هيمنة الصين الاقتصادية

غرقت، مؤخراً، منصات التواصل الاجتماعي ومتصفحات الإنترنت الخاصة بكلمة "الطاقة الإنتاجية الفائضة" (overcapacity)، وقد أصبح هذا المصطلح الاقتصادي القديم فجأة كلمة رائجة، خاصة في سياق التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

اضافة اعلان


يشير مصطلح الطاقة الإنتاجية الفائضة، إلى الحالة التي يتجاوز فيها إنتاج قطاع معين الطلب بشكل كبير، مما يؤدي إلى فائض في السلع وفي معظم الحالات انخفاض الأسعار. لكن ما تزال هذه التعريفات لا تعالج السؤال عن سبب "حملة الطاقة الإنتاجية الفائضة" الأخيرة التي أطلقتها الولايات المتحدة وأوروبا ضد الصين.


فمن بين 500 مؤسسة جديدة في مجال الطاقة للعام 2023، كان أكثر من نصفها من الصين، مما يظهر بوضوح تفوق الصين في سوق التكنولوجيا النظيفة العالمية. الصين تنتج الآن 80 % من الألواح الشمسية في العالم، وهو ما يعادل 40 ضعفاً مما تنتجه الولايات المتحدة، وتصنع حوالي ثلثي السيارات الكهربائية، توربينات الرياح، وبطاريات الليثيوم في العالم.


تتحدى الشركات الصينية هيمنة الولايات المتحدة وأوروبا في قطاع الطاقة النظيفة. ويفسر بعض المحليين الاقتصاديين أن ما يحدث يقع في باب أنه "أحياناً عندما لا يستطيعون الفوز في السباق، يحاولون إبطاءه"؛ حيث يثير بعض السياسيين الغربيين قلقاً بشأن صعود الصين في السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى، وقد ابتكروا رواية "الطاقة الإنتاجية الفائضة" في سبيل ذلك. 


الخزانة الأميركية تدعي أن الصين "تشوه الأسعار العالمية" و"تضر بالشركات والعمال الأميركيين". لكن ما يحدث على أرض الواقع أن الصين تقدم منتجاً مميزاً وبسعر منافس. والناظر تاريخياً يرى أن الغرب كان يجمع الثروات عن طريق التخلص من المنتجات الفائضة إلى البلدان الأقل تطورا لقرون، وغالبا بشروط غير عادلة، وهي عملية تركت آثارا دائمة على دول العالم.


إذا ما أراد الغرب تطبيق قواعد السوق والمنافسة العادلة، فلماذا لم يكونوا مستائين من قدرة التصنيع في الصين في الملابس، الألعاب، وغيرها من السلع ذات القيمة المنخفضة؟ هذه المعايير المزدوجة تشكك في صحة اتهامات الغرب للصين وتكشف نواياهم الحقيقية في إبطاء نمو الصين. والاهتمام الأساسي فقط لأن الغرب بات يفقد هيمنة السوق لصالح الصين في القطاعات التي يعتبرونها حرجة.


إن تميز الصين بالطاقة الإنتاجية الفائضة، وتنويع خيارات المستهلكين أحد أهم المبادئ الاقتصادية الأساسية، والإصرار على تعريف "الطاقة الإنتاجية الفائضة" بشكل ضيق على أنها القدرة الإنتاجية التي تتجاوز الطلب المحلي فقط هو تعريف محدود، لأن ما يسمى بـ"الطاقة الإنتاجية الفائضة" هو مجرد علامة على سوق فعال؛ حيث يكون اختلال التوازن بين العرض والطلب هو القاعدة.


إن التجارة الحرة والرسوم الجمركية المنخفضة تساعد في إبقاء التكاليف منخفضة عالميا، ومع ذلك يجد الغرب دائما صعوبة في مقاومة الرغبة في حماية مورديهم المحليين والقضاء على المزودين الأجانب، هذه هي الطريقة التي يتم بها توليد الحماية التجارية.


في النهاية، ستنمو الصين وتتقدم في سلسلة القيمة العالمية، يتفاجأ الغرب بقدرتها الناشئة وتنافسيتها في السوق. لم تكن هناك شكاوى بشأن "الطاقة الإنتاجية الفائضة" في الصين في الماضي، لأن الرأسماليين كانت لديهم مصالح مكتسبة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا