الشونة الجنوبية.. تعثر "مركز التأهيل" يعكس معاناة ذوي الإعاقة وأسرهم

مشروع مركز لتأهيل ذوي الإعاقة غير المستكمل بالشونة الجنوبية - (الغد)
مشروع مركز لتأهيل ذوي الإعاقة غير المستكمل بالشونة الجنوبية - (الغد)

 مئات الأسر في لواء الشونة الجنوبية قدر لها أن يولد واحد أو أكثر من أبنائها مصابين بإعاقات متنوعة، منها ما يصنف على أنه إعاقات شديدة وأخرى إعاقات متوسطة وبسيطة، إلا أن أكثر ما يؤلم ذويهم أنهم لم يجدوا الدعم اللازم للقيام بمسؤولياتهم تجاه أبنائهم سواء بتوفير العلاج اللازم أو تأهيلهم على المهارات اللازمة لمساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم بأبسط الأمور التي يحتاجونها.

اضافة اعلان


"ما بقدر أخذ أبنائي لمركز التأهيل في عمان لأني لا أملك أجرة السيارة" هكذا يصف أبو محمد معاناة أبنائه الثلاثة المعاقين الذين لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية اللازمة لأوضاعه المالية المتردية وعدم وجود مركز متخصص في المنطقة.


ويضيف، "لا شك أنني أتألم كلما تقدموا بالعمر دونما أي تحسن بوضعهم الصحي والقدرة على تنمية مهاراتهم سواء الحياتية أو التعليمية"، قائلا "حاولت جاهدا أن أوفر لهم العلاج وهم صغار، إلا أن الأوضاع المادية والمعيشية الصعبة منعتني من ذلك، ما ساهم في تطور إعاقاتهم".


أم محمد هي الأخرى تملكها العجز فلم تستطع القيام بأي شيء لعلاج ابنها المعاق، فتكلفة علاجه بالآلاف ووضعهم المادي كما تصف "تحت الصفر"، قائلة "لا يوجد في المنطقة مركز لتأهيل ذوي الإعاقات وفي حال أردت أن أذهب به إلى مركز متخصص في عمان فإني أحتاج في كل مرة لحوالي 50 دينارا ما بين أجور سيارة خاصة ومصاريف أخرى، ناهيك عن أجور العلاج".


ويؤكد عدد من أولياء أمور معاقين أنهم استبشروا خيرا مع بدء البناء بمشروع مركز المنار للتأهيل التابع لوزارة التنمية الاجتماعية إلا أن توقف العمل فيه بعد عامين من بدء البناء أفسد فرحتهم وفاقم من معاناتهم جراء الذهاب إلى المراكز المتخصصة في العاصمة والمناطق الأخرى.


ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية عن عدد ذوي الإعاقات في اللواء، إلا أن الفارق كبير جدا بين عدد حالات الإعاقة المستفيدة من دعم صندوق المعونة الوطنية وبين المسوحات الميدانية التي قامت بها مؤسسات المجتمع المدني، فعدد حالات الإعاقة التي تتقاضى دعم حكومي لا يتجاوز 80 حالة في حين أن آخر إحصائية قامت بها إحدى الجمعيات الخيرية بينت أن عدد حالات الإعاقة المختلفة تزيد على 2300 حالة.


وبحسب مصدر رسمي، فإن عدة عوائق تقف حائلا دون استفادة عدد أكبر من الدعم الحكومي كأن تكون حالة الإعاقة شديدة وأن يقوم رب الأسرة بالتقدم بطلب للجهة المعنية مع الأخذ بعين الاعتبار غياب الوعي اللازم بالكشف عن حالات الإعاقة عند بعض الأسر لأسباب اجتماعية، مشيرا إلى أن غياب الأرقام والإحصائيات اللازمة لعدد حالات الإعاقة في اللواء يعود لنقص الكوادر البشرية وقلة الموارد اللازمة للقيام بمسح شامل مع وجود مسؤوليات أخرى تقع على عاتق الجهات المعنية كالتنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية والصحة والتربية.


ويبين المصدر أن الأوضاع الاقتصادية المتردية وتزايد رقعة الفقر في منطقة الأغوار بشكل عام يبقي أسرا كثيرة أسيرة العوز الدائم، الأمر الذي يحد من قدرتهم على تقديم الرعاية اللازمة لأبنائهم المعاقين، مؤكدا أن وجود مركز تأهيل في المنطقة سيمكن الأهالي من التغلب على الكثير من التحديات التي تواجههم في تقديم العلاج لأبنائهم وتأهيلهم وإكسابهم المهارات اللازمة للوصول إلى حياة أفضل.


