# مقصودة

مالك العثامنة- الصحافة ليست ضربا في الرمل، ولا قراءة في الفنجان، لا يكتمل طريقها إلا باتجاهين، المعلومات ومعالجتها فتصل المتلقي الذي يملك حق تشكيل موقفه ورأيه بعد ذلك، وهذا يجعل العملية السياسية مكتملة وصحية. في الأردن، نحن أمام حالة مختلفة بدأت بحجب المعلومات إما لخوف "رسمي" أو غطرسة السياسي والمسؤول الذي يعتقد متوهما أنه المتمكن من كافة الحلول رغم كل عثراته وأخطائه، لننتهي بصحافة مشوهة قائمة على التنجيم والكهانة والفهلوة والتلفيق، فتنتج تضليلا فارغا أغلبه شعبوي لا معلومات حقيقية فيه يتلقفها المتلقي فيبني موقفه "الشعبوي" الخالي من أي دسم معرفي مما يجعل المشهد السياسي كله مليئا بالمسوخ والأزمات. القصة كلها تبدأ من عند ذلك المسؤول "صاحب القرار" الذي يملك المعلومة لا بحكم مواهبه الشخصية، لكن ببساطة لأنه في موقع مسؤولية يجعل المعلومات متاحة أمامه، والذي يعتقد أن المعلومة جزء من عهدة "الوظيفة" فيستحوذ عليها وبأحسن الأحوال يسربها بطريقة تفقدها قيمتها، ومنهم من يفعل ذلك برعب ذاتي خوفا من نتائج قد تهز موقعه، أو بغطرسة تترفع عن الصحافة خصوصا المحلية وتراها قاصرة عن "فهم وهضم" الموقف كما يفهمه ذلك المسؤول، وفي محصلة كل هذا المسلسل الطويل ننتهي بصحافة مهنة من لا مهنة له من لاعبي أكروبات وفهلوية قادرين على تعبئة الفراغ "المعلوماتي" بالتلفيق والإشاعات وتكون النتيجة حالة صحفية بائسة بالمجمل. في الأزمات الأخيرة – ولك عزيزي القارئ أن تخمن أيا منها- كانت المعلومات غائبة، بل ومغيبة تحت طائلة التشديد والعقوبة لمن ينشر، والعقوبات هنا متفاوتة بين الخشن والناعم، أخطرها ذلك الناعم الذي يعني تهديدا للمصالح التي يجب أن تتوفر أصلا، ويظل "المسؤول" إياه أيا كان في موقع المسؤولية حاكما لمصير المعلومات ويعيش تحت وهم أنه القادر على حلها لكنه غافل أن في الطرف الآخر مجموع بشري ينتظر المعرفة ليبني موقفه فلا يجد إلا الإشاعة "والإشاعات لها أجنحة تحملها دوما" ويتكون الموقف "السلبي" من الأزمة بدون معرفة أي من أسبابها وحقائقها خوفا على "الأمن المجتمعي"!! حسنا، الأمن المجتمعي فيه احتقان بسبب كل ذلك يا عزيزي المسؤول أيا كنت. نلاحظ هنا أني بنيت المقال على "المجهول" من الأزمات بدون تحديدها، وهي كثيرة، وربما يذهب الظن إلى آخرها وهو ظن صحيح، وأنا لا تنقصني الجرأة بتعريف تلك الأزمة وبالأسماء، لكن المقال ربما لن يرى النور، فسلطتي على المقال مبنية على المعلومات وتقف عند آخر نقطة في آخر فقراته، أما سلطة نشره فهي عملية معقدة تصل في دورتها إلى مزاج ذلك المسؤول الكبير الذي يملك الحق بحجب المعلومات التي أحتاجها ويحتاجها كل صحفي "مهني" لبناء القراءة الصحيحة والمعالجة الموضوعية ليقدمها إلى ذلك المتلقي في النهاية. عزيزي المسؤول "الكبير أوي"، الصحافة المحترمة ليست عدوا ولا خصما في دولة واثقة من نفسها، العدو الحقيقي هو التجهيل والتضليل والتعتيم، والخصم الأكثر خطورة على الدولة هم لاعبو الأكروبات السياسي والقفز على الحبال. فيا عزيزي المسؤول "الكبير أوي"، حين تتلقى سؤالا من صحفي يطلب معلومات ما، كن واثقا أنه لا يستهدفك ولا هو في معركة شخصية معك، ولو فكرت قليلا لوجدت أن الشفافية مهمة ومفيدة لعملك نفسه، حتى لا تتعثر قريبا، كالعادة. المقال السابق للكاتب بين عالم الترفيه وضفاف السياسةاضافة اعلان