتجلّى قيمٌ بعينها (مثل الإيمان والصبر والرزق) عند قبول المرء بحتميّة وجود الدور وبأهميّة الانضباط بالدور!
وشخصيا، لا أجد حرجا من الانتظام بالدور بانتظار مُعاملة "سريعة" في دائرة حكومية أو بالبنك أو بالمتجر مثل أي مُواطن سويسري هادئ يثق بنجاعة المصفوفة وبنتائجها.
ولكن في موضوع الاصطفاف لدى الشعوب قصص وحكايات! ففي ألمانيا مثلا يُذكّر الصفّ بخطّ بائس وطويل لجنود وهم يمشون على الثلج إثر حرب خاسرة.
وفي الشرق يختزلُ الخطّ أيّام العُصمليّة والخدمة الإجباريّة ويُذكّر باللجوء.
ومن أوروبا بنُدرة الخُبز والطعام عندما عجزت منظومة بعينها عن تأمين أساسيّات الحياة.
وفي أميركا هم يكرهون الصف الذي يتشكّل عندهم بحدوث كارثة طبيعيّة، وأمّا في السويد فلا يُشاهد الصفّ والدور الطويل إلا حول عربة "الآيس كريم".
كما وتُشير الدراسات إلى أنّ الاصطفاف المُكثّف يُوحي بالتهديد وأنّ الصفوف الجماعيّة مُقلقة وأنّك إن وضعت أربعة أشخاص في طابور لاصطفّ خامس خلفهم وهو لا يعلم لماذا وكيف؟
أمّا عن "المصفُوفة" The Matrix فهي التي تحتوي دوما على صفّين أو أكثر وثلاثة أعمدة أو أكثر، وهكذا كُلما زادت الأعداد والرموز والصفوف تعقّدت المصفوفة/فات بتقاطعاتها وعلى نحو خطير.
وفي الإدارة العامة لدينا ظواهر يُمكن رصدها قياسا بالآتي: يُذكّرُ الاصطفاف بالبيروقراطيّة وضيق الحال وببؤس الشعوب من جهة، وبانضباط العسكر من جهة أُخرى! ومن عناصر المصفوفة من لا يرغب بالاصطفاف وهم اليوم سيصطفّون للبحث عن العمل أو عن الفرصة؟ أو ربما حول شكاوى الواسطة الإلكترونيّة؟ وبالمصفوفة فيروسان أساسيّان وهما: مركزيّة أصبحت تُنتج الإحباط، ثمّ الخدمة المُتقطّعة. ومن المُريح أيضا إدراك أنّ لكل الكائنات الحيّة مصفوفتها الخاصّة وأكثرها تعقيدا من الممالك الحيّة عالية الإنتاج هي مملكة النمل، لكن يوجد البسيط منها كالزواحف! وما يُميّز المصفوفات العاملة بالأردن اليوم هو المركزيّة الضارّة بالمصفوفة التي كُلما ازدادت تعقيدا ازدادت الحاجة الى اتخاذ قرارات صعبة للحفاظ على التوازنات بتقاطعات المصفوفة ما يحتاج من الإدارة العامّة اليوم عرض مهارات إدارة فريدة وشخصيّة من مثل التفاوض والتواصل ومهارات حلّ النزاعات. والنظر بالمصفوفات الفرعيّة سيُصبح أكثر تعقيدا لأنّها تعود إلى ذات رمز المصدر، فلا يُمكن إلغاؤها تماما. هذا ولن يتمّ بالواقع تفكيك أي مصفوفة ولكن عبر نسق لامركزيّ يُمكن (إعادة الاصطفاف) وهو المطلوب لغاية أساسيّة وهي لتقديم خدمات غير مُنقطعة لجمهور غفير (واقف بالدور).