تشير رئيسة جمعية التعاون الخيرية كوثر العدوان أن عدم وجود مراكز حكومية متخصصة في علاج ذوي الإعاقات تسبب في تفاقم العديد من الحالات وأسهم في ازدياد أعدادهم خاصة مع  قلة التوعية الأسرية، وتحديدا فيما يتعلق بخوف الأهالي من نظرة المجتمع للمعاق والذي أدى في كثير من الحالات إلى حرمان أصحاب الإعاقة من العلاج والتأهيل حتى تحولت إعاقتهم من بسيطة أو متوسطة إلى شديدة.


وتقول، "يقتصر دور الجمعيات الخيرية العاملة في المنطقة على توفير المستلزمات الطبية والإعاشية لبعض الحالات وعقد الدورات التوعوية فقط، إلا أنها لا تقوم بأي دور في علاج وتأهيل ورعاية المعاقين من خلال فتح صفوف لهم للمساهمة في إكسابهم المهارات اللازمة"، عازية ذلك إلى عدم توفر الإمكانات المالية وغياب الدعم اللازم لاستحداث برامج متخصصة لذلك خصوصا وأنها أي البرامج تحتاج إلى كلف مرتفعة.


وتؤكد رئيسة جمعية إعمار وتطوير وادي الأردن سيرين الشريف أنه وفي ظل غياب تام لقاعدة بيانات عن ذوي الإعاقة في اللواء فقد قامت الجمعية بإجراء مسح ميداني لحصر جميع حالات الإعاقة سواء كانت إعاقات طبيعية أو إعاقات لاحقة ناجمة عن حوادث، مبينة أن عدد حالات الإعاقة الطبيعية يزيد على 1300 حالة وعدد حالات الإعاقة اللاحقة يتجاوز 800 إعاقة وجميع هذه الحالات تفتقد للرعاية المستمرة.


وتضيف أن الجمعية خلال السنوات الماضية نفذت حملات توعوية وحملات لكسب التأييد لإنشاء مركز حكومي متخصص وهو ما أسفر عنه لاحقا طرح عطاء إنشاء مركز المنار للتأهيل  والذي بوشر العمل بإنشائه قبل عامين إلا أنه توقف قبل 6 أشهر من دون أن يكتمل، لافتة إلى أن  أصحاب الإعاقات وذويهم يعيشون معاناة حقيقية جراء عدم القدرة على الحصول على الرعاية اللازمة في ظل بعد المراكز المتخصصة المتاحة والكلف التي تترتب على إرسال أبنائهم إلى تلك المراكز.


وتضيف، أن عددا قليلا من أصحاب الإعاقات أسعفتهم أوضاعهم المادية على المضي قدما في تلقي برامج علاجية وتأهيلية في حين أن الغالبية العظمى محرومون من تلقي الرعاية، موضحة أن إنشاء مركز متخصص في المنطقة سيكون له أثر كبير على الواقع الذي يعيشه ذوو الإعاقات في اللواء. 


وتضيف أن الدور المهم الذي تقوم به مراكز التأهيل هو الكشف المبكر عن حالات الإعاقة والتي تتيح تقديم العلاج بوقت مبكر قبل تطور الحالة، إضافة إلى التأهيل العقلي والجسماني وتوفير المواصلات بشكل مجاني للمعاقين، الأمر الذي سيحد من معاناة الأهالي ويمنحهم الفرصة لتقديم الرعاية لأبنائهم، مشيرة إلى أن الخدمات التي تقدمها المراكز المتخصصة ستكون بوابة عبور لدمج المعاقين في المجتمع.


من جانبها، أوضحت وزارة الأشغال العامة والإسكان أنه تم فسخ عقد المقاول المنفذ لمشروع بناء مركز المنار للتأهيل في أيار (مايو) الماضي، لعدم تقيده بتعليمات المهندس المشرف، من تصويب وضع أعمال مخالفة للمواصفة أو تقديم فحوصات واعتمادات للعينات وإزالة مواد مخالفة وغيرها وعدم التزامه بتأمين الكوادر الفنية اللازمة لتنفيذ الأعمال واستمرار غياب الكادر الفني دون مبرر، إضافة إلى أنه لم يقم بتكثيف الجهود والأيدي العاملة وتقديم خطة وبرنامج عمل حسب الأصول.


وأضافت ردا على استفسارات "الغد" حول توقف العمل ببناء مركز التأهيل، أنه تم إشعار المقاول بضرورة تصويب الوضع مرارا وتكرارا سواء من قبل "المهندس" أو من قبل "صاحب العمل" والتأخر في إنجاز الأعمال دون مبرر واضح، إذ إن نسبة الإنجاز لا يتجاوز 54 % ونسبة المدة المنقضية هي 30 % من مدة تنفيذ العطاء الأصلية ما استدعى فسخ العقد، مشيرة إلى أنه يجري حاليا إعداد وثائق لطرح عطاء استكمال الأعمال بالمشروع.

 

اقرأ أيضا:

"دورات المشاريع" بالغور الشمالي تنشل أسرا من الفقر ومطالب بتوسعتها لتعميم الفائدة