كورونا!

كعادة الأحداث الكبرى، يجد سوق الأوهام له متسعا من المكان والاهتمام، يجعله فوق المعايير والدراسات والمواقف والمفاهيم والمنطق بشكل عام.اضافة اعلان
وكعادة العامة الذين لا يبذلون ولو جهدا بسيطا لتتبع الحقائق، فيما يتعلق بالأخبار والإشاعات المنتشرة، فإنهم على استعداد وجاهزية دائمة لاستقبال كل ما هو سلبي ومخيف ومقلق، وفي الوقت نفسه سريع الاشتعال والانتشار!
لا يألو الجهل والاستغلال جهدا للسيطرة على عقول وهواجس المستقبلين المجهزين بكامل عدتهم، من الكسل والجزع والاضطراب، من خلال صب الزيت فوق النار ليحيد عقولهم إلى مناطق بعيدة كل البعد عن الحلول والسيطرة والطمأنينة، ولو مؤقتا.
في عاصفة "كورونا" ظهر على السطح كل ما هو مخبأ ومجمد ومدسوس، لأجل هذه اللحظة التاريخية! وهنا أتحدث عن لعبة إعلامية غير نظيفة تقودها آليات سياسية وشركات تصنيع الأدوية وعصابات عالمية، هدفها الأول والأخير هو تهويل عنوان "الفيروس القاتل"، حسب تصنيفاتهم طبعا، ليخدم وقع وصدى الحلول السحرية الثمينة والنادرة، في قادم الأيام.
لن نغطي الشمس بالغربال وليس من المطلوب تسخيف الأمر والتقليل من شأنه، لأنه وكما يبدو شأنه كبير ومزلزل وطال القارات كلها. لكن في الوقت نفسه حين يتغلب الجهل على المنطق، واليأس على الأمل والسلبي على الإيجابي، بدون مبررات ومسوغات مفهومة، هنا علينا فعلا أن نتنفس قليلا، ونعيد التفكير وطريقة الاستقبال من جديد!
فبعيدا عن التحليلات الوجودية والنفسية والعقائدية التي طالت تفاسير وجود هذا المرض، في بلد مثل الصين وبلاد أخرى يختلف أصحاب تلك التحليلات مع سياساتها وعقيدتها، فإن هجمة إلكترونية عصفت في بيوت وغرف أفراد المجتمعات الطيبة البسيطة، حولت اهتمامهم وتركيزهم من وسائل الوقاية من المرض، وطرق الحجر الصحي والتشافي، إلى خزعبلات وقصص وأوهام ومؤامرات كونية على بلادنا تحديدا. لقد وصل الأمر بمروجي تلك الأنباء المضللة، إلى أقصى ما يمكن تخيله مستغلين حجم الفراغ المعلوماتي حول المرض وطرق الوقاية "وهو فراغ طوعي"، بحيث قرأت قبل يومين عن مؤامرة مؤكدة تستهدفنا نحن تحديدا؛ مجتمعات الدول العربية، وهي أنهم في الصين يقتلون المرضى المصابين بمرض كورونا، ويعلبون لحوم أجسادهم ويصدرونها لنا، كي نأكلها ونصاب بالعدوى!
لا أعتقد أن إشاعة تفوقت على هذا الهراء. ولكنني أجزم بأن انشغال المجتمعات باتباع أخبار مماثلة، إلى جانب أخبار الموت والخوف ومدن الأشباح، هو المطلوب في المرحلة الحالية، بهدف حملات تسويقية وإعلانية تتحضر اليوم لخدمة "إكسير الحياة" القادم قبيل نهاية هذا العام.
في الجزء الثاني من هذا العالم، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، أنه استناداً إلى دراسة أجراها المركز الصيني لمراقبة الأمراض والوقاية منها، شملت أكثر من سبعين ألف مصاب بالفيروس، فقد ثبت أنّ أكثر من ثمانين بالمائة من المرضى مصابون بنوع حميد من هذا المرض.
كذلك، أظهرت الدراسة أن نسبة الوفاة بفيروس كورونا ضئيلة لدى من تقلّ أعمارهم عن أربعين عاماً؛ إذ لا تتجاوز اثنين بالمائة، ثم تزداد تدريجاً مع التقدم في العمر.
كما أعلنت الصين عن شفاء ما يناهز الثلاثة آلاف مصاب، إلى جانب فرنسا التي أكد مسؤولوها شفاء المصابين جميعهم لديها، رغم علمهم بأن الفيروس لن يتوقف عن الانتشار.
فلنقرأ النشرات التوجيهية لمواجهة الفيروس، ونتبع تنفيذها لأنها بسيطة وفي متناول اليد، ولنتمسك بالأمل والعقل قبل دخول دوامة الشك إلى وجدانينا. سلم الله الجميع